Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

الواقع والمأمول في السودان بعد انجلاء الحرب … بقلم د . السر علي سعد محمد

الواقع والمأمول في السودان بعد انجلاء الحرب ... بقلم د . السر علي سعد محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

المسلة – بوابة السياحة العربية

 بقلم : الدكتور السر علي سعد محمد

         اكاديمي سوداني

 

 

 

 

 

 

®® كان يمكن أن يكون الأمر حلماً، لكنه لم يكن سوى كابوسٍ ممتد. الحرب، تلك الكلمة التي كانت تُقال على استحياء في المقاهي وأروقة الوزارات، صارت خبز الناس اليومي. لم تعد مجرد أخبارٍ تُتلى في نشرات المساء، بل أصبحت تفاصيل معيشة: رائحة البارود، صدى القذائف في الليل، وجوه الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم. كان يمكن للحرب أن تنتهي منذ زمن، لكنها ظلت كالأفعى التي تبدّل جلدها، كلما ظن الناس أنها ماتت، عادت بلون جديد، بشكل جديد، وبأنياب أكثر حدّة.®®

 

 

 

العابرون في الخراب خرج الناس من جحيم الحرب كما يخرج المهاجرون من بلادٍ غارقة. البعض عاد إلى منازل لم يجدها، وآخرون لم يعودوا أبداً، دفنتهم الأيام في قوائم المفقودين، صاروا مجرد أرقام في دفاتر الأمم المتحدة. كانت الشوارع مليئة بالقصص، لكنها صارت مليئة بالصمت. الخرطوم لم تعد تلك المدينة التي يعرفها أهلها، وكأنها نفضت عن نفسها ذكريات الماضي وقررت أن تبدأ من الصفر، ولكن بأي ثمن؟

 

 

الأسواق خاوية إلا من الذين يبيعون ما تبقى من أرواحهم، السياسة مسرحٌ للوجوه ذاتها التي أتقنت فن الخطابة وعجزت عن الفعل، والناس، بين مصدّق ومكذّب، يتساءلون: هل انتهت الحرب حقاً؟ أم أنها فقط أخذت استراحة قصيرة؟

 

 

ما العمل؟ حين تنتهي الحرب، تبدأ حرب أخرى، حرب الأسئلة الكبرى: كيف يُعاد بناء ما تهدّم؟ كيف تستعاد الثقة بين أبناء الأرض الواحدة؟ كيف تُبعث الحياة في مؤسساتٍ أصبحت أطلالاً؟ هل يكفي أن يُعلن الساسة اتفاقاً في قاعة باردة ليعود الوطن كما كان؟ أم أن الجراح أعمق من أن تندمل ببساطة؟

 

 

الحقيقة أن السودان أمام لحظة نادرة، لحظة بين الرماد والبعث، بين الخراب والإعمار، لحظة يمكن أن تُهدر كما أُهدرت غيرها، ويمكن أن تكون بداية لحكاية جديدة. لكن لا شيء مجاني، ولا شيء سهل. هذا وطنٌ يحتاج إلى من يبنيه بصمت، لا بمنابر الكلام. يحتاج إلى من يحرث أرضه، لا من يبيعها، يحتاج إلى مدارس ومستشفيات أكثر من حاجته إلى مؤتمراتٍ صحفية ووعودٍ مكررة.

 

 

النهاية… أم البداية؟ في النهاية، السودان ليس مجرد أرض، ليس حدوداً على خريطة، هو حكايةٌ من آلاف السنين، ومن يقرأ التاريخ يعرف أن هذه الأرض لا تموت. لكنها أيضاً لا تُمنح الحياة مجاناً. فهل يكتب أهلها فصلاً جديداً؟ أم يتركون الأمر للأيام؟

 

على جوجل نيوز

 

#السودان #إعادة_الإعمار #ما_بعد_الحرب #السلام_المستدام #الأزمة_السودانية #التنمية_والإصلاح #السودان_الجديد #إعادة_البناء #الوحدة_الوطنية #المستقبل_السوداني

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله