سعيد جمال الدين يكتب .. السيسى ..هل يكون حاكماً بأمر الله ؟!
بقلم : سعيد جمال الدين …
اليوم تتجه أنظار العالم تجاه مصر وتحديداً صوب المحكمة الدستورية العليا حيث يقف المشير عبد الفتاح السيسى ليؤدى اليمين الدستورية أمام قضاة المجكمة الدستورية ليكون الرئيس السابع الذى يتولى شئون البلاد ( مصر) بعد تحويل مصرنا من الحكم الملكى إلى الحكم الرئاسى فى أعقاب ثورة يوليو المجيدة عام 1952 .. تتعلق بعد أداء السيسى لليمين الدستورية آمال كل المصريين مؤيدين أو معارضين للرئيس الجديد لإنقاذ البلاد ممن تعانيه منذ سنوات عديدة من الفقر والجهل والمرض وهى العوامل الثلاثة التى " تجيب رأس أضخم دولة للأرض " .. أمال كثيرة يحلم بها كل مصرى فى أن يرى بلاده تحصل على كل ما تستحقه من حقوقها المهدرة بسبب أو بغير سبب.. كل منا يريد أن مصرنا العزيزة والتى ذكرها رب العباد فى كتابه العزيز أفضل وأحسن وصف ..
كما هى أحسن شعب أيضاَ.. لا أخفى سراً إذ تمنيت أن يكون الرئيس الجديد لمصر المشير عبد الفتاح السيسى ممن يتمسكون بالعروة الوثقى وأن يتحلى فى حكمة بالمواصفات الخاصة بالحاكم العادل كما نصت عليه أيات القرآن الحكيم فكلنا نعلم أن سياسة الناس وإدارة شؤونهم وتنظيم علاقاتهم وتوجيه سلوكياتهم من أعظم الأعمال في حياة المجتمعات والشعوب والحضارات والأمم فقد اقتضت سنة الله في خلقه أنه لا يصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم إلا ظل وجود الحاكم أو الأمير أو الملك أو الرئيس والزعيم فيقيم فيهم العدل ويدفع الظلم وينظم الحياة ويمنع الفوضى ويحافظ على الحقوق وينصح لأمته وشعبه ، يأمن في وجوده الخائف ويقوى الضعيف ويرتدع الظالم وتصان الأعراض وتعصم الدماء وتقام الحدود ويحفظ الدين فإذا لم يكن في حياة الشعوب والمجتمعات والدول من يتولى إدارة حياتهم تحولت إلى فوضى وصراعات واختلافات لا تنتهي ولا تقوم بعدها حياة.
ومتى ما كان هذا الحاكم قريباً من الخير ، قريباً من الحق كلما سعدت به أمته وأطاعته رعيته واجتمعت حوله القلوب ولهجت بالثناء عليه الألسن وخلد التاريخ ذكره وكتب له التوفيق والسداد وأجرى الله على يديه كل تغيير وتحول وإنجاز في حياة أمته وشعبه.
ولما كان الهدف من الحكم واضحاً ووظيفة الحاكم بينة وظاهرة وتقوى الله والخوف منه ومراقبته تملأ القلوب ظهر في حياة المسلمين حكام وأمراء وولاة ، حكموا وعدلوا ونصحوا وبينوا ما زالت مآثرهم إلى اليوم ، عدلاً ورحمةً وشفقةً بإمتهم وشعوبهم لأنهم أستشعروا هذه الأمانة وأدركوا أن السلطة تكليف وليست تشريفًا، فقد اختارهم الشعب وبايعهم بالرئاسة لكفاءتهم، وبايعهم على السمع والطاعة، وجعلهم وكلاء عنه في حماية أمور الدين وتدبير شئون الحياة، ومن حق الشعب أن يراقبهم ويحاسبهم، أو يعزلهم إذا انحرفوا فهذا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- يأمر بالعدل يقول عندما استلم الحكم: فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم.
ولم تكن العلاقة بين الحاكم والرعية قائمة على الخيانة والتآمر وعدم الثقة ولم يكن هناك عنف أو استبداد أو ظلم أو تعدٍ على الحقوق أو تنصل من الواجبات ولا هناك تعذيب ممنهج وسجون تحت الأرض وأجهزة قمع مختلفة لترهيب الشعوب ولكن كان هناك عدل وحزم وحب وكرامة .. لقد حوى القرآن كثيراً من الصفات واللطائف التي يتصف بها الحاكم المسلم التي يجمل أن يجعلها تاجاً على رأسه، وزينة فوق كرسي ملكه، إذ بها يرتفع شأناً، ويبلغ شاواً في الدنيا والآخرة. وهي صفات ولطائف يتحلى بها الحاكم المسلم سواء أكان خليفة أم ما دون…
1- الحاكم الصالح منصف عادل بعيد عن الهوى، قال تعالى: ﴿ يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى ﴾ [ص 26].
2- والحاكم الصالح مصلح متبع لسبيل المصلحين ومجانب لسبيل المفسدين، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف 142].
3- والحاكم الصالح نظيف القلب واليد، قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف 55].
4- والحاكم الصالح عابد مخبت ولو كان رفيع المنزلة عالي السلطان، قال تعالى عن النبي الملك سليمان عليه السلام: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص 30].
5- والحاكم الصالح لا يقبل الرشوة على الدين، قال تعالى عن سليمان عليه السلام لما أرادت بلقيس اختباره بهدية: ﴿ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا ءَاتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا ءَاتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾ [النمل 36].
6- والحاكم الصالح يأخذ بالأسباب ثم يتوكل على الله، قال تعالى عن ذي القرنين لما طلب منه المستضعفون أن يبني لهم سداً يحميهم من المفسدين: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ءَاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ [الكهف 95-97].
7- والحاكم الصالح ينسب الفضل إلى الله ويثق في موعود الله، قال تعالى عن ذي القرنين بعد أن بنى السد: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف 98].
8- والحاكم الصالح أمين مؤتمن لا يخون ولا يغدر، قال تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ [الأنفال 58].
9- والحاكم الصالح منصف لا يخشى الناس ولا تأخذه في الله لومة لائم، قال تعالى بعد أن مكن ذا القرنين من الناس في مغرب الشمس وحكّـمه فيهم وأظفره بهم خيّـره إن شاء قتل وسجن، وإن شاء منّ وأفدى، فقال ذو القرنين: ﴿ وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ [الكهف 88].
10- الحاكم الصـالح يؤدي الأمانة إلى أهلها ويحـكم بالعـدل بين النـاس، قال تعــالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء 58].
هذا هو الحاكم الذي لا يمكن أن يطالب بالرحيل أبداً .. وإن رحل عن الدنيا بقدر الله واجله فلن يرحل عن قلوب الرعية ويوم القيامة سيكون ملك عظيم وسيداً جليل يقف على يمين الرحمن الملك جل جلاله في جنات تجري من تحتها الأنهار.
إننى أبتغى من سرد هذه الصفات أن يتحلى " السيسى " بهذه الصفات لعل فتره حكمه تشهد تحقيق ذلك .. إن أريد الإصلاح ما أستطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .. وعلى الله قصد السبيل