Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

نحو نموذج لغوي عربي في المنظومة السياحية .. بقلم : أمل شفيق العمري

نحو نموذج لغوي عربي في المنظومة السياحية

 

بقلم : أمل شفيق العمري … بداية عندما أتحدث عن اللغة العربية فلست أمام لغة ما زلنا نسأل إذا كانت تستطيع استيعاب العلم الحديث وعالم السرعة والإنترنت والاقتصاد والسياحة، إنما سأعرض اليوم للسياسة اللغوية في الوطن العربي عامة وصولا للميدان السياحي خاصة؛ لأن العربية لغة ثابتة وهي لغة الوحي التي تختلف عن جميع اللغات الأخرى في أصولها النحوية والصرفية هذا من جانب، ومن جانب آخر هي لغة متطورة نامية من حيث أساليبها ومفرداتها ومصطلحاتها، لذا استطاعت عبر العصور أن تستوعب الفكر العالمي والحضارات العالمية، وقد مرت بتجربة تاريخية فكانت لغة الفكر والعالم يوما ما.

 

 كما نعلم فقد  “حظي التكوين السياحي بأهمية أخذت تتزايد يوما بعد يوم من قبل الحكومات نظرا لدوره في إعداد الكوادر البشرية المؤهلة والمتخصصة في السياحة، ذلك أن القطاع السياحي قد أصبح عاملا حاسما في تحقيق التوازنات المالية ومحركا للتنمية الحضارية والاقتصادية في معظم دول العالم” ، والواقع أن السياسة اللغوية في القطاع السياحي  ليست إلا انعكاسا لواقع يأبى أن يخفي نفسه عن الملاحظة؛ إذ إن حضور العربية في السياحة العربية لا يعدو حضورا تزيينيا سواء في التكوين أو التسيير أو التدبير، وفي كل مفاصل السياحة: النقل والإيواء والتنشيط والطعام والتعليم والتعلّم.

 

و عندما ينوي أحد الباحثين دراسة وضعية العربية داخل المنظومة السياحية أو التربوية فإنه سيجد نفسه أمام ظاهرة محاطة بكثير من التناقض؛ تناقض بين ما هو مسطر في النصوص القانونية والخطابات الرسمية من مبادئ وأحكام كنص المادة الثانية من الدستور الأردني وهو: أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلاد ، وبين ما نشهده في الواقع التربوي والتعليمي من تهميش وعداء باطني أحيانا للعربية على صعيد التطبيق والممارسة ،وبما أننا في طور تطوير السياحة العربية فلا يمكن للفعل السياحي أن يؤدي دوره المأمول اقتصاديا وثقافياً وتربوياً إلا إذا كان متخصصوه – على اختلاف رتبهم – ابتداء من المضيف في أي مؤسسة سياحية وانتهاء بالمسؤولين في القطاع – يحملون من المهارات التقنية والمعرفية ما يتيح لهم الإجادة وتقديم المنتج السياحي على أجمل صورة، من الناحيتين: الناحية المعرفية والناحية المهنية.

 
فالميدان السياحي يعطي الشكل الأكثر وضوحا وجلاء لغياب العربية، حيث تقوم المؤسسات الفندقية بتلبية طلبات السائح كيفما كان نوعها، دون استحضار الأبعاد الحضارية للشعب العربي المنبثقة من هويته الإسلامية، لنقدم أنفسنا نسخة مشوهة عن أصل منحرف نستخدم فيه كل الوسائل الممكنة واقعيا دون استحضار ثوابتنا الحضارية التي من أبرزها اللغة، بحيث ترتبط السياحة في أذهان المسؤولين والدوائر الوصية، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، بالبعد الاقتصادي أساسا فاعتمادا على المنطق النفعي الذي يقدم المنتج – الأردن مثلا – تغيب كل مقومات الهوية الوطنية ومن بينها العربية. و إذا كان للعامل الثقافي من دور فإنه لا يعدو خدمة الأول. وهذا ما نستشفه من خلال توظيف التراث والتقاليد والعادات الأصلية المرتبطة بالذاكرة الوطنية في جلب السياح و إثارتهم، و يتعمد استبعاد العربية في القطاع السياحي من التداول المجالي والمهني اعتقادا من الدوائر الوصية بعجز لغة الصحراء و القوافل عن مسايرة عالم السوق و التقنيات و الإنتاج والجذب السياحي. 

 
ويتجلى ذلك في مستويين اثنين :

 
أولا: مستوى التكوين السياحي: إذ تغيب اللغة العربية في العملية التعليمية التعلّمية داخل المعاهد والتخصصات الفندقية والسياحية المختلفة (التأهيل / التقنية / التعليم العالي )، و ينحصر حضورها في تزيين فسيفساء التعليم دون أن تعطى لها صفة اللغة الوظيفية التي تستعمل في تلقين المواد التقنية والتطبيقية. 

 
ثانياً: مستوى السلوك الميداني: فعند ولوج باب أي مؤسسة فندقية أو سياحية نلاحظ أن اللغة المستعملة في التداول المهني تكون عادة لغة أجنبية  اللغة الانجليزية أو الفرنسية في أغلب الأحوال ، يبدأ الأمر من المستندات التي يملأها السائح (الزبون) وما يتبعها من خدمات وصولا إلى النقاشات التنظيرية في أغلب الملتقيات والندوات والمؤتمرات بين مسؤولي القطاع السياحي ومتخصصيه. إذ تغيب العربية بشكل شبه مطلق، و تحضر لغة الآخر.

والسؤال المطروح هنا : كيف يمكننا العمل على تحديد مواصفات للغة عربية وظيفية داخل ميدان السياحة فانطلاقا من الواقع اللغوي السابق ذكره والذي يحكمه منطق التغريب والعولمة السلبية والمنفعه الاقتصادية وسعيا إلى كمال البناء النظري المؤسس للعملية التربويه كإحدى مظاهر العمل بمقتضيات النص الدستوري الذي تفرضه الدولة والهوية والدين؛ لابد من صياغة منهاج لغوي يعترف للغة الضاد بدور وظيفي تخصّصي لإدماجه في نسيج الميدان السياحي ومن أولى خطوات هذا المنهاج تحرير القدره التعبيريه للعربيه داخل قطاع السياحه .

 
لذا فالحديث عن لغة سياحيه عربيه يظل رهينا بمدى تطويع اللغة العربيه لاستيعاب الواقع بكل مفاصله وبشكل لا يتنافى مع نظام العربية أصواتا وصرفا وتركيبا ودلالة ولا يخفى على أي متخصّص في العربيه قدرة هذه اللغة على احتواء أي جديد في العلم والفن ففيها من الخصائص ما يمكنها من ذلك.

 
وتغيير مناهج مادة اللغة العربية في الجامعات والمعاهد السياحية لتخدم ميدان السياحة من حيث النصوص والتطبيقات لتصبح المواضيع والمفرادات والنصوص مرتبطة ارتباطا وثيقا بميدان السياحة وتخصصاتها من ذلك على سبيل المثال :الاهتمام بمكوّنات المنتج السياحي والفعل السياحي بجميع تفاصيله وموسوعيته فالسياحة ميدان تتقاطع فيه خيوط مجالية عديدة (من اقتصاد واجتماع وثقافة وسياسة وجغرافيا ومهن) مما يخلق تعددا ومفردات معجمية متنوعة دراسياً واستغلال العلاقة الإيجابية بين العاميه والفصحى لخدمة السياحة،والاستفادة من شبكة الانترنت والبث الفضائي والهندسة اللغوية في نشر العربية وتغذية القدرة التعبيرية للعربية داخل قطاع السياحه لاستيعاب تمظهرات هذا القطاع بجميع أبعادها.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله