المواقع الأثرية بالكويت تجيب عن أسئلة التاريخ الانسانى بالمنطقة
الكويت "المسلة" … ما زالت المواقع الاثرية في الكويت مستمرة في الإجابة عن العديد من الأسئلة التي يطرحها التاريخ الانساني وتطرح في الوقت نفسه العديد من الأسئلة التي ستساهم إجابتها في فهم عدد من الحلقات المفقودة في تاريخ الانسان بالمنطقة.
وفي شهر اكتوبر من كل عام تستقبل الكويت ممثلة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عددا من البعثات الجامعية التنقيبية الجيولوجية لاسيما من اوروبا المتخصصة يبلغ عددها ست بعثات مقسمة إلى 15 فريقا موزعة حسب الاختصاص في مواقع الكويت الأثرية مثل جزيرة فيلكا ومنطقة الصبية شمال جون الكويت مع مشاركة عدد من الخبراء والشباب من الكويت للافادة من الخبرات الدولية.
وفي هذا السياق قال الأمين العام المساعد لشؤون الآثار والمتاحف في المجلس شهاب الشهاب لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) انه ضمن عدد من الاتفاقيات مع الجامعات والمعاهد المتخصصة وصل عدد من وفود يمثلون الجامعات والمعاهد المتخصصة الى الكويت في الأونة الأخيرة للاستمرار في كشف الاسرار في عدد من مواقع الكويت الأثرية.
وذكر ان تلك الوفود ومع الخبرات والكوادر الكويتية يشكلون فرقا تتكون من العديد من التخصصات المعنية في دراسة المواقع الأثرية من كل الجوانب التي ساهمت في قيام حضارة انسانية في هذه المنطقة آنذاك.
واوضح الشهاب ان الخبراء يغطون طيفا واسعا من العلوم فمنهم المتخصص في البيئة وتغيراتها على مدى التاريخ ومنهم مهندسون معماريون وخبراء في الطب البشري ومتخصصون في الأنثروبولوجيا مبينا انه يستعان بجميع التخصصات المعروفة حاليا في حل ألغاز المجتمعات القديمة والحجرية التي قامت على الأرض وتركت إرثا يساهم في اثراء التراكم الثقافي الذي يستطيع أي انسان ان يكون جزءا منه".
وقال ان جزءا من الاتفاقيات المبرمة مع تلك البعثات تتضمن نشر المعلومات والدراسات التي تقام على أرض الكويت والتي يطبع العديد منها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اضافةالى المواد الاعلامية المتخصصة في الجامعات والمعاهد.
واضاف ان الخبراء الاجانب سيقيمون ورش عمل في جامعاتهم حتى يتسنى لأكبر عدد من الطلبة هناك التعرف على الارث التاريخي للمنطقة ومنها الكويت كنوع من التسويق الثقافي والسياحي للكويت وموقعها الاستراتيجي المهم في الوجود الانساني في المنطقة.
وافاد بانه سيتم ادراج عدد من المشاريع الجديدة التي ستكون التكنولوجيا الحديثة احد روافدها المهمة في البحث العلمي للمناطق والمواقع الأثرية مثل المسح الضوئي الثلاثي الأبعاد جوا وبرا ومحاولة اكمال الصورة لتلك المواقع وايضا ما أطلق عليه "الساحل القديم".
واشار الى احتمال ان تكون جزيرة فيلكا مختلفة بشكل كبير عن ما هي عليه الآن مبينا ان هناك دراسة ستركز على ما تم غمره تحت المياه من آثار أو مبان أو مواقع كاملة وستساهم بشكل كبير في الاجابة عن عدة أسئلة عن العلاقة بين فيلكا ومواقع الصبية شمال جون الكويت وتركز المباني في أجزاء معينة من جزيرة فيلكا فقط.
وقال ان البعثة الفرنسية مازالت مستمرة في ابحاثها في القلعة الهلنستية وموقع القصور في جزيرة فيلكا أو ما يطلق عليه (القرية المسيحية) مضيفا ان البعثة البريطانية تبحث في موقع كاظمة وتعمل على رصد المواقع التي تعود للفترة الاسلامية في جون الكويت في حين تكمل البعثة الايطالية دراسة موقع القرينية ليكون آخر موسم لهم هناك وسيتم اصدار دراسة حول مهامها بعد الانتهاء.
واوضح الشهاب ان البعثة الدنماركية تكمل دراسة موقع (قصر الحاكم) في جزيرة فيلكا و تعمل على بحث لاعادة دراسة المدينة الدلمونية في نفس الموقع لان الدراسة الأخيرة للموقع اجريت في منتصف القرن الماضي وان التراكم العلمي والوسائل التكنولوجية الآن ستساهم في فهم الحضارة والموقع بشكل أكبر.
وافاد بان هناك بعثة بولندية ستدرس مواقع أثرية تعود للقرن الخامس قبل الميلاد وعدة مدافن اضافة الى دراسة المستوطنات الاسلامية في جزيرة فيلكا و عدد من المنشات المغمورة تحت الماء التي رصدت وعلاقتها بالمستوطنات الموجودة في الساحل ورسم خريطة لها ولجون الكويت وسواحل الكويت الأخرى مبينا ان دراسة ما هو تحت الماء سيبدأ بمارس المقبل تفاديا لبرودة الماء حاليا وفي الاشهر المقبلة.
وعن آخر البعثات وهي الجورجية اوضح انها ستكمل الدراسة في عدد من مواقع جزيرة فيلكا أيضا وخصوصا التي تعود للعصور الحجرية التي عاشت في المنطقة.
وقال الشهاب ان شهر يناير المقبل سيشهد وصول عدد من الخبراء ليتعاونوا مع فريق متخصص من الشباب الكويتي في السعي وراء اتمام شروط ضم موقع (سعد وسعيدة) في جزيرة فيلكا إلى القائمة النهائية للتراث العالمي بعد ان ادرج الموقع في القائمة التمهيدية للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في آخر اجتماعاتها الدورية شهر يونيو الماضي.
وبين من ان من تلك الشروط التي ادرجت ضمن معاهدة (الاتفاقية الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي) التي اعