دمشق " المسلة " … منذ الأزل وحتى يومنا هذا لا تزال مدينة يبرود بكنوزها الأثرية من كنائس ومساجد ومقامات ومقابر قديمة تتلألأ في قلب جبال القلمون راوية قصصا لاتنتهي عن انساب ما قبل التاريخ.
وتعتبر كهوف وادي اسكفتا من أقدم الملاجئء حيث دلت التنقيبات الأثرية فيها على انها مرت بفترات متتالية خلال العصر الحجري القديم الذي يسمى الباليوتيتك والوسيط الذي يدعى الميزوليتيك والحديث النيوليتيك كما عثر فيها على أدوات حجرية وبقايا حيوانات متحجرة تدل على غنى المنطقة بالماء والحيوان والنبات.
وتقسم هذه الكهوف والملاجئ كما يقول الباحث الدكتور متريهاجيو اثناسيو الى ستة مستويات ضمت بقايا مجموعات بشرية كثيرة في تطورها من الإنسان القديم.
ويضيف اثناسيو أنه في المدينة القديمة آثار بيزنطية وعربية واسلامية اما في الحي الذي يدعى حي القاعة فهناك آثار قصر ينسب الى زنوبيا ملكة تدمر وتسعة قبور تعود الى العصر البرونزي الوسيط ومساكن من العصر النحاسي اي الألف الرابع قبل الميلاد .
ومن كنائس يبرود القديمة كاتدرائية القديسين قسطنطين وهيلانة والتي تعتبر من أعظم كنائس القلمون شأنا وأوسعها رفعة وأجلها بيانات بحسب اثناسيو.
وكانت الكنيسة معبدا قديما وثنيا آراميا في الألف الأول قبل الميلاد مكرسا لإله الشمس ثم عدل الرومان بناءه في عام 64 قبل الميلاد ليصبح مستطيلا بحيث يتلائم مع هندسة المعابد الرومانية ثم اضيفت له حنية كبيرة مابينة عامي 212 و235م ومن ثم بدلت أعمدته بعضائد ضخمة كي تستطيع حمل قناطره التي تتجاوز سبعة امتار حيث كرس لعبادة مالك اليبرودي أو جوبيتر الشمس.
والمعبد مبني من الحجارة الضخمة التي اقتطعت من الجبال الصخرية المحيطة بمدينة يبرود بحيث يفسر الاختلاف الظاهر في أقسام الجدران الخارجية للكنيسة طريقة البناء العشوائي بحسب حجم الحجارة وعمليات الهدم والترميم فيها .
ويضيف اثناسيو أن مبنى الكاتدرائية الذي بني على النمط البازيليكي تعرض في العصر المملوكي للتهديم ومن ثم اعيد ترميمها مابين عامي 1832و1840 واقيمت فيها الصلوات بعد ذلك الا أن عمليات الترميم نالت من رونق الكاتدرائية وجمالها.
ومن كنائس يبرود كنيسة القديس اسطفانوس وهي كنيسة صغيرة الحجم نمطها بازيليكي وكنيسة سيدة النجاة المزخرفة من الداخل بزخارف نباتية وهندسية غنية جدا وكنيسة السيدة التي تعتبر صرحا عمرانيا كبيرا وتتصف بحداثة التصميم وجمال العمارة واقيمت على أنقاض كنيسة قديمة تعود الى القرنين الرابع والخامس الميلادين.
ويتابع اثناسيو أنه من بين الكنائس القديمة أيضا كنيسة الحبل الطاهر التي فرش سطحها بالقرميد المقاوم للثلج والمناخ القارس شتاء.
وتحوي يبرود إضافة الى الكنائس عدة أضرحة رومانية محفورة بالحجر يعود احدها إلى القرن الثالث وتظهر عند مدخله معالم نحت بارز يمثل أسدين مع أحد عشر مشهدا بالنحت البارز كما توجد أيضا أضرحة أخرى على يسار الطريق الموءدية إلى معلولا وآثار معبد بيزنطي محفور في الصخر على مقربة من بئر أستير.
وتطورت يبرود التي اشتقت اسمها من البرد والثلج الذي يغطيها شتاء كثيرا في السوات الماضية وانشأت فيها المصانع وارتفعت حولها الأبنية الحديثة التي اشيدت بطريقة جميلة بحيث تتجانس مع حجارة المدينة القديمة وتزيدها روعة وأصالة.
المصدر : سانا