فى عيد الحب تغريدات الحب فى مصر القديمة
كتب د. عبد الرحيم ريحان
تجسدت تغريدات ومشاعر الحب فى مصر القديمة فى عدة صور حيث صور المصرى القديم العلاقة بين الزوجين على الجدران بصور تدل على الإخلاص والوفاء ومنها وقوف الزوج مجاوراً لزوجته أو الجلوس معاً على أحد المقاعد بينما تلف الزوجة ذراعها برفق حول عنق زوجها أو تضع يدها على إحدى كتفيه أو تتشابك أيديهما معاً رمزاً للحب الجارف أو تقف أمامه لتقدم له الزهور أو تقف جانبه وتسند عليه ذراعها كناية عن معاونتها له فى كل الأمور.
ويجسّد تمثال القزم (سنب) وأسرته من الأسرة الخامسة بالمتحف المصرى روح المحبة والعطف التى تسود الأسرة المصرية حيث تجلس الزوجة إلى جوار زوجها وتلف ذراعها حوله برقة ولطف على حين وقف الأبناء بجانب الأب والأم فى أدب واحترام ومنظر على ظهر كرسى عرش الملك توت عنخ امون بالمتحف المصرى يصّور جلوس الملك دون تكلف والملكة مائلة أمامه وفى إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه وباليد الأخرى عطر آخر تلمس به كتف زوجها برقة ولطف.
وقد سجل المصريين القدماء معانى الحب على لوحتين أثريتين أكتشفتا بمقبرة سوبك حتب المشرف على البيت المالك بمنطقة آثار هوارة بالفيوم عام 1974تشيرا لمدى حب واحترام المصرى القديم لأهل بيته سواء أمه أو زوجته أو بناته مستنداً إلى بحث للأثرى أشرف السنوسى أمين متحف كوم أوشيم بالفيوم عنوانه (مقابر أفراد الدولة الوسطى بهوارة حفائر 1974 ، 1982) ويصور الجزء الأيسر من اللوحة ثلاثة بنات وأعلى كل واحدة منهن كتب (ابنته حبيبته المجهولة) وأعلى صف البنات صف آخر ربما لأولاد وربما أيضا كتب فوق كل واحد (ابنه حبيبه المجهول) ويفسّر الجزء الأيمن من اللوحة سبب وصف بناته بالمجهولين والذى يمثّل منظر لسيدة جالسة وأعلاها كتب لقبها ( أمه حبيبته ست الدار ايسن) مما يوضح أن سوبك تزوج أكثر من مرة ولم ينجب أطفالاً وكما هو جارى فى وقتنا الحاضر كان يتزوج أكثر من واحدة على أمل الإنجاب ونتيجة عدم تحقق الإنجاب تمنى أن يكون له فى العالم الآخر أولاد وبنات وبالطبع لم يعرف أسماءهم فوصفهم بالمجهولين ولم يكتف بذلك بل أعطى أمه لقب (ست الدار) وهو لقب لم يكن يعطى فى الغالب إلا للزوجات وهذا دليل على شدة تكريمه لأمه بتصويرها داخل مقبرته.
أما اللوحة الثانية فتؤكد أن سوبك حتب كما كان محباً لأمه ولبناته المجهولين فقد كان محباً لزوجاته بصرف النظر عن الإنجاب أو عدمه حيث صوّر على لوحة حجرية أخرى من نفس المقبرة حملة قرابين وأعلى اللوحة تصوير لسيدة أمامها مائدة عليها قرابين يبدو أنها مكررة مثل منظر البنات المجهولة وأعلى واحدة من هؤلاء السيدات كتب (سيدة الدار المرحومة ايبو) وأعلى السيدة الأخرى بقية كلمة (المرحومة) مما يدل على تمثيله لأكثر من زوجة بالمنظر .
وتجسّدت معانى الوفاء والإخلاص فى الحب فى أسطورة أيزيس التى تحكى كيف غدر ست بأخيه أوزوريس الذى كان يبغض فيه جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر فدبر مكيدة للقضاء عليه واتفق مع أعوانه من معبودات الشر على أن يقيموا لأوزوريس حفلاً تكريماً له ثم أعد تابوتاً مكسى بالذهب الخالص بحجم أوزوريس وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسباً له ورقد فى التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسباً لأى أحد حتى جاء دور أوزوريس فأغلق عليه ست التابوت وألقوه فى نهر النيل وانتقل التابوت من النيل عابراً البحر المتوسط حتى وصل للشاطئ الفينيقى فى أرض ليبانو عند مدينة بيبلوس وهناك نمت على الشاطئ شجرة ضخمة وارفة الظلال حافظت على التابوت المقدس من أعين الرقباء.
وقد كان فى بيبلوس ملكة جميلة تسمى عشتروت خرجت لتتريض على الشاطئ فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة وأمرت بنقلها لقصرها وأما إيزيس فبكت على أوزوريس وبحثت عنه على طول شاطئ النيل واختلطت دموعها بماء النيل حتى فاض النهر وبينما كانت تجلس بين سيقان البردى فى الدلتا همس فى أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس فذهبت واستضافتها عشتروت وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق فى السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردى فى أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور ست .