باريس "المسلة" …. عادت الحياة على امتداد نهر السين لطبيعتها، عقب تسجيل معدلات سقوط أمطار، وفيضانات، قياسية خلال فصل الربيع. لتعود السفن التي تحمل السياح للتنقل عبر النهر، كما جرت إعادة فتح كل من متحفي اللوفر والأورسي. فضلاً عن عودة المطاعم والنوادي الليلية الواقعة على طول خط النهر للعمل.
وفي اليوم ذاته الذي ارتفعت مياه نهر السين لأعلى مستوياتها في باريس، وبالتحديد في وقت مبكر من شهر يونيو الحالي، وذلك بما يعادل 20 قدما فوق المعدل الاعتيادي، جرى افتتاح معرض فني تتناول موضوعاته جزر نهر السين، وقد أخذ مكانه بمركز بافيليون دي أرسنال الواقع في ضفة النهر اليمنى.
وقد لا يوظف المعرض، الذي يستمر حتى الثاني من شهر أكتوبر المقبل، الكثير من التكنولوجيا، وذلك لغياب التجارب التفاعلية التي يمكن للزوار الانخراط فيها، والإرشادات الصوتية متعددة اللغات، بيد أنه، وبالمقابل، يزخر بالقصص.
خلفية تاريخية
فقبل عدة قرون، ترامت أكثر من 300 جزيرة على امتداد نهر السين الذي يصل طوله إلى 482 ميلا، بدءاً من منبعه المتمثل في أراضٍ غامضة شمال شرق منطقة بورغندي الفرنسية، ووصولاً إلى محطته الأخيرة في ساحل النورماندي. غير أنه لم يتبق منها سوى 117 جزيرة، وذلك بفعل تدخلات الإنسان، وقوى الطبيعة.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن معرض «جزر نهر السين» يضم حوالي 32 جزيرة من تلك الجزر، بحيث تشكل أرخبيلاً متناثراً للصناعة، والثقافة، والسكن، والاستجمام، وقد جرى توثيقها عبر سلسلة رسومات لفنانين، من أمثال فان غوخ، ناهيك عن طريق ذكرها في قصص روائيين كإميل زولا، وجوستاف فلوبير.
وقالت القيّمة الفنية على المعرض، المهندسة المعمارية ميلينا تشاربيت: «إن الجزر أشبه بقلادة لؤلؤ للطبيعة التي تزين النهر، فلكل حبة لؤلؤ حياتها المتفردة، وهويتها الخاصة. كما أن هنالك جزراً من صنع المخيلة، لم تكن موجودة على الإطلاق، وبالمقابل جزراً لم تعد موجودة».
أشهر جزيرتين
تقع أشهر جزيرتين، وهما إيل دو لا سيتي والجزيرة الأخرى الأصغر حجماً إيل سانت، وسط باريس، حيث نشأت المدينة خلال العصور القديمة.
ومن شأن جزيرة «المدينة» أن تصبح أحد أوائل الأمثلة على التخطيط العمراني في فرنسا، بمنازلها الريفية الأنيقة، وقصورها التي شُيّدت خلال القرن السابع عشر. وفي إشارة للحداثة، كانت الجهة الخارجية للمنازل تطل على نهر السين، عوضاً عن إطلالتها الداخلية جهة الفناء الأمامي، والشوارع الداخلية.
لقد هدم البارون هوسمان معظم الأحياء القديمة في جزيرة المدينة، كجزء من بنائه لباريس بدعوى التقدم. وصادر وهدم المنازل التي تعود للعصور الوسطى، لبناء مقرات رئيسية جديدة لـ «حرس باريس»، و«فير بريدج»، وهي مبان شاملة لا تزال تشغلها قوات الشرطة في باريس.
خروج رينو
تقع على الحافة الغربية الجنوبية لمدينة باريس جزيرة «إيل سيغوين»، التي كانت مقر شركة مجموعة رينو لصناعة السيارات، وذلك لمعظم فترة القرن العشرين، وعملت الشركة على بناء ما أصبح أكبر مصنع لفرنسا هناك، وقد ضم قوة عمل تصل إلى 300 موظف. لكن تم إغلاق المصنع عام 1992، مع إزالة المبنى عام 2004، وأعقبه في العام الذي تلاه، 2005، تطهير شامل للتربة، مع إزالة الأسبستوس.
وحالياً، يدير المهندس المعماري الفرنسي، جين نوفيل، مشروع تطوير مستدام للجزيرة، سيشمل المكاتب، والمحال، ووسائل النقل، والأنشطة الترفيهية، فضلاً عن أسطح المباني الخضراء، وإعادة استخدام مياه الأمطار.