الورثة يهدمون قصور أسيوط التاريخية
أسيوط " المسلة " … أسيوط مدينة القصور, هذه ليست كلمة تردد من وحي الخيال, وإنما هذا هو اسم كتاب نادر باللغة الإنجليزية تحتفظ مكتبة الكونجرس الأمريكي بنسخة فريدة منه, يعرض للقصور التي كانت تتضمنها محافظة أسيوط أوائل القرن العشرين, والتي كانت تربو علي الألف قصر, ابتلعتها الأبراج والعمارات الآن..
حتي إن شارع الجمهورية وحده كان يعج بهذه القصور علي جانبيه, مما دعا أهل الاختصاص من أكاديميين بقسم الآثار جامعة أسيوط, وآثاريين بمنطقة تفتيش آثار أسيوط, إلي إطلاق صرخة مدوية للحفاظ علي ما تبقي من هذه القصور. يقول محمد السيد أبورحاب ـ أستاذ الآثار المساعد بقسم الآثار جامعة أسيوط: إن المؤسف حقا تعرض كثير من قصور مدينة أسيوط ومراكزها للهدم من قبل الورثة لبناء أبراج وعمارات حديثة دون النظر للقيمة التراثية والفنية لهذه القصور, حتي إن الأعداد القليلة المتبقية من هذه القصور معرضة الآن للهدم والتعديات لكونها غير مسجلة في عداد الآثار, وإنما مصنفة كمبان تاريخية, وهذا التصنيف لا يحول دون التعدي عليها أو حتي هدمها.
ويؤكد محمد ربيع ـ أستاذ المالية العامة والاقتصاد بالجامعة العمالية سابقا ـ أن من المباني والقصور التي تعرضت للهدم منزل عمر مكرم بمنطقة غرب مدينة أسيوط, والذي كان يمثل ـ أي المنزل ـ رمزا للمقاومة المصرية علي يد هذا الزعيم الكبير, وقد بنيت مكانه مدرسة لتنتهي ذكري المكان, مشيرا إلي أن أيادي العبث لاتزال ممتدة إلي كل ما هو تاريخي وجميل.
ويشاركه الرأي الأثري الأستاذ أحمد عوض ـ مدير الآثار الإسلامية والقبطية بوسط الصعيد ـ مؤكدا أن كثيرا من هذه القصور تشغلها الآن مصالح حكومية وتعليمية, كالقصر الكائن بشارع26 يوليو, الذي ظل لفترة طويلة مقرا للحزب الوطني, وبعد حل الحزب عقب الثورة تعرض القصر لتعديات صدر علي أثرها قرار بوقف هذه التعديات, باعتباره من المباني التاريخية التي تتولاها لجنة حصر المباني التاريخية بمحافظة أسيوط, ورغم تشديد محافظ أسيوط السابق في هذا الصدد, فإن عمليات الهدم لاتزال قائمة, وبين عشية أو ضحاها سيتحول هذا القصر وغيره إلي ركام, وأكد عوض أن منطقة آثار أسيوط تقوم بمحاولات لنزع ملكية بعض هذه القصور من أجل المحافظة علي التراث المعماري لهذه المدينة.
وأضاف عوض أن هذه القصور كانت تزخر بكثير من المقتنيات الثمينة التي كان يتنافس أصحابها في اقتنائها, ولكن من الأسف لم يتبق من هذه المقتنيات إلا بعض مقتنيات في قصر ألكسان, الذي تم ضمه أخيرا لوزارة الآثار, تمهيدا لتحويله لمتحف قومي لمقتنيات وآثار أسيوط, وكذلك تم ضم القصر الذي كان يشغله الكومسيون الطبي القديم27 شارع الجمهورية والمعروف بقصر الإصلاح الزراعي, والذي يرجع تاريخه إلي عام1914 م, وقد حدث نزاع شديد في أثناء ضمه لوزارة الآثار.
ويذكر أبورحاب أنه وفقا للإحصاءات المتوافرة والمتاحة, فإنه يوجد نحو71 قصرا وفيلا بمدينة أسيوط وحدها, و60 بمدن ديروط والقوصية و منفلوط والبداري, و6 بمدينة أبوتيج, وقصر بالفتح, وجار حصر القصور والفيلات بباقي المراكز والقري, مطالبا وزارة الآثار بسرعة تسجيل هذه القصور التي تعد تراثا معماريا وحضاريا مهما, وسرعة ترميمها ورفع التعديات عنها, لتصبح واحدة من عوامل الجذب السياحية للمحافظة.