التهاون والإهمال وعدم اليقظة والحذر وراء جريمة أوتوبيس السياح الغادرة
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
ليس من توصيف لجريمة تفجير اوتوبيس سياح كوريا الجنوبية سوي انها وقعت نتيجة الاهمال والتهاون من جانب اجهزة الأمن والشركة السياحية المسئولة عن تقديم خدمات هذه الرحلة.
يضاف الي ذلك غياب الاحساس والتقدير السليم لحالة الهلع والحقد والرغبة في الانتقام من دولة مصر وشعبها بعد الضربات الأمنية الموجعة التي تعرضت لها الفلول الاخوانية والجماعات التكفيرية الارهابية. كان علينا ان ندرك ان ما حدث كان متوقعا وهو الامر الذي كان يتطلب اتخاذ اقصي درجات الحيطة واليقظة والحذر فيما يتم اتخاذه من اجراءات تأمين وحماية للسياح والمواطنين.
ولا يمكن فصل ما حدث بينه وبين جنوح الدول السياحية الي الغاء التحذيرات التي سبق ان اصدرتها لرعاياها بعدم زيارة مصر.
في هذا الاطار فإنه لا يخفي ان استهداف الاوتوبيس السياحي لم يكن سوي استجابة لنزعة إلحاق الضرر بالحركة السياحية الوافدة الي سيناء وبالتالي بأبناء هذه المنطقة الذين يكتسبون لقمة عيش شريفة من ورائها. اذن ان التطرف والانتقام والجهل بتعليمات الدين الاسلامي الذي يتخذونه غطاء لارهابهم كان ضمن الدوافع الاساسية للاقدام علي التربص بهؤلاء السياح الذين سقط منهم ثلاثة صرعي وتعرض ٦١ منهم للاصابة.
<<<
ليس خافيا أنه كانت هناك ثغرة تم استغلالها سواء عند توقف الاتوبيس السياحي في سانت كاترين او بعد ذلك خلال الطريق الي طابا. في كلتا الحالتين فإن ذلك يشير إلي اهمال فاضح من السائق والاجهزة الامنية التي كان لزاما عليها ان تكون مفتوحة العين طوال الرحلة.
في هذا الشأن يبدو ان السائق الذي راح ضحية الحادث لم يكن حريصا علي اغلاق ابواب الاتوبيس عند التوقف خلال الرحلة ومراقبة سلوكيات العناصر المتواجدة. نتيجة لغياب هذا الجانب وجدت العناصر الارهابية في هذا الاوتوبيس وركابه هدفا للقتل والترويع.
الغريب انه ومع تكرار حوادث تعرض وسائل النقل للسياح والمواطنين لمثل هذه الهجمات الدنيئة الغادرة في هذه المناطق يتضح ان الاجهزة المسئولة لا تريد ان تأخذ درسا وعبرة مما حدث من قبل وهو ما أدي الي تكرار نفس السيناريو.
<<<
ليس هناك ما يقال تعليقا علي تداعيات هذه الجريمة سوي التحسر علي الجهود التي بذلها هشام زعزوع وزير السياحة- كان الله في عونه وعون مصر – سعيا الي تعافي السياحة مما اصابها منذ ثورة 25 يناير انها وكلما لاحت في الافق امكانية عبورها للمحنة التي ألمت بها تفاجأ بكارثة ارهابية أخري تعيدنا الي المربع رقم واحد من جديد.
وفقا لحالة الهوس التي اصابت التنظيمات الإرهابية المرتبطة بجماعة الارهاب الاخواني فقد كان طبيعيا ان يكون الهدف هو إلحاق اكبر الضرر بالقاعدة الاقتصادية لهذا الوطن.
ان ضرب السياحة مورد العملات الاجنبية من خلال الممارسات الإرهابية وتعطيل دوران عجلة الحياة من خلال المظاهرات والاعمال الارهابية المتناثرة من جانب ما تبقي من فلولهم. ليس غائبا ان هدفهم هو الانتقام من الشعب المصري. هذا المخطط أصبح معروفا وواضحا للجميع وهو ما يتطلب اتخاذ كل الاجراءات اللازمة وعلي قدر المستطاع لافشال استمراريته.. سواء كان ذلك من جانب الدولة او الشعب باعتباره المضار الاول بهذه الاعمال.
<<<
هذا المسلسل الارهابي المتكرر يحتم علينا ان نكون في نوبة صحيان مستمرة الي ان يتم استكمال خلع نزعات الارهاب من جذورها. لا مجال للنجاح في هذه الحرب التي مفروض علينا خوضها دون التزام كل عناصر منظومة عبور الوطن لبقايا الكارثة التي اوقعنا فيها الحكم الارهابي الاخواني بأعلي درجات اليقظة والاحتياط.
في هذا الاطار علينا الايمان بأننا نتعامل مع تنظيم ارهابي تجرد من كل القيم الدينية والاخلاقية وتحول الي وحش مسعور نتيجة ما لحق به من اصابات. لابد ان نكون علي يقين بأن السياحة صناعة الامل في مصر مستهدفة من جانب هذا الوحش الارهابي المكسور باعتبارها احدي ركائز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
<<<
من أجل استئناف السياحة لدورها فإننا مطالبون بالعمل علي توفير متطلبات الحماية والامان. التحرك علي هذا الطريق بفاعلية يقضي بأن نعود الي ما سبق تبنيه من خطط في هذا المجال عندما واجهنا هذا الخطر الارهابي في التسعينيات.
هذه الازمة خرجت علينا في ذلك الوقت بعدم السماح بأن يسير أي فوج سياحي إلا ضمن قول من الافواج تصحبه ورديات حراسة في المقدمة والمؤخرة تكون ضمن مسئوليتها المراقبة والمتابعة لمنع تعرضها للاعمال الارهابية.
بالطبع فأنه ليس مسموحا بأي حال ان تكون اطقم هذه الورديات ديكورية وإنما يجب أن تكون علي أعلي مستويات ودرجات التسليح للتعامل مع أي طاريء.
اعتقد ان ممارسة هذه الدوريات للدور المنوط بها ايجابيا ولمرة واحدة سوف يكون له اكبر الاثر في عدم تكرار هذه الاعمال الارهابية الخسيسة مرة اخري.
المهم مع كل هذه الخطوات هو الاستمرارية وعدم التهاون والركون الي الاطمئنان في مواجهة هذا العدو الغادر الذي تنكر لكل خصال الشعب المصري الكريمة. من ناحية أخري فإن المؤسف ان ما حدث سيكون له انعكاساته السلبية علي حركة السياحة من كوريا الجنوبية وكل الدول الاسيوية.