اعلنت دائرة الاثار والتراث الثقافي في وزارة السياحة والاثار ان طواقمها العلمية قد قامت بتنفيذ حفرية علمية في قبر أثري يقع عند المدخل الجنوبي لكنيسة الخضر في مدينة الطيبة اذ كانت قد ظهرت فتحة القبر في نهاية أعمال التنظيف والتأهيل التي قام بها طاقم فلسطيني-فرنسي مشترك في الشهر الماضي.
واشار حمدان طه بأن القبر يتكون من غرفة مقببة مقطوعة في الصخر بعقد جملوني على الطريقة الرومانية، وأرضية القبرر مرصوفة بالفسيفساء، ومدخله على شكل فتحة البئر، وقد ظهرت أربعة مدافن رئيسية في القبر. وبعض المدافن مغطى ببلاطات حجرية، وتشير الدلائل الاثرية والعظمية الى مدفن عائلي مستخدم على مدار فترتين رئسيتين وهما الفترة البيزنطية المتأخرة والاموية والعباسية، مع بعض دلائل استخدام قد تعود الى الفترة الفاطمية المتأخرة. ويدل العدد الكبير للاسرجة المرفقة ربما الى طقوس اضاءة قبر المتوفى أو هدايا نذرية.
وتتشكل المرفقات الجنائزية من عدد كبير من الاسرجة الفخارية، وحلي شخصية تتكون من خواتم وحلق واساور وخلاخل، وكميات من الخرز تدل على عقود كانت توضع مع الاموات، وتعتبر الاسرجة المكتشفة أكبر مجموعة من الاسرجة تكتشف في قبر واحد اذ تزيد عن أربعمئة سراج، وتحمل الاسرجة البيزنطية زخارف هندسية ونباتية في محيط فتحة الزيت، ويحمل بعضها رسم الصليب أو رسم سعفة النخيل عند أعلى منطقة الفتيل. وقد ظهرت كتابة يونانية على بعض الاسرجة البيزنطية .
ويضم القبر مجموعة كبيرة من الاسرجة الاموية المبكرة والتي تتعاصر مع فترة قصر هشام في خربة المفجر من النوع المعروف باسم سراج خربة المفجر على شكل حبة الكمثرى.
وتتميز هذه الاسرجة بزخارفها الغنية والتي تشمل عناقيد العنب والورود وبعض مشاهد الصيد.
وتقع الطيبة على بعد 18 كم إلى الشرق من مدينة رام الله على الحافة الشرقية للمنطقة الجبلية الوسطى، التي تطل على وادي الأردن. تعرف الطيبة بالاسم القديم “افرايم”.
وقد وصفت في القرن الرابع الميلادي من قبل الأب يوسيبوس كبلدة تقع على بعد عشرين ميلا من القدس وخمسة أميال من بتين. وتظهر الطيبة في خارطة مادبا من القرن السادس الميلادي. وتم الكشف عن أرضيات فسيفساء تحمل نصا يونانيا وتيجان أعمدة من الفترة البيزنطية من قبل شنايدر سنة 1941 في كنيسة الروم الأرثوذكس. وعلى المنحدرات تظهر العديد من المقابر من الفترة الرومانية والبيزنطية.
وتعتبر كنيسة الخضر الواقعة على تلة مرتفعة إلى الشرق من قرية الطيبة أحد أهم المعالم الأثرية الماثلة للعيان. وتعود الكنيسة الأولى إلى الفترة البيزنطية. وتتكون من مجمع بناء ضخم (28-26 متراً مربعاً) من ثلاثة أروقة، ما زالت أجزاء منها محفوظة خاصةً في الناحية الشرقية للرواق الأوسط والجنوبي. أما مرحلة البناء الرئيسة الثانية في الكنيسة فتعود إلى العصور الوسطى.
وترتبط الكنيسة بشخصية القديس الخضر وهو قديس شعبي في فلسطين يكرمه المسيحيون والمسلمون على حد سواء. وتجري منذ سنة 2000 أعمال تنظيف وترميم في الموقع من قبل بعثة فلسطينية-فرنسية مشتركة. شملت اعمال تنظيف شاملة في الموقع والكشف عن بعض اجزاء الكنيسة وأرضيات الفسيفساء، كما شمل العمل ترميم بعض أجزاء الكنيسة، وتنقيبات انقاذية عند المدخل الجنوبي للكنيسة.
ويرمي المشروع الحالي الى تأهيل كنيسة الخضر في الطيبة كحديقة أثرية وسياحية مجهزة بالمرافق والخدمات، الى جانب خطة ادارة الموقع وتفسيره. كما يهدف المشروع ايضا الى تطوير امكانيات الموقع السياحية من خلال ربطه بمشروع تأهيل البلدة القديمة وانشاء متحف في الطيبة يروي تاريخ البلدة الحضاري. وقد أبدى أهالي الطيبة تعاونا كبيرا في هذا العمل وتخص الدائرة بالشكر السيد كنعان رئيس بلدية الطيبة والسيدة مريم سمعان على تعاونهم الكبير.