اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

إخلاص فرنسيس الكاتبة اللبنانية : عقب مجموعتها ” على مرمي قبلة ” تبوح بأحلامها وأوجاعها فى حوار مهم … أجرت الحوار فاطمة قبيسي

فى ندوة أتيليه القاهرة : د. شريف الجيار يناقش قصص إخلاص فرنسيس «على مرمى قبلة»

 

 

 

 

 

 

 

المسلة السياحية

 

-الكتابةً عشق ومن الصعب إقتحام المرأة عالم الإبداع في مجتمعاتنا العربية

 

– كل شخصيات قصصي مستمدة من الواقع ، والخيال يتدخل محاولا تغيره

 

 

-المرأة اللبنانية هي الصوت الحر والمعني الحقيقي للحياة والكون 

 

 

 

أجرت الحوار / فاطمة قبيسي

أخرجت مطابع القاهرة والعاصمة الأردنية عمان في توقيت واحد مجموعة قصصية بعنوان ( علي مرمي قُبلة ) أخر إبداعات الكاتبة اللبنانية إخلاص فرنسيس ، ومن المقرر ان تشارك الكاتبة في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجديدة في الثاني والعشرين من يناير الجاري ..وفي تقديمه للمجموعة ، وصف الكاتب الصحفي المصري المعروف مجدي الدقاق الكاتبة بأنها تكتب بحبر القلب ، وبهذه القصص ، وضعت قراءها علي حافة الشوق ، داعية علي لسان أبطالها لفكرها الأنساني، وحلمها في تجاوز العلاقات الإنسانية لأسوار الجغرافيا والدين والطائفة والحروب والكراهية ،وإستبدال كل ذلك بكلمة واحدة هي الحب .

 

ويلخص الكاتب والشاعر السوري البارز جميل داري في الغلاف الأخير رأيه عن المجموعة القصصية قائلا : إنها توقظ فينا أحلامنا التي ظننا أنها ماتت ، فإذا بها تدق النفير في آذاننا،وقد إستبد بِنَا هاجس اليأس والخيبة والمعاناة التي تبدو لا نهائية .

 

أهدت الكاتبةً قصصها ، إلي كل إمرأة محشوة روحها بحلم مبتور ، والي كل إمرأة إختنقت نبرة طموحها في سراديب الحرب ، والي ذلك الرجل غريب الأطوارالذي سقط سهوا من سطورها .

نحو سبع وعشرين عنوان لمجموعة قصصية إختارت الكاتبة عنوان قصة رئيسية فيها ، لتكون عنوان الكتاب والغلاف الرئيسي ، لتضع القرّاء جميعا علي مرمي الأمل في عالم يعيش في سلام وحب .. وفي هذا الحوار محاولة لفهم عالمها الروائي ، ورسالتها التي تريد إيصالها لقراء عالمنا العربي .

 

 

– متى بدأ عشقك للقلم ..وهل كان اكتشاف الموهبة شخصيًّا ..أم هناك من اكتشف موهبتك.. وهل وجدت صعوبة في كونك امرأة في اختراق هذا الفضاءالواسع ؟

 

= الكتابة عشق، لكن من نوع آخر، كثيرًا ما نقع في الحبّ دون أن ندرى، تظهر علينا علامات الحبّ، لكن لا نستطيع تفسير تلك المشاعر، وغالبًا لا نفهمها، كذلك في الكتابة والقلم. نغرم، نعشق، تتزاحم الكلمات في صدرونا، والأفكار تتلاطم في الرأس تبحث عن مخرج إلى أن يأتي حدث ما يحرّك هذا البركان الهامد ، ليطفو على السطح، وتتطاير حممه، لتصل إلى أبعد من الريح.

 

لقد كنت أكتب بعض الخواطر والأشعارعلى صفحات التواصل الاجتماعي، وكان بعض الأصدقاء يتابعني ويشجعني، منهم شعراء وكتاب وأساتذة لغة عربية ، ورأوا لديّ موهبة، أشاروا إليها، وشجعوني لأستمرّ.

