مشروع ((إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر و العشرين الميلاديين))
مكتبة الاسكندرية تصدر أول ترجمة عربية كاملة لكتاب "مسألة الخلافة وجزيرة العرب"
الاسكندرية "المسلة" …. أصدرت مكتبة الإسكندرية أول ترجمة عربية كاملة لكتاب "مسألة الخلافة وجزيرة العرب" للشيخ أبي الكلام آزاد، وذلك في إطار مشروع ((إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر و العشرين الميلاديين)).
المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري و العلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري، كذلك المساهمة في إتاحة مصادر معرفية أصيلة وثرية لطلاب العلم و الثقافة داخل أوطاننا و خارجها، وأن تستنهض هذه الإسهامات همم الأجيال الجديدة كي تقدم اجتهاداتها في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة.
ويعد اختيار القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجريين/التاسع عشر و العشرين الميلاديين على وجه الخصوص رغبةً من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، و م تتجاوزها. وحيث الحقائق الموثقة تشير إلى غير ذلك، وتؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين.
ويُعتبر كتاب "مسألة الخلافة وجزيرة العرب"، من أهم مؤلفات الشيخ والعلامة الهندي أبي الكلام آزاد (1888م/ 1306 هـ- 1958م/ 1377هـ). طُبع الكتاب لأول مرة باللغة الأردية عما (1338 هـ/ 1920 م)، ويتناول واحدة من القضايا الكبرى التي شغلت بال المفكرين والمثقفين العرب والمسلمين منذ بدايات القرن الماضي، ويقدم العديد من الأطروحات والمناقشات حولها، رابطاً بين مسألة الخلافة وقضايا الجامعة الإسلامية ومقاومة الاستعمار.
وبالإضافة إلى مسالة الخلافة ركز المؤلف على أهمية بقاء الجزيرة العربية أرضاً إسلامية بحتة، بعيدة كُل البُعد عن سيطرة غير المسلمين لتوفر أساساً آخر لوحدة الأمة.
ينقسم الكتاب إلى عدد من الموضوعات وهي؛ الخلافة، والأئمة من قريش، وخلافة آل عثمان (لمحات تاريخية)، وواجب الدفاع عن الإسلام، والجزيرة العربية أو البلاد المقدسة، وأخيراً الترك والاختيار.
وتناول في موضوع الخلافة الأدلة التي تثبت وجوب لإقامة مؤسسة الخلافة، وتحدث عن الخلافة على منهاج النبوة، ثم وضح الفرق بينها وبين الخلافة الملكية، وذكر أن شخص الخليفة في فترة الخلافة على منهاج النبوة كانت تجمع جميع المناصب الدينية والدنيوية على غرار ما تجمعت في شخص النبي- عليه الصلاة والسلام- وسُميت هذه الفترة بالخلافة على منهاج النبوة وكانت مظهراً للوحدة والوئام وهذا سر قوة الأمة وتقدمها، ولكن تفررقت المسئوليات والمراكز بعد خلافة علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- وكان ذلك سبب التفرق والتشتت اللذان كانا سبباً في ضعف الأمة.
كما تناول مسألة طاعة الإمام والخليفة، وقال ان الإسلام اوجب على كُل مسلم معرفة الإمام وطاعته مالم يأمر بمعصية، ثم تناول مسألة شروط تنصيب الإمام، وذكر صورتين لذلك وهما:
الأولى: أن يكون نظام الخلافة قائماً، وهو نظام شورة يدمقراطي بكل المعايير، ويكون تنصيب الإمام في هذه الحالة وفق الشروط التي حددها الإسلام وهي إن بانتخاب مباشر من الأمة، أو بانتخاب أهل الحل والعقد.
الثانية: أن لا يكون نظام الخلافة قائماً ولا يكون لرأي الأمة دخل في تنصيب الإمام وانتخابه، بل تكون أسرة من الأسر او فرد من الأفراد تغلب على عرش الحكم بمحض قوته.
وقد تناول المؤلف مسألة صحة خلافة العثمانيين من الأتراك، حيث انهم ليسوا من قريش وأن النبي قد اشترط القرشية للخلافة، فقد أوضح الشيخ أنه من المستحيل أن يحصر الإسلام الخلافة في أسرة أو قبيلة أو عرق، وأنه قد شاء لمحاربة تلك العصبيات المقيتة والقضاء عليها، فكيف يمكن ان يواجهها من جهة ويحييها من جهة أخرى عن طريق وضع شرط القرشية للخلافة ؟!
كذلك تحدث عن معنى الجهاد، وانه لايقتصر على القتال في حالة هجوم الكفار على المسلمين، بل يكون ببذل كُل جهد يمكن لمسلم ان يبذله في الدفاع عن الإسلام وعن الأمة الإسلامية، سواء كان ذلك بماله أو وقته أو جهده، او لسانه، أو بتحمل مشقة في سبيل الله، حيث يعتبر كُل ذلك جهادًا في سبيل الله.
ثم تناول مسالة تحديد الجزيرة العربية، وقال أن الله تعالى قد جعل الكعبة المشرفة مركزاً للأمة الإسلامية، ثم اعطى نفس الحكم للجزيرة العربية بالتبع للكعبة المشرفة، ومن الحكام الشرعية للجزيرة العربية هي إخراج اليهود والنصارى والمشركين منها، والمراد بجزيرة العرب هي المنطقة التي يحدها من الشمال الشام، ومن المشرق الحيرة ودجلة والفرات، والخليج الفارسي، ومن الجنوب المحيط الهندي وخليج عمان، ومن المغرب البحر الأحمر.
وفي المبحث الأخير تساءل الشيخ: ماذا يجب على مسلمي الهند؟ وما حل هذه المشاكل كلها؟ ويقترح أن إجابة هذه الأسئلة هي في تنصيب الإمام ليعيد الحياة الاجتماعية لمسلمي الهند إلى الجادة الصحيحة، وأن الكتاب والسنة قد أرشدا إلى ثلاثة أصول للحياة الاجتماعية:
– أن يجتمع المسلمون على شخص مؤمن عالم عامل، ويختاره إماما لهم.
– أن يقبلوا منه بالصدق والإيمان ما يعلمهم.
– أن يطيعوه ويلتزموا بكل ما يصدر منه من احكام وفق الكتاب والسنة.
يُذكر أن الكتاب من ترجمة وتقديم الباحث مصباح الله عبد الباقي.