تنقيبات آثار سورية تثير قلق "اليونسكو"
بدت مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) ايرينا بوكوفا قلقها إزاء عمليات التنقيب غير القانونية عن الآثار في سورية قائلة إن المنظمة حذرت صالات المزادات والمتاحف من هذه المشكلة. وبالإضافة إلى القتلى وتدمير الممتلكات تقول اليونسكو إن التراث الثقافي السوري يتعرض لخطر متزايد. وقالت بوكوفا للصحفيين إن "أكبر مشكلة هناك بصرف النظر عن الدمار الذي رأيناه لمواقع التراث العالمي ..هي عمليات التنقيب غير القانونية عن الآثار". وتزور بوكوفا نيويورك لإلقاء كلمة أمام اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن الدولي تستضيفه فرنسا وجواتيمالا بشأن حماية الصحفيين، وهو أمر قالت إنه يثير قلقا متزايدا في سورية ومناطق الصراع الأخرى في شتى أنحاء العالم حيث يتم استهداف الصحفيين.
وفي فبراير قال رئيس هيئة الآثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم إن عمليات التنقيب غير القانونية عن الآثار تهدد المقابر في مدينة تدمر الصحراوية ومنطقة ايبلا التي تعود للعصر البرونزي. وقالت بوكوفا إن هذه المشكلة تزايدت. وأضافت أن اليونسكو أثارت مشكلة التنقيب غير القانوني مع الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سورية ومع نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية. وقالت "عرضنا (عليهما) خريطة هذه المواقع غير القانونية في عمليات التنقيب. "أكثر ما يثير قلقنا حاليا هو أننا لا نعرف ما يحدث هناك، وهو عمليات الاتجار والتصدير غير القانونية" للتحف. ولم تقل ما إذا كان المتورطون في عمليات التنقيب تلك لهم أي صلة بالرئيس السوري بشار الأسد أو المعارضين المسلحين الذين يسعون لإسقاطه. وقالت "أي شخص بوسعه فعل ذلك". ولم تكشف بوكوفا عن تفاصيل أماكن التنقيب غير القانوني عن الآثار في سورية.
ونشرت اليونسكو في سبتمبر "قائمة حمراء" لأنواع التحف لإخطار المتاحف وهواة جمع التحف وصالات المزادات بالآثار التي يتعين عليها ترقبها من سورية. وقالت بوكوفا إن تحفا سورية غير قانونية ظهرت في الأردن المجاور. "اللائحة الحمراء" بالتحف الفنية المعرضة للخطر عرضت في متحف متروبوليتان للفن في نيويورك، ببادرة من المجلس الدولي للمتاحف، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو ووزارة الخارجية الأميركية. وقالت رئيسة الصندوق العالمي للآثار بوني بورنهام إن "مواقع سورية بالغة الأهمية قد دمرت أو لحقت بها أضرار خلال هاتين السنتين من الحرب، كمئذنة جامع حلب الكبير أو موقع أفاميا اليوناني الروماني". فالجامع الذي بني قبل ما يناهز الألف عام، قد تهدم خلال المعارك في أبريل الماضي بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة.
أما موقع أفاميا الأثري (شمال غرب حماة، وسط) الذي يرقى إلى العصر القديم، فكان ضحية "عمليات سلب ونهب واسعة النطاق"، كما أكدت أيضا بوني برنهام. واعتبرت المديرة العامة لليونسكو ايرينا بوكوفا أن "حماية الإرث الثقافي يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من المجهود الإنساني". وأضافت "لقد عثرنا على بعض القطع في أسواق في بيروت وعمان، لكن لم يكن في وسعنا أن نفعل الكثير". والوضع السائد في سورية الذي تراه "مأساويا"، لا يحمل شيئا فريدا. فمثل هذه اللوائح قد وضعت للعراق ومصر وأفغانستان. وفي هذا البلد، أصبحت تماثيل بوذا في بايمان التي دمرت في 2001، ضحايا شهيرة لحركة طالبان. وقالت مديرة دائرة الفنون الإسلامية في متحف متروبوليتان شيلا كانبي "لا أعرف حجم الوضع في كل مكان، لكن ما رأيته في أفاميا كان صادما ورهيبا". وخلصت إلى القول "إنه أخطر مما حصل في أفغانستان".
"لائحة حمراء" لحماية 46 موقعا "مدمرا"
بسبب الحرب التي تمزق سورية، مهد الحضارات القديمة، والتي يأتي تراثها من اليونانيين والإمبراطورية البيزنطية وأيضا من حقبة الإمبراطورية العثمانية، يواجه عدد كبير من المواقع البالغة الأهمية والمصنفة شتى أنواع التهديدات. فموقع تدمر، واحة الآثار الرومانية المؤلفة من المعابد والأعمدة، يتعرض للسلب والنهب وعمليات التدمير، وقلعة الفرسان في الكرك، الرابضة على تلة غرب سورية أو مدينة دمشق القديمة، العاصمة. وتشير وزارة الخارجية الأميركية إلى أن كل "المناطق الست" التي يتألف منها التراث السوري وتشكل جزءا من التراث العالمي لليونيسكو، "أي 46 موقعا ومئات المباني التاريخية"، باتت في "خطر". لذلك تستهدف "اللائحة الحمراء" تنبيه السلطات وقوات الشرطة وجامعي التحف وتجار الأعمال الفنية، إلى التحف التي يمكن أن تنتقل بصورة غير مشروعة اليوم أو في المستقبل في إطار سوق الفن، كما أوضحت آن ريتشارد، المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية لدى الإعلان عن هذه اللائحة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتقول الخارجية الأميركية "لقد عثر على تحف قديمة فيما كان مهربون يحاولون مغادرة البلاد". وتضم اللائحة مجموعة من القطع التي "ليست تحفا مسروقة"، كما أوضح رئيس المجلس الدولي للمتاحف، هانز – مارتن هينز لكن تحفا "آتية من متاحف في سورية ومن خارج البلاد" من شأنها أن تشكل نموذجا للقطع التي يمكن أن تكون عرضة للتهريب. ومن هذه التحف، صفائح برونزية مرصعة بكتابات، وتماثيل صغيرة من الأحجار أو من المعادن الثمينة وأوانٍ من الخزف وعناصر فسيفسائية، وغير ذلك.