كتب د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة "المسلة" ….. تعتبر منطقة طور سيناء متحف مفتوح للآثار الإسلامية والمسيحية والنقوش الصخرية وتسميتها بالطور نسبة إلى جبل طور سيناء ووردت كلمة طور سيناء فى القرآن الكريم باسم طور سينين {والتين والزيتون وطور سينين} التين 2 ، 3 وورد جبل الطور فى القرآن الكريم فى 8سور والطور فى اللغة يعنى الجبل الذى يكسوه الشجر ولا يقال للجبل الأجرد طور أما سينين فمعناها الشجر وعلى هذا فطور سينين معناها منطقة الجبال التى تكسوها الأشجار والنباتات.
وكانت الطور قديماً تعرف باسم رايثو حتى القرن الخامس عشر الميلادى واختلف المؤرخون فى تحديد موقع رايثو والمقصود برايثو المدينة المسيحية التى ورد ذكرها فى رواية الراهب أمونيوس فى القرن الرابع الميلادى وكانت عامرة بالآثار المسيحية والتى تم كشف الكثير منها من قلايا ودير بقرية الوادى 6كم شمال الطور والذى أعيد استخدامه كأحد الحصون الطورية فى العصر الفاطمى واكشفت به مجموعة كاملة من أطباق الخزف ذى البريق المعدنى الفاطمى.
وقد ذكرت الحصون الطورية فى وثائق العصر الفاطمى ومنها منشور الخليفة الفاطمى الفائز بنصر الله المؤرخ 551هـ الموافق 1156م ومنشور الخليفة العاضد لدين الله المؤرخ 564هـ الموافق 1169م وغيرهاويتضح منها أن الطور كان بها حصن أو أكثر خلال العصر الفاطمى كان يتولى أمرها ولاة أو متولى حرب من قبل الخليفة الفاطمى ويعتبر حصن رأس راية أحد الحصون الطورية و تحوى تلاً أثرياً مسجل أرضاً أثرية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3340 لسنة 1999 وهى موقع ميناء المدينة الذى يبعد حالياً 10كم جنوب مدينة طور سيناء.
وقامت بعثة آثار منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية بأعمال حفائر بمنطقة رأس راية موسمى 1996 – 1997 كشفت عن أجزاء من السور الخارجى لحصن راية وكذلك مجموعة من أطباق الخزف ذى البريق المعدنى الكاملة واستكملت الأعمال بعثة آثار مصرية يابانية مشتركة منذ عام 1998وكشفت عن حصن إسلامى ذى تخطيط مربع ضلعه 84م محاط بسور يتخلله سبعة أبراج دفاعية بالإضافة لبرجى المدخل بالجدار الجنوبى الغربى.
وكذلك اكتشفت برأس راية منطقة سكنية تحوى مبانى تعود للفترة من (القرن الأول إلى الثانى الهجرى / السابع إلى الثامن الميلادى) وهى المنطقة التى دمرت البلدوزورات الإسرائيلية جزءاً كبيراً منها أثناء احتلال سيناء وقامت سلطات الآثار الإسرائيلية بأعمال حفائر بالبلدوزورات على بعد 100م منها وعلى بعد 300م جنوب الحصن برئاسة دهارى Dahari.
وتضم منطقة تل الكيلانى بطور سيناء الفرضة البحرية للميناء المملوكى وهو المكان الذى كان يخدم الميناء وهى مسجلة كأرض أثرية بالقرار رقم 1150سنة 1996م ومساحته 250م طولاً ، 130م عرضاً وبه الفرضة البحرية للميناء المملوكى بطور سيناء (648-922هـ ، 1250-1516م) التى كشفت عنها بعثة آثار مركز ثقافة الشرق الأوسط اليابانى تحت إشراف منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية فى مواسم حفائر من عام 1985حتى 1996م.
وساهم ميناء الطور القديم من العصر المملوكى فى خدمة التجارة بين الشرق والغرب وخدمة الحجاج المسلمين بعد أن تحول درب الحج المصرى القديم من الطريق البرى إلى الطريق البحرى عام 1885م وكذلك المقدّسين المسيحيين منذ القرن الرابع عشر الميلادى الذين كانوا يبحرون مع الحجاج المسلمين على نفس الباخرة من القلزم (السويس) إلى الطور ومنها لدير سانت كاترين ويستكمل الحاج المسلم طريقه لمكة المكرمة وكان بالطور محجر صحى للحجاج يقع على شاطئ خليج السويس على بعد 640م جنوبى الطور يشمل أربع مستشفيات وآبار مياه و أماكن إقامة الحجاج كما يوجد بالطور جامع صغير بمنارة بتل الكيلانى من عهد الخديوى توفيق اشترك فى بنائه عمال مسيحيين
ويحوى تل الكيلانى دير القديس جاورجيوس وبه كنيسة مارجرجس التى بنيت عام 1875م على أنقاض كنيسة قديمة يرجع تاريخها إلى عام 1500م و بنى حولها هذا الدير الذى يتبع دير سانت كاترين وكذلك جامع صغير بمنارة بنى فى عهد الخديوى توفيق وقد ضم مقاماً قديماً للشيخ الجيلانى الذى سميت المنطقة على اسمه ثم حرّف للكيلانى وقد زار هذا الجامع عباس حلمى الثانى بن توفيق عام 1898م.
كما يضم التل مجموعة منازل تعتبر طرازاً فريداً من المبانى التى بنيت بالكامل من الأحجار المرجانية لتوفرها بكثرة فى هذا الموقع وقد دخلت هذه الأحجار فى أبنية عديدة بسيناء منها الفرضة البحرية بميناء دهب التى تعود لعصر الأنباط بسيناء القرن الثانى والأول قبل الميلاد وكذلك فى بناء قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا التى تعود لعام 566هـ / 1170م وقلعة نويبع التى تعود لعام 1893م ولكنها استخدمت على نطاق واسع بمنازل الكيلانى ومنها استمدت تفردها فى سيناء ومصر كلها.
وتتعدد الآثار المسيحية بطور سيناء لتشمل قلايا بوادى الأعوج لجأ إليها المتوحدين الأوائل بسيناء هرباُ من الاضطهاد الرومانى فى القرن الرابع الميلادى كما تشمل دير الوادى بقرية الوادى 5كم شمال الطور من عصر الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى وهو الدير الوحيد بسيناء الذى يحتفظ بكل عناصره المعمارية من القرن السادس الميلادى حتى الآن حيث أن دير سانت كاترين أضيفت عليه عدة تجديدات وتخطيط دير الوادى بطور سيناء مستطيل92 م طولاً 53م عرضاً وبه أربعة كنائس ومعصرة زيتون وعد د 96 حجرة تقع خلف سور الدير على طابقين وهذه الحجرات بعضها قلايا للرهبان والأخرى حجرات للمقدّسين المسيحيين الوافدين للدير للإقامة فترة بالدير وزيارة الأماكن المقدسة بالطور قبل التوجه إلى دير سانت كاترين ثم إلى القدس وقد توافد المسيحيون على سيناء من كل بقاع العالم وهم آمنون مطمئنون فى ظل التسامح الإسلامى الذى سارت عليه الحكومات الإسلامية
وهناك العديد من المواقع الحضارية بطور سيناء التى تؤكد التعايش الحضارى ومنها جبل الناقوس الذى يبعد 13كم شمال غرب المدينة 10كم شمال جبل حمام موسى ويشرف على خليج السويس وهو جبل من الصخور الرملية الرسوبية استغله الحجاج المسيحيون والقوافل التجارية العربية كمكان للراحة والتزود بالطعام وأثناء ذلك نقشوا ذكرياتهم وأسمائهم وأدعيتهم على أجزاء متفرقة من هذا الجبل وتجاورت النقوش المسيحية باللغة العربية مع النقوش العربية بالخط الكوفى على نفس الصخرة لعبورهم سوياً فى أمان لهذه الطرق فتجاورت الآيات القرآنية ونص الشهادة والصلاة على النبى عليه الصلاة والسلام وطلب المغفرة والرحمة مع الأدعية المسيحية وطلب الغفران كما نقشت على الجبل أسماء لعائلات مسيحية تقطن الطور بتل الكيلانى متجاورة مع منازل المسلمين
وكان بجنوب الطور قلعة بناها السلطان العثمانى سليم الأول خربت فى القرن التاسع عشر الميلادى حين استخدم أهالى الطور أحجارها لبناء منازلهم ومن المواقع الحضارية بطور سيناء جبل الناقوس الذى يبعد 13كم شمال غرب مدينة طور سيناء ، 10كم شمال جبل حمام موسى ويشرف على خليج السويس ويفصل ببينه وبين الخليج مدق صغير يمر عليه المشاة والسيارات حاليا.