 

وكوني امرأة تقتحم مجال الكتابة يكون أصعب في المجتمعات الشرقية خاصّة إذا كانت تكتب شعر الغزل والحبّ والرومانسية وما إلى ذلك، فالمجتمعات الشرقية ما زالت حتى الآن تجد حرجا كبيرا في خوض المرأة مجال كتابة الغزل، وكوني لبنانية كان يُنظر إليّ كوني أكثر انفتاحًا، لأنّ المرأة اللبنانية هي أكثر النساء انفتاحًا في العالم العربي، لكنّ الرجل العربيّ لم يتعوّد أن تكون المرأة ندًّا له بل كلّ فكره أنّها جارية .

 

 

– القصة.. الرواية.. الشعر.. ما أحبُّها إلى قلبك .. وأيّ نوع من الكتابة تجدين فيه نفسك ؟

= أنا فراشة ونحلة، في حديقة مترامية الأطراف، لكلّ من الشعر والقصة القصيرة، والرواية مذاق ولون خاص إضافة إلى المقالة الأدبية. إنّ القلم والحدث هو الذي يقودني في معظم الأحيان، أحبّ الحياة، وأحبّ أن أعبّر بأسلوب تطفو عليه الألوان، لهذا أقول” أنا فراشة ونحلة عاملة، لا أحبّ الروتين، ولا أسكن زهرة واحدة.

 

الشعر هو تلك الومضة الباطنية التي تخرج إلى النورعلى شكل جرعة مكثّفة من العواطف، فيها ما قلّ ودلّ، يتحسّس الكاتب طريقه بها عبر قنوات الإحساس كالأعمى الذي يسير وحده في أزقّة المدن المكتظة وبيده عصا يتّكئ عليها، كما القلم بيد الشاعر حتى يصل إلى المكان المنشود مشحونًا بطاقة إبداعية، لينقلها بدوره إلى القارئ بكلّ شفافية.

 

أما القصة القصيرة فإنك في جلسة واحدة تعيش الحدث مع شخصيات قليلة، كتابتها صعبة جدًّا، لأنّ الكاتب عليه أن يختصر الحدث سواء كان كبيرًا أو صغيرًا في نصّ صغير، ليعطي القارئ الزبدة من القصة مع ما تحمل من تشويق وما إلى ذلك.

 

و الرواية فهي المحيط المترامي الأطراف، والملعب الكبير الذي ممكن أن يدخله الكاتب على شكل فريق، وحكم ولجنة تحكيم.والرواية تعطي المساحة للكاتب للتعبير جملة تفصيلًا، وتعطيه الحقّ في دخول أماكن لا يدخلها من خلال الشعر أو القصة القصيرة والمقال.

الرواية مزيج ما بين سرد لواقع معاش وبين مخيلة الكاتب، وما يريده للقارئ .

هنا أحبّ أن أشير إلى قول قرأته لنيتشه : ” تبلغنا الأصوات، ولا نبحث عنها، نأخذ منها، ولا نسأل عن هوية الواهب، مثل برق تنبثق الفكرة فجأة وفق ضرورة مطلقة من دون تردّد أو بحث، وما كان عليّ القيام بأيّ اختيار أبدًا”

 

ومن الممكن أن يختارك موضوع معين هوالذي يختار ولست أنت من تختارين؟ بما أنّ كلّ الأبواب والأنواع الأدبية مفتوحة أمامك؟

إنّ الموضوع يختارني كما أسلفت، مثلًا في هذه الأيام أصحو وأنام على أخبار الأحداث اللبنانية، فتعيدني إلى سنين مضت، إلى الحرب الأهلية اللبنانية التي عايشتها، والتي كانت السبب في قمع طفولتي واغتصاب شبابي، ورمتني في غياهب الغربة.

 

أتألّم، فأكتب الشعر مساء لأنّه تعبير مكثف عن حالة معينة أريد من خلالها أن أوصل رسالة إلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية، إلى الشاب والشابة في وطني أنا بالرغم من غربتي أعيش واقعكم كلّ لحظة، وفي الصباح أستيقظ لأرى سيدة تنتفض، فتنتفض روحي معها، وتعيدني لأكتب قصة الشابة المناضلة التي قتلت الحرب حلمها، واغتالت الحبّ في صدرها، فقط لأنّ حبيبها كان من طائفة أخرى.

 

– بما إننا دخلنا في الحدث اللبناني.. ماذا تعني لك الثورة اللبنانية ..وكيف ترين دور المرأة وتأثيرها في الاحداث ؟

= في غمرة الأحداث التي تملأ الشارع اللبناني منذ 42 يوما، وفي ظلّ الفساد المستشري بين رموز السلطة ، أجد المرأة اللبنانية المعنى الحقيقي للحياة والكون، والصوت الحرّ.

 

إنّ المرأة اللبنانية أثبتت يومًا بعد يوم أنّها المحرّك الرئيسي الذي يدفع الكبار والصغار نحو مستقبل أبهى وأجلّ. إنّ هذا الكائن العاطفيّ بتركيبته يفكرويتصرف بقلبه أثبت أنه يحمل من المسؤولية ما لا يحمله كبار الساسة، وأن باستطاعة المرأة اللبنانية أن تحول مجرى التاريخ، وجديرة بتقرير المصير. كما تمسك بزمام وإدارة شؤون بيتها تستطيع بكلّ أمانة إدارة بلد وثورة.

 

لقد زعزعت المرأة اللبنانية كلّ فكر سيّئ عنها، وفرضت هيبتها داخليًّا وخارجيًّا. المرأة اللبنانية أيقونة النمو والتطور، تخوض معركة الحياة، تُجرح تُدمى، لكنها تخرج أجمل مما كانت بعد كلّ معركة.

 

المرأة اللبنانية هي اللغة الأمّ المحكية المنطلقة أبعد من حدود جغرافية وطائفية مرسومة، اختارت الانتفاض على الانقسامات، وعبّر من خلالها اللبنانيون عن آمالهم. أخرجتهم من قوقعتهم، نفضت عنهم صدأ الطائفية، وكانت التعبير الحقّ عن لبنان بكلّ فئاته.

 

لقد خلقت المرأة اللبنانية جسدًا حيًّا برغم الدمار، وطنًا حيًّا ينتمي إليه الكلّ، وطن مساحته ١٠٤٥٢ كلم مربع بوسع الأرض والكون، أنا أحيي كلّ امرأة لبنانية رفعت اسم لبنان من شماله إلى جنوبه، ومن بقاعه إلى بحره، ولهنّ أقول: أنتنّ الحياة، لا ترضين بأقلّ من حياة كريمة.

 

– بعيدًا عن الكتابة ماهي اهتماماتك؟ وهل تجدين مواضيعك من خلال اهتماماتك اليومية؟

= بعيدًا عن الكتابة أنا امرأة عادية أهتمّ بمنزلي وأسرتي، لي شغلي في التعليم الذي أحبّه، والتعامل مع الأطفال إحدى هواياتي، إضافة إلى السفر والقراءة ورياضة المشي.

 

– أين أنت؟ حواراتك مع ذاتك، الطبيعة، علاقتك بالخالق؟

= أين أنا …. سؤال كبير، أنا في كلّ حرف أكتبه، في كلّ زهرة ترفع رأسها حرّة نحو الشمس. لقد امتزجت روحي مع الطبيعة منذ الطفولة، ربيت في أحضانها، وخلعت عليّ ألوانها. هي شغفي، وهي الأمّ الثانية، من أحضانها أستمدّ مادتي، يحاكيني الشجروالغيم والبحر، أطمئنّ لها، لا غدر في الطبيعة ولا تشويش بل انسجام تامّ. ألوان الحبر أستمدها من الطبيعة، أنا الإنسان الداخليّ الذي يحمل أكثر من هذا الجسد الصغير.

 

الحوار مع الذات لولاه ما استطعت أن أتوجّه للآخر، المصالحة مع الذات والخالق هي الأساس لكلّ علاقة مع الآخر أيضا. علاقتي بالخالق عشق من نوع آخر، هو مصدر المحبّة، ومنه أستطيع أن أحبّ الآخر، وأقبله برغم اختلافه، لأنّ الخالق قبلني بكلّ ما فيّ من عيوب، يراني بمنظار عينه المحبّة، لذا أرى الآخر من خلال ما يراني الله به.إنّ الله خلق البشر طائفة واحدة، لكن جشع الإنسان وحبّ السيطرة والتسلط قسمهم إلى طوائف متناحرة.

 

هل تكتبين لمجرد الكتابة ..هل كتاباتك لهدف معين أم هو الإلهام في أيّ لحظة ؟

= أعتقد من خلال كلّ الأجوبة السابقة أستطيع تحديد إن كنت أكتب لمجرد الكتابة أو كاتبة مناسبات.

أنا لست كاتبة مناسبات أبدًا، أتعب وأضطرب إن طلب منّي أن أكتب عن مناسبة ما. ما لا أشعر به لا أستطيع الكتابة عنه، لا أكتب لمجرد الكتابة، ولا أصفّ حروفًا وكلمات، لكن يجب أن أعيش الحالة، أشعر بها تؤثّر بي بطريقة أو أخرى، تخترقني، تشقّ أعماقي، لأكتبها. هي فترة اشتعال واحتراق الحروف على الورق. الإلهام ممكن، في كلّ لحظة يأتي، وممكن أن يفارق فترات متباعدة…وأنا رهن إشارته، أكون وأستجيب لنداء مشاعري أولًا وأخيرًا.

وأحياناً بحالة إلهام لموضوع معين تتم ، نعم صحيح ، أحيانًا يكون الألم أكبر من الحروف والكلام، وأكبر من الإلهام، فتعاندني الكلمات، وأصاب بحالة عجز مؤقت.

 

حدّثينا عن الطقوس وقت الكتابة ؟

= للكتابة طقوس، تبدأ في إشعال الروح والإحساس بفكرة معينة تأتي ربما من قراءة أو صورة أو قطعة موسيقية، أو ربما من ذكرى وطيف عابر في سماء الفكر، أو من دمعة أمّ على ابنها الشهيد، أو من عناق الأصابع يوم اللقاء ويوم الفراق، من رائحة الأرض بعد أول مطر.

 

لا طقس معين وقت الكتابة، ممكن أكون وراء عجلة القيادة، أوقف سيارتي، وأكتب، وممكن أن أكون آخر الليل في السرير تأتي الفكرة، أقوم احترامًا لها، أسكبها على الورق” التلفون” أو أتحدّث مع صديقة جميلة ترسل لي وردة، فأكتب فيها مقالًا، وما إلى ذلك.

 

لا مكان ولا زمان ولا طقس معين بل هي حرية، تأتي حرّة، أتجاوب معها وأكتبها.

 

هل من وجع ومخاض وقت الكتابة ؟

= من لا يعرف وجع المخاض لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال، وحدها المرأة تعلم كم هو صعب أن تُخرج إلى الحياة حياة أخرى بحرص شديد.إنّ الأمّ ساعة الولادة تكون في ذروة الوجع، لكن همّها الوحيد هو سلامة الوليد. المرأة تعرف أنه في ساعة الولادة هي أقرب إلى الموت من الحياة، ومع ذلك تكرّر الولادة ، لأنها بغريزة الأمومة تنسى الوجع حين ترى وليدها أمامها يبتسم مليئًا بالحياة، وهكذا بالنسبة للكتابة، مخاض ووجع خاصّة لمن يكتب وهو منصاع لعواطفه وصدق مشاعره.

 

إلى أيّ فئة من القرّاء تتوجّهين؟ وهل يوجد قارئ جيد؟ وكيف يمكن إعادة تفعيل اهتمام الناس بالقراءة؟

=الكاتب بداية لا يتوجّه إلى فئة معينة، ولا يضع أمامه فئة دون أخرى، لكن نوع الكتاب أو العمل هو ما يحدّد نوع القارئ. كلّ كاتب يتمنّى أن يُقرأ من كلّ الفئات. هناك من يقرأ الشعر وأولوياته الشعر، وهناك من يفضل القصة القصيرة، وهناك من يستسيغ الرواية.

 

هناك قارئ جيد.. نعم، القارئ الذي يقرأ ليس فقط لقتل الملل، لكن لأنه يُحبّ أن يتعرّف إلى عالم آخر. من خلال القراءة يستفيد، لأنّ القراءة هي مدرسة أخرى، تفتح لنا نوافذ جديدة، وتتيح لنا أن ندخل عالم الكاتب، نرى العالم من زاوية مختلفة من وجهة نظر أخرى، يعبّر عنا، يحكي قصّتنا، ويكتب مشاعرنا التي لا نستطيع أن نكتبها، يكتب قصة وطن أو قصة حبّ، يكتب تجربتنا وحياتنا.

 

أما عن إعادة تفعيل اهتمام الناس بالقراءة فعلينا أن ندرّبهم من الصغر على القراءة، أن يرى الطفل والديه وبيدهما كتاب، فالولد يقلّد والديه، يقلد الناس من حوله.

 

إنّ تفعيل القراءة تبدأ من البيت والمدرسة، على المدارس أن تشجّع القراءة بإعادة الكتاب إلى الطاولة، وتشجيع التلميذ على دخول المكتبة، بعرض مادة تعنيهم، وتكون هناك حلقات قراءة في المدرسة، ونقاش حول الكتب، ندوات حول كتاب معين كلّ أسبوع في مكتبة المدرسة، وفي الجامعة.

 

ما ينشأ عليه الإنسان يصاحبه في كلّ مراحل حياته، إذن الأساس هو المهمّ، لا يمكن أن نبني منزلا من السقف، لكن يجب أن نضع حجر الأساس، نحفر الأرض، وننزل بالأساس إلى المكان الصلب، وهذا المكان الصلب هو العائلة في الغرب، يُعلمون الأمّ الحامل أن تقرأ لطفلها قبل الولادة، وهكذا الأمّ تصقل إذن طفلها، وتعوّده على سماع القصص، ويكون الكتاب هو أحد أفراد الأسرة.

 

-الرجل في قصصك من هو؟ ماهي نظرته للمرأة بشكل عام؟

=سؤال مهمٌّ جدًّا، من هو، وما هي نظرته للمرأة بشكل عام؟ الجواب واسع جدًّا، والشرح بالموضوع يطول، أحبّ أن أنوّه أولًا أنا أستقي شخصياتي من أرض الواقع، أشتغل عليها بكلّ واقعية، أصورها كما هي أولًا، طبعًا لي أمنيات أن أعمل على الشخصية، أنهض بها مما هي عليه إلى حالة أفضل كما أشتهي وأريد، لكن الخيال يقتله الواقع.

 

الرجل في قصصي هو الرجل الشرقيّ من المجتمع الشرقي، منهم الشهم والمحبّ والمتكبر والبغيض والمغامر، ومنهم الشهيد والمظلوم والظالم، لكن أحبّ الرجال إلى قلبي هو ذلك الرجل الذي يعرف أنّ الرجولة مسؤولية، والذي يرى المرأة معينًا وسندًا وندًّا وليست جارية، من يرى المرأة، ويتعامل معها على أنّها امرأة حرّة تساويه في الفكر والعمل والثقافة والذكاء، الرجل الذي يحترم عقل المرأة، ويرى جماله قبل جمال وجهها، الرجل الذي يخاطب الفكر والروح لا الجسد.

 

هذا هو الرجل الذي أريد أن أرسمه، وأدافع عنه في قصصي.نعم هذا الرجل موجود، لكن نريد المزيد منه.

 

-أيّ من الأدباء له التأثيرعلى كتاباتك؟

=أقول وأكرّر أنّ جبران خليل جبران هو السحر الذي لم ولن أنفلت منه شئت أم أبيت، ولكن هناك اخرون أيضا أخصّ بالذكر بعضاً منهم، الشاعر محمود درويش الشاعر الفلسفي الذي كتب الوطن والحياة والحبّ بأسلوب لم يسبقه أحد، الذي سجى الموت في تابوت النعناع، أصبح الموت شهيا، جعلني أشعر بالانتماء إلى شيء ما كلما قرأته، الوطن الموت والحبّ، وأنا أسير في جنائن قصائده، الأسلوب السهل الممتنع، أقطف الفاكهة التي تعيد الشباب الى الجسد الذي ينخره الوجع، وتفر من بين سطوره حمامات السلام، وأناشيد ترانيم الحبّ الذي تخطى الحرب والعنصرية في الوطن الصغير، المنفي في هوية الحبّ، والحي في حادث الباص، تنتظره الحبيبة في حديقة الشتاء، ومعاً تمنى لو يمضيان، لكنها مضت حافية، وهو أدركه الرحيل، مختبئاً وراء الأُلم حيناً ووراء الحظّ أحيانا!

 

مي زيادة، الفتاة الشرقية نذيرة الحبّ، وكانت مثالا يُحتذى للأمانة، تعلّمت منها سكب الوجع على الورق والدم والسكينة مداد قلمي.

 

غادة السمان كسرت التابوهات، واستخدمت قلمها لتكتب أوجاع الوطن والمرأة.

 

-تميز عملك الأول رواية “رغبات مهشّمة” بمناقشة قضية شائكة خاصة بالمرأة، وكسرتِ من خلالها عدّة تابوهات، منها الحبّ المقيد بقيود الأعراف، ومن خلالها كانت الدعوة للحرية ضدّ العبودية، ولرفض كلّ أنواع الظلم والظلام، والآن عمل جديد مجموعة قصصية بعنوان “على مرمى قُبلة”.. هل لك أن تحدثينا عن أبرز الملامح التي تناقشها المجموعة؟ وما هي رسالتكِ من خلالها للقارئ؟

 

رواية “رغبات مهشّمة” كانت رواية واقعية تعالج مشكلة تخصّ المرأة والرجل بشكل عام، وإن كانت تبدو المرأة هنا هي المعنية أكثر فقط لأنها امرأة، ولأنّ الأنظار تتجه نحوها في كلّ كبيرة وصغيرة.

 

كسرت التابوهات نعم، كيف فأنا كنت أمينة في نقل الواقع، كنت أقف إلى جانب الحبّ.. نعم، فبدون الحبّ والتفاهم الفكريّ والروحيّ لا تمتدّ العلاقة ولا تنجح.

 

أردت تسليط الضوء على الحرية المسلوبة من الرجل والمرأة على حدّ سواء، متى سُلب من الإنسان الحقّ في اتخاذ القرار سلب من حريته وإنسانيته.

 

“على مرمى قُبلة” هو نقل آخر للواقع في قصص قصيرة، نتصدم بها في كلّ يوم، وكشف عن مواطن الضعف والكراهية، الوجع، والمرض، في المجتمع ليس الشرقيّ فقط بل في كلّ مجتمع، فهي قصص منقولة من بلاد مختلفة، ومحاولة معالجة تلك المشاكل بالكشف عنها، ومعالجتها بتقديم الحبّ، ونشر رسالة السلام بين البشر، والحبّ إن تصدم به البشر فلا بدّ أن يحلّ عليه من روحه أيْ روح الحبّ، ويخرج الإنسان من المعركة لا كما دخل فيها.

-هل اعتمدتِ في قصصك على رؤى واقعية من أحداث حقيقية؟

= إنّ القصص تقريبًا كلّها من أرض الواقع، طبعاً هناك تدخّل للخيال والروح فيها، لكن أستطيع أن أقول: نعم.. الكلّ له واقع، نستند إليه، وليس فانتازيا، ولأنّ هدفي هو إصلاح الواقع فإني أنقل الواقع بكلّ ما فيه، وبكلّ صدق وأمانة.

 

ـ كلما قرأنا كتابا، قصة رواية أو شعرًا نتصوّر أنّ الكاتب هو بطل الأحداث.. إلى أيّ مدى هذا الكلام حقيقة؟ إن كان كذلك فإلى أيّ مدى حقيقي في كتابات إخلاص فرنسيس؟

= عندما يصل القارئ إلى مرحلة فيها يرى نفسه أو يرى الكاتب في الكتاب أو النصّ الذي يقرأه يكون له مصداقية تنمّ عن صدق الحالة التي نقلها الكاتب والفكرة التي أراد أن تصل إلى القارئ.

 

خيال الإنسان يريد شخصا كي يطبق عليه ما يقرأ، وأسهل شخص في التطبيق عليه هو الكاتب.

 

إنّ النصّ هو قطعة من روح الكاتب، هذه الكلمات التي نتفاعل معها، وضع الكاتب فيها من روحه، لهذا نراها حيّة أمامنا، ولأنّها تحمل روح الكاتب نعتقد أنّه هو البطل لكلّ رواية، وبطل لكلّ مأساة أو قصّة حبّ، وما إلى هنالك.إخلاص فرنسيس هي هذا البطل الروحيّ فقط تتقمّص الحالة بحبر الروح كي تنقل المشاعر أكثر مصداقية.

 

ـ إلى من تبوح إخلاص فرنسيس بكتاباتها؟

= ليتني أجد أقرب إليّ مني كي أبوح له، الكتابة بوح داخليّ من نفسي إلى نفسي، لكن بصورة عملية على الورق، عندما نبوح على الورق، هي مثل حالة الولادة أو حالة من حالات العلاج، أن ترى أمامك ما تشعر به، تتعامل معه على أنه كائن حيّ، تنقي، تربّي، تصحّح، تعالج…

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled