بقلم: جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
أزمة السياحة لا تقتصر علي مصر وانما تشمل بصورة متفاوتة كل دول الشرق الأوسط. جانب من هذه التأثيرات يحدث نتيجة الجهل الجغرافي
أزدهار السياحة كما نعلم جميعا مرتبط بتوافر الأمن والاستقرار اللذين يسمحان للسائح بإمكانية الاستمتاع الثقافي والترويجي. علي هذا الأساس فإن السائح الذي يدفع من مدخراته لتحقيق هذا الهدف ليس علي استعداد للقبول بوجود ما يمكن أن «ينغص» عليه رحلته. خضوعا لهذا العامل فانه لا يمكن ان يفكر في الذهاب إلي دولة غاب عنها الأمن والاستقرار.
أن ما يلفت النظر في هذه القضية ان نسبة كبيرة من السياح يعانون من الجهل الجغرافي. هذه المشكلة تتمثل في الجنوح إلي مقاطعة منطقة أو اقليم بأكمله عندما يسمع أو يقرأ أن الدولة التي ينوي زيارتها للسياحة تقع في هذا الاقليم أو المنطقة. يحدث هذا رغم انه من الممكن ان تكون هذه الدولة بعيدة عن موقع الاحداث المقلقة بآلاف الكيلو مترات. يشهد علي هذه الحقيقة ما تعرضت له مصر من انحسار سياحي نتيجة حرب العراق وإيران ثم بعد ذلك الغزو العراقي للكويت وما تبعها من عمليات عسكرية لتحريرها.
>>>
كان من نتيجة هذا الواقع استمرار الحركة السياحية الوافدة إلي كل دول الشرق الأوسط فريسة للقلاقل والصراعات التي تشهدها هذه المنطقة منذ نهاية 2010 وحتي الآن وهو ما إصاب الاستثمارات السياحية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات بخسائر فادحة. هذه الأزمة التي تعاني منها مصر دولة الريادة السياحية في كل منطقة الشرق الأوسط شملت أيضا لبنان وسوريا وتونس ودبي واليمن كما إصابت ايضا المغرب.
إذن فإن الازدهار والنهوض السياحي مرهونان بالمناخ العام الذي يجب ان يسود المنطقة. التعامل مع هذه المشكلة يخضع في هذه الحالة علي أساس التعميم رواجا وانحصارا.
علي ضوء هذا الذي يحدث فإن الآثار السلبية قد تتفاوت من دولة لأخري ولكنها دائما ما تطول كل الدول.
>>>
نتيجة للترابط بين دول العالم نتيجة التقدم التكنولوجي خاصة في الاتصالات والمواصلات فإن العالم تحول إلي ما يشبه القرية الواحدة. الاحصائيات والدراسات تشير الي ان لازمات الحروب والصراعات نفس تأثير الأزمات الاقتصادية سلبيا علي حركة السياحة. بالنسبة لما اصاب السياحة بمنطقة الشرق الاوسط في السنوات الخمس الاخيرة قدرت منظمة السياحة العربية خسائر قطاع السياحة في الدول العربية خلال عام 2015 وحده بـ 30 مليار دولار. ضاعف من هذه الأزمة لجوء بعض الدول المصدرة للسياحة الي حظر سفر مواطنيها الي المنطقة العربية كرد فعل لما تشهده من أحداث.
هذه الاحصائية أشارت ايضا إلي أن عدد السياح الذين جابوا العالم عام 2014 بلغ 1.14 مليار لم يتجاوز نصيب مصر منها سوي 9.8 مليون سائح. هذا الرقم تعرض للانخفاض الحاد عام 2015 بعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.
تراجع السياحة الأجنبية الي الدول العربية أدي الي اعداد خطط بهدف تشجيع السياحة البينية بين الدول العربية. من الطبيعي أن تعمل مصر علي تبني سياسة تسويقية وترويجية في السوق العربي وخاصة الخليجي لتعويض توقف السياحة الروسية والبريطانية.