Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

الفرما بوابة نبى الله يعقوب وأسرته إلى مصر

الفرما بوابة نبى الله يعقوب وأسرته إلى مصر

 
القاهرة "المسلة"  كتب د. عبد الرحيم ريحان …. مدينة الفرما بشمال سيناء المدينة التى ذكرت فى القرآن الكريم حين طلب نبى الله يعقوب عليه السلام من أبنائه أن لا يدخلوا مصر من باب واحد بل من أبواب متفرقة وهى أبواب مدينة الفرما وقد دخلوا مصر آمنين بإذن الله تعالى " فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ "  وهى المدينة الذى عبرها نبى الله إبراهيم ونبى الله يوسف قادمين إلى مصر وهى المدينة التى عبرتها العائلة المقدسة قادمة من فلسطين بطريق رفح – الفرما  وهى المدينة التى استقبلت الفاتحين المسلمين لبزوغ فجر الحضارة الإسلامية التى استوعبت كل الحضارات السابقة وتأثرت بها وساهمت فى تطورها وازدهارها ونهضتها .

 
تبعد الفرما  35كم شرق مدينة القنطرة شرق على شاطئ البحر المتوسط عند قرية بلوظة وتبعد الآثار المكتشفة بالفرما 5كم عن الطريق الرئيسى طريق القنطرة – العريش ويذكر أبو المكارم فى كتاب تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن الثانى عشر الميلادى  أن اسمها القديم هرمونوس وأن الفراعنة بنوا الفرما وكانت بحيرة ماء فغرق فيها ألف مركب ورمى البحر منهم ألف رجل فسميت (ألف رما).

 
بيلوزيوم
 
 
تقع الفرما على أحد فروع النيل وهو الفرع المعروف باسم بيلوزيان نسبة إلى مدينة بيلوزيوم (الفرما) وباقى مصبـه يقع  بقربها واسمها باليونانية بيلوزيوم Pelousion  وبالقبطية Peremoun وسميت بالفرما فى العصور الوسطى ووردت الفرماء أو تل الفرما وكانت عرضة لغزوات الشعوب من بلاد العرب والشام واستولى عليها الهكسوس ملوك الرعاة .

 


وكان يقع شرق الفرما قبر بومبى الذى أقام عمود السوارى بالإسكندرية وأنها كانت وطن بطليموس الفلكى الشهير وفى مدة حكم البطالسة تم حفر خليج نيلى كان يبتدئ من فرع النيل الشرقى المعروف بالبيلوزيانى ويصب عند السويس طوله 200كم تقريباً وعرضه يكفى لمرور سفينتين معاً من السفن الكبيرة ذات الثلاث طبقات  ثم ترك هذا الخليج فى أثناء الإنقلابات التى حدثت بمصر أيام الرومان فانسد الخليج وبطل استعماله فى القرن السادس الميلادى وكانت بيلوزيوم مدينة محصّنة ويذكر اسمها دائماً فى الحروب التى دارت فى العصر الرومانى وعند الفتح الإسلامى لمصر .


وأن اتساع المنطقة يدل على عظم المدينة وأهميتها مما يطابق ما كتب عنها حيث كانت مفتاح مصر من الشرق ويصفها نعوم بك شقير بأنها خرائب مدينة متسعة وقلعة عظيمة مبنية بالطوب الأحمر والحجارة المنحوتة والعمد الجرانيتية وتقع على الضفة اليمنى للفرع البليوسى بالقرب من مصبه بالبحر المتوسط وهذا الفرع قد جف من عهد بعيد ويقع تل الفضة على بعد  2.5كم شمال المدينة  وقلعة الطينة على بعد 2.5كم جنوب المدينة وكانت قديما من أشهر مدن مصر البحرية وأكثرها عمارة  ويدل تاريخ هذه المدينة على أنها عريقة جداً فى القدم وأن أهلها الأصليين كانوا من البحارة الفينيقيين .


 
الفرما والرهبنة

كانت الفرما ملجاً للنساك والمتوحدين الأوائل بسيناء حيث تنسك فيها القديس إبيماخس الشهيد ثم توجه للإسكندرية فى عهد الإمبراطور داكيوس فقبض عليه الحاكم أبليانوس وقتله عام 251م  وفى عهد الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى 409-450م  اشتهر بها  الراهب إيسودوروس الذى كتب عدة مقالات فى الدين وجهها إلى أعدائه وأحبائه وأطلق عليه إيسودوروس الفرمى وهو من مواليد الإسكندرية وكان رئيساً لدير فى سهل الطينة جنوب المدينة يسمى دير الهر أو دير الحير  وكان الدير تابعاً لأسقفية بيلوزيوم  ومن خلال هذا الدير أرسل آلاف من رسائله المشهورة إلى ملوك وبطاركة وأساقفة وولاة وعظماء وأغنياء عصره تارة يذكرهم فيها بمبادئ الأداب القومية وتارة مؤنباً إياهم ومقوماً إعوجاجهم  وحيناً مرشداً ولذلك كانوا يطلقون عليه معلم المسكونة ومع أنه كان راهباً بسيطاً لكن كان صوته مسموعاً لا عند أكابر مصر فحسب بل فى أنحاء العالم الأخرى من المسكونة ويذكر أنه عندما انتشر خبر وفاة الأنبا انطونيوس الكبير فى عام 356م وبلغ النبأ إلى تلميذه القديس هلاريون مؤسس الرهبنة بالشام قام من ديره بجوار مدينة غزة بصحبة أربعين راهباً وساروا إلى جبل القلزم(السويس حالياً) ليقوموا بواجب العزاء فمروا فى طريقهم على مدينة بيلوزيوم واستراحوا فى ذلك الدير ثم استأنفوا السير إلى جبل القلزم ولا توجد مصادر تدلنا على مصير هذا الدير المذكور بعد وفاة مؤسسه القديس إيسودوروس وكم من الزمان ظل قائماً إلا أنه مما لا يدعو مجالاً للشك أن زوال هذا الدير كان على يد بلدوين الأول حين استولى على الفرما وأحرقها عام 1118م ولم تقم للمدينة قائمة بعد ذلك وقد كان بالفرما أديرة أخرى عديدة وكنائس كان مصيرها الخراب على يد الفرس.

 
 
سهل الطينة

يصف الرّحالة ناصر خسرو سهل الطينة فى رحلته (سرت من عسقلان وتوغلت فى قرى كثيرة لو أردت الحديث عنها جميعاً لاستغرقت صفحات كثيرة  ثم وصلنا إلى مكان يسمى طينة وهو ساحل .


 
وميناء عظيم يغص بالسفن وعلى هذه السفن يسافر الناس إلى مدينة تنيس المصرية) وذكر أبى المكارم أنه كان بالفرما عدة كنائس وأديرة خرّبها الفرس وأن حصن المدينة باقى إلى الآن.
 
 
 


  ويشير إيفيتس Evetts إلى أن مدينة الفرما المشار إليها فى الأسماء العربية الحديثة ليست هى المدينة الحقيقية حيث أعيد بناء الفرما بواسطة العرب قرب البحر غير مدينة بيلوزيوم القديمة  وينقل عن أبو صالح الأرمنى قوله أن مدينة الفرما التى بناها العرب تقع قرب البحر وقد أعيد تحصين المدينة فى عهد الخليفة المتوكل 239هـ ، 853م  .


وفى طريق الفرما سار عمرو بن العاص لفتح مصر سنة 19هـ ، 640م فنزل العريش ثم أتى الفرما وبها حسب رواية البلاذرى (المتوفى سنة 279هـ ، 892م) قوم مستعدون للقتال فحاربهم وهزمهم وحوى عسكرهم ومضى إلى الفسطاط
 والفرما كان حصناً على ضفة البحر يحل إليه ماء النيل بالمراكب من تنيس  ويخزن أهله ماء المطر فى الجباب  وبنى بها الخليفة المتوكل على الله حصناً على البحر تولى بناؤه عنبسة بن اسحق أمير مصر فى سنة 239هـ ، 853م  عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس .


 
حكاية موت بلدوين

حين وصل الملك الصليبى  بلدوين الأول إلى الفرما أرسل الأفضل بن أمير الجيوش إلى والى الشرقية أن يقابلهم فلما وصلت العساكرتقدمها العربان وطاردوا الصليبيين  وعندما علم بلدوين بذلك أمر أصحابه بالنهب والتخريب والإحراق وهدم المساجد فأحرق جامعها ومساجدها وجميع البلد وعزم على الرحيل فأخذه الله سبحانه وتعالى فكتم أصحابه موته وساروا بعد أن شقوا بطنه وملؤها ملحاً حتى بقى إلى بلاده فدفنوه بها  وفى شهر رجب سنة 545هـ ، 1150م نزل الصليبيون على الفرما فى جمع كبير وأحرقوها ونهبوا أهلها .
 
 
 
 
آثار الفرما

تضم الفرما العديد من الآثار الرومانية والمسيحية والإسلامية ومنها مسرحاً رومانياً متكامل العناصر المعمارية وهو الوحيد بمصر كلها حيث أن مسرح الإسكندرية صالة استماع  فقط وهو مبنى بالطوب الأحمر والأعمدة الجرانيتية مدرجاته بنيت بالطوب اللبن وغطيت بالرخام الأبيض ويتسع لحوالى تسعة آلاف متفرج ولوقوع الفرما على طريق رحلة العائلة المقدسة بسيناء قادمة من فلسطين إلى غزة ثم (رافيا) رفح ، رينوكورورا (العريش) ، أوستراكين (الفلوسيات) ، القلس (تل المحمدية) ويلوزيوم (الفرما) لذا فهى تحوى العديد من الكنائس التى تعتبر مدارس فنية فى أنماط العمارة المسيحية ومنها  كنائس بيلوزيوم والمعمودية وكنائس تل مخزن كما تضم قلعة لها سور كبير مبنى بالطوب الأحمر وخزانات مياه ومنطقة صناعية لصناعة الزجاج والبرونز والفخار وقلعة حصن الطينة على البحر المتوسط  الذى بناها الخليفة العباسى  المتوكل على الله وتولى بناؤها عنبسة بن اسحق أمير مصر فى سنة 239هـ 853م  عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس.


وكانت الفرما فى الماضى محطات للتجارة بين الشرق والغرب من القرن الأول حتى القرن السابع الميلادى وكان بها أنشطة تجارية محلية وبعضها كانت موانئ هامة وبعضها كانت نقاط عسكرية لحماية قوافل التجارة وبعضها كانت نقاط جمارك  وكان بها صناعات مثل النسيج والزجاج وبناء السفن والصيد وحفظ الأسماك وكانت تمثل مراكز تجارية للتجارة مع فلسطين وشمال أفريقيا وقبرص وآسيا الصغرى واليونان وإيطاليا.


 
تطوير وإحياء الفرما

 
ومن هذا المنطلق أطالب بتطوير منطقة الفرما ومحطات رحلة العائلة المقدسة من رفح إلى الفرما بأعمال ترميم للآثار المكتشفة على طول الطريق وإعدادها للزيارة كمواقع للسياحة الثقافية والدينية وتزويدها بالخدمات السياحية وتمهيد الطرق لتيسير الدخول للموقع الأثرى بالفرما وإنشاء ميناء بحرى بها ومطار والترويج لها داخلياً وخارجياً لإنعاش منطقة شمال سيناء سياحياً لتكون سيناء بأكملها جنوبها وشمالها منطقة جذب سياحى لتحقيق منظومة تكامل المقومات السياحية بسيناء من سياحة آثار وسياحة دينية ورياضات بحرية علاوة على السياحة العلاجية والبيئية وتحويل هذه المحطات لمراكز تجارية وصناعية كما كانت فى سابق عصرها .

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله