المنامة …. أشاد زايد بن راشد الزياني وزير سياحة البحرين بزيارة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء للكويت ونتائجها الإيجابية، خاصة على الصعيد الاقتصادي ، مؤكدا أن الزيارة كانت اخويه لأبعد المستويات، كما تم عقد لقاءات جانبية مع أعضاء الحكومة لتبادل الآراء والتجارب والأفكار من أجل الاستفادة من الخبرات والتجارب في كل مجالات العمل.
وأشار في لقاء مطول مع صحيفة ” الراي” الكويتية الصادرة صباح اليوم إلى أن أهمية زيارة ولي العهد للكويت تنبع من كونها تأتي ضمن جولة خليجية بدأت من المملكة العربية السعودية، وضمت وفدا كبيرا عال المستوى، وهدفت إلى تنسيق المواقف والجهود والاطلاع على مجريات الأمور على الساحتين الإقليمية والدولية، لافتا إلى أن هناك تحديا كبيرا وشاملا لا يواجه البحرين وحدها، وإنما كل دول المنطقة، ويتمثل في كيفية خلق اقتصاد لا يعتمد اعتمادا كليا وكاملا على النفط.
وظائف
وشدد على ضرورة العمل معا من أجل توفير وظائف وإنشاء اقتصاد قوي لتتمكن الأجيال الجديدة في البحرين ودول المنطقة من توفير الحياة الكريمة لهم، خاصة أن الحكومات لا يمكن أن تستمر في دعم مواطنيها عن طريق السلع والخدمات والمساعدات الاجتماعية للأبد، وخصوصا في ظل انخفاض أسعار النفط، مؤكدا أهمية تبني وخلق سياسات جديدة لإيجاد فرص جديدة للشباب في المستقبل.
واعتبر أن دولة الكويت الشقيقة لديها تجربة رائدة في مجال إنشاء الصناديق الاستثمارية الخاصة بدعم المشاريع الشبابية الصغيرة والمتوسطة، وتسعى البحرين للاستفادة من هذه التجربة وتفعليها على ارض الواقع خليجيا، خصوصا أن الكويت لديها بوادر كبيرة في البحرين وفي دول أخرى يمكن من خلالها أن يتم التنسيق في هذا المجال لإعطاء فرصة للشباب الخليجي من إيجاد بيئة صحيحة وسليمة ينطلق منها لتحقيق أحلامه.
وأوضح أن الموقف الكويتي من المقترح البحريني كان إيجابيا، والفكرة لاقت ترحيبا كبيرا، وأنه عقد اجتماعا مثمرا مع نظيره وزير التجارة خالد الروضان، وتباحث معه في عدد من الأمور والتفاصيل وكيفية تفعيل وتنشيط هذه المشاريع داخل المجتمع والاقتصاد المحلي، وأيضا كيفية تبادل الخبرات بين الشباب الخليجي من اجل تأصيل أطر التعاون فيما بينهم بشكل كامل لتكون الفائدة للجميع.
وفي معرض رده على سؤال بخصوص تأثير مشروع الجسر الثاني الذي سيربط البحرين بالمملكة على التجارة، قال الوزير إنه لا شك بذلك، لأن الجسر الحالي الذي تم إنشائه في الثمانينات من القرن الماضي تجاوز طاقته الاستيعابية، وأدى إلى تأخر دخول العديد من شاحنات النقل البري لمدة 6 أيام، ولذلك تدخل سمو ولي العهد وقام بإنشاء لجنة تضم عددا من الجهات لتسهيل الإجراءات اللوجستية، وبعد وضع الحلول وإجراء الدراسات اللازمة استطعنا تقليص مدة التأخير إلى 4 ساعات فقط خلال سنة واحدة ومعها قفز مستوى وحجم التبادل التجاري بين البحرين والمملكة ومختلف الدول بشكل كبير.
وذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تطوير القاعدة التصنيعية والخدماتية من اجل خلق منتجات حقيقية، ولهذا فنحن بحاجة لتقوية بنيتنا التحتية وتسهيل إجراءات التصدير والجمارك، مشددا على أهمية الوصول إلى الوحدة الخليجية باعتبارها القوة الحقيقية، وهي حلم كل مواطن قبل أي مسؤول خليجي، حتى لو لم نصل إلى مستوى الاتحاد، يظل مجلس التعاون من أنجح المنظومات على المستوى العالمي.
القمة الخليجية
وحول مشاركة بريطانيا في القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها المنامة، أكد الوزير أن بريطانيا شريك عريق واستراتيجي مع كل دول الخليج. والبحرين احتفلت العام الماضي بمرور 200 سنة على انطلاق العلاقات الرسمية معها، ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي شرحت خلال اجتماعها مع المحافظ الاستثمارية السيادية الخليجية خطة بلادها للخروج من الاتحاد الأوروبي، وقدمت لنا منهجيتها وسياساتها في هذا الشأن، وهي أن بلادها ستظل أوروبية باعتبار دول الاتحاد الأوروبي اكبر شريك تجاري لبريطانيا، ولكن وفق اقتصاد مستقل، وانهم سيضطرون إلى انفتاح بشكل اكبر وأوسع مع دول العالم، وانهم سيحاولون تطبيق قوانينهم مع قوانين الاتحاد الأوروبي لتسهيل انتقال العمالة والاستثمار.
بريطانيا
وأضاف أن بريطانيا تريد أن تستمر العلاقة التجارية والاستثمارية بين بلادها ودول الخليج. كما أنها طمأنت دول المنطقة بأنه لن يكون هناك تغير جذري بالقوانين والتشريعات الاستثمارية التي منحت لدول الخليج منذ اكثر من 60 عاما، وانهم سيستمرون في التوسع في تعاونهم وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج ومع أيضا استراليا والهند والولايات المتحدة.
الصناديق السيادية
وفيما يتعلق بموقف المحافظ الاستثمارية الخليجية السيادية، أشار الوزير إلى أن الصناديق السيادية اكدوا لرئيسة الوزراء البريطانية بانهم قاموا بعمليات استثمارية عديدة ومتنوعة بعد الإعلان عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وابدوا رغبتهم بالمتابعة والاستمرار بالاستثمار بالسوق البريطاني لأنه بالنسبة لنا من اسهل الأسواق سواء في اللغة والإجراءات وأيضا في ظل التاريخ القديم الذي يربطهم، ولا ننسى أن الكويت لديها مكتب استثماري عريق في لندن يعود إلى سنة 1953. والسؤال المطروح حاليا، ما مصير القطاع المالي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ وهو قطاع كبير الحجم سيكون له تأثير كبير في الاستثمار لأنه المحرك بالتمويل، ونحن في النهاية ليس لدينا أي سيطرة أو تحكم فيه لأنه يبقى بين الحكومة والمؤسسات المالية في لندن.
وأشار الزياني انه خلال اجتماع رئيسة الوزراء البريطانية مع المحافظ الاستثمارية الخليجية في القمة الخليجية كشفت بأن حجم التبادل التجاري بين بلادها ودول الخليج هو 3 أضعاف ما يتم بين بريطانيا والهند التي تربطها علاقات عميقة معها، وخاصة في وجود عدد كبير من الجالية الهندية في بريطانيا وحجم ومساحة الهند، وقال الرقم فاجأنا بالفعل وكان مذهلا.
وأضاف بأنه سأل الجانب البريطاني عن مصير بلادهم في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الأوربيين خلال السنتين القادمتين، فأوضح انهم ابلغوه بأن هذا الاحتمال وارد وانه من الممكن ألا يتوصلوا إلى حل كامل مع إمكانية تمديد المهلة ما لم يتم الاتفاق عليه، لافتا إلى أن البريطانيين ابلغوه بأن خروجهم من الاتحاد نهائي لأن من شروط الاتحاد في حالة الانضمام إليه من جديد استخدام عملة اليورو وهو امر لن تقوم به بريطانيا.
الارهاب
وفيما يتعلق بالأعمال الإرهابية الأخيرة بالبحرين، أشار إلى أن الأوضاع الداخلية ولله الحمد جيدة، وإن شاء الله ستنتهي مثل هذه الأعمال بفضل جهود الأجهزة الأمنية والتعاون والتنسيق مع دول الخليج، لأن الأمن والاستقرار هو العمود الرئيسي لأي عملية تنمية وازدهار. وهذه من الأمور الذي تم التباحث بشأنها مع الجانب الكويتي لأن التهديد لا يستهدف البحرين وحسب، وإنما كل دول المنطقة، كما أن له أياد في دول أخرى، ولا نريد أن ينتشر بين دولنا.
وأكد أن التدخلات الإيرانية لم تخف في البحرين، لأن ايران لا تعمل على مستوى البحرين فقط، وإنما في العراق واليمن وسوريا ولبنان وحتى في دول أخرى خارج منطقة الوطن العربي. وهو بالفعل امر مؤسف، لأن ايران في النهاية دولة إسلامية وجارة، وفي نهاية المطاف نود أن تكون علاقاتها مع دول الخليج طيبة خصوصا وان هناك مجالا ضخما للتعاون معها اقتصاديا وثقافيا.
وتابع: ايران من المفترض أن تكون شريكا استراتيجيا لنا، لأننا في النهاية نقع على ضفتي الخليج ومن المفترض أن يكون هناك تعاون مشترك لتطوير وتعمير هذه المنطقة وليس لتدميرها، وللأسف الإيرانيون لديهم منهج تصدير الثورة والذي لا اعرف فائدة سوى في تخريب الدول الأخرى، وأنه إذا صفت النوايا كل شيء ممكن أن يتم، ولكن اذا هناك احد يواجهك بالكلام ويخدعك بالفعل فلن تجني من ورائه فائدة.
رسالة
وقال الزياني إن مضمون رسالة دول الخليج التي حملتها الكويت إلى ايران وصلت، منوها في هذا الصدد بالدور القيادي لأمير الكويت في هذه المسألة، وان صدى الرسالة ظهر بزيارة الرئيس الإيراني للكويت. وذكر أن كل دول المجلس متفقة على أنها لا تضمر أو تريد العداء سواء مع ايران أو غيرها، وأن التحركات الأخيرة لوزير الخارجية السعودي إلى بغداد تؤكد النية الصادقة وحسن النوايا الخليجية لفتح أبواب جديدة لتصفية العلاقات وإعادة الأمور لمجراها الطبيعي.
وشدد على أن الأمن في دول التعاون الخليجي أمر لا يمكن التهاون فيه، ودول الخليج منذ تاريخها لم تعتد على احد. فهي دول مسالمة ترعى مصالح شعوبها، ولكن لا يمكن أن تجعل حياتك معرضة للخطر، والإرهاب الذي نعيشه امر مستحدث لم يعشه آباؤنا وأجدادنا، ونأمل أن نتجاوز المرحلة وألا يرثها أبناؤنا.
وأشار إلى أن التطرف موجود لعدة أسباب، أهمها الجهل والفقر وتفكك المجتمع. ونحن انتقلنا من المجتمعية التي كان فيها الطفل يتربى في الفريج وسط ترابط اسري واجتماعي وثيق، إلى حالة لا يعرف بها الشخص جاره اليوم.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في التأثير على عقول أبنائنا الذين اصبحوا أجسادا داخل بيوتنا ولكن عقولهم يتم التأثير عليها من الخارج.
وعلى سبيل المثال الشخص الذي قام بتفجير نفسه في مسجد الصادق في الكويت، لم يسافر في حياته خارج المملكة وحين سافر قام بقتل الأبرياء بعمل إرهابي شنيع ومستنكر.
وهنا السؤال الجوهري ما الذي أثر في عقلية هذا الشخص الذي كان لا يفارق سجادة صلاته ليقوم بهذا العمل الإرهابي.
وتابع أن الإرهاب يجب ألا يعالج من خلال الجوانب الأمنية فقط، ولكن من الجوانب الاجتماعية والإعلامية والثقافية والفكرية.
من خلال تحصين الأجيال باعتبارها اهم عامل، ولهذا نحتاج إلى عمل ميداني واجتماعي واكاديمي لتأمين أبنائنا من الأفكار المتطرفة.
وتقدم الزياني في نهاية حواره برسالتين إلى الحكومة والشعب الكويتي.
الأولى رسالة شكر للكويت على حفاوة الاستقبال والتي هي امر غير مستغرب علي الكويت وأهلها.
والثانية إلى المستثمرين ورجال وسيدات الأعمال الكويتيين بأن البحرين بلد مفتوح لهم، وخصوصا في ظل التغيرات الجذرية في التشريعات والإجراءات.
لافتا إلى أن الكويتيين يأتون في المرتبة الثانية كأكبر مستثمرين في سوق الأوراق المالية.
والسياح الكويتيون أيضا من اكبر المستثمرين في قطاع المؤسسات والشركات.