Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

دمج «السياحة» و«البلديات» بقلم : فهد العيلي

دمج «السياحة» و«البلديات»

بقلم : فهد العيلي

قد يبدو اقتراحي هذا بدمج هيئة السياحة ووزارة الشؤون البلدية في الوقت الحالي غير ذي أهمية، لكن المعطيات الواقعية تؤكد الحاجة الماسة إليه، والمتابعون لنشاط هيئة السياحة يعرفون أن ما تقوم به من جهود غالباً ما تتعثر أو تتأخر على صخور متاريس قطاع البلديات وقياداتها التقليدية، وكثيراً ما أشفق على جهود الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العليا للسياحة، الذي يدير عملاً جباراً منذ عشر سنوات، لكن الكثير من ثماره لم تؤتِ أكله، لأن صناعة السياحة في بلادنا معظم مفاتيحها خارج إطار الهيئة، وكل مقومات صناعة السياحة الرئيسة من بنية تحتية، وقطاع نقل، وطيران، تتحكم فيها جهات أخرى، وبالتالي لم يبقَ للهيئة إلا التخطيط ورسم الاستراتيجيات ومتابعة المشهد من بعد، وهو ما لا يتفق مع طموح مسؤول مثل سلطان بن سلمان.

أعود لاقتراحي، فالمتابع لمتغيرات التنمية لدينا يدرك أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أدت دورها الأساسي في تهيئة البنية التحتية للمدن خلال خطط التنمية السابقة وأكملت معظم المتطلبات الأساسية للنمو والتوسع العمراني مع كثير من الأخطاء والملاحظات، لكن أعني الجوانب الأساسية فقط، ومع إعادة هيكلة كثير من الأجهزة الحكومية ودخول الخصخصة كمحور استراتيجي في أداء البلديات، باتت مهام الوزارة أقل عبئاً من السابق، فالرقابة على الأسعار مثلاً أصبحت من مسؤولية وزارة التجارة، والرقابة على الأغذية وفسحها، صار من مسؤولية هيئة الغذاء والدواء، ومنح الأراضي وما يتعلق بها أصبح من مسؤولية وزارة الإسكان، وتطوير المخططات العقارية وتوفير البنية التحتية لها، وهو الذي كان يشكل عبئاً على الوزارة والأمانات التابعة لها في كل المدن، أصبح من مسؤوليات المطورين العقاريين.

ولم يبقَ للبلديات سوى تراخيص المحال التجارية والرقابة على المطاعم وتصاريح البناء ومهام أخرى لا تشكل عبئاً كبيراً كالسابق، وفي المقابل تملك هيئة السياحة فكراً نشطاً ورؤية استراتيجية لتحويل كثير من المدن إلى منظومة سياحية متكاملة عبر سلسلة من الخدمات البلدية نفسها التي لا يمكن تنفيذها دون شراكة البلديات. والذين يعرفون تفاصيل اتفاقية الشراكة التي وقعتها هيئة السياحة مع وزارة البلديات يدركون أنها تواجه الكثير من العراقيل، واختلاف وجهات النظر بين جهتين، الأولى هيئة وليدة شابة تتحرك باتجاه مرن وسريع، والأخرى وزارة عتيدة مقيدة ببيروقراطية الأداء الحكومي القاتلة، ومحكومة بسيطرة قيادات تقليدية لا تعي أهمية البعد السياحي في استراتيجيات البلديات التنموية.

ولعل محاولة رئيس هيئة السياحة قبل سنوات اصطحاب عدد من رؤساء البلديات معه إلى بعض القرى والمدن الأوروبية في إيطاليا وفرنسا، التي حققت تجارباً سياحية رائدة من أفكار بسيطة، تفسر لنا توجس رئيس الهيئة من إخفاق مشروعه التنموي بسبب تعنت وعدم تفهم قطاع البلديات متطلبات التخطيط السياحي الجديد، وفي الوقت نفسه المشاريع التي تم التنسيق وتطبيق الشراكة فيها نجحت وحققت قيمة مضافة وسوق ”عكاظ” في الطائف أحدها.

إن المنطق يقتضي التوافق بين هاتين الجهتين بدلاً من أن تعمل كل جهة بمعزل عن الأخرى، وهذا لا يتحقق – من وجهة نظري – عبر شراكات ولا لجان ولاغيرها، بل عبر إعادة هيكلتهما ودمجهما في وزارة واحدة يمكن أن تسمى ”وزارة السياحة والشؤون البلدية”، وأزعم أن هذا الدمج سيحقق نقلة في أداء القطاع السياحي المتطلع للنمو والانطلاق من خلال توحيد الرؤى وتجهيز بنية تحتية تضاهي ما هو موجود في الخارج، وأيضا فرض الهوية والفكر السياحي المستقبلي على المشاريع البلدية بمختلف مستوياتها، وهذه من أهم النقاط التي تغيب عن مشرعي القرارات في وزارة البلديات والتي جعلت هوية كثير من المشاريع محصورة في أفق محلي ضيق لا يراعي تأثير صورتها الذهنية لدى السائحين.

تأخر الدمج سيظل يبقينا في الدائرة نفسها، إذا نجح التنسيق أنجزنا مشروعاً أو مشروعين ناجحين، والبقية تغرق في تفاصيل الجدل ”البيروقراطي” واختلاف الرؤى وإدارة الأولويات.
 

نقلا عن الاقتصادية

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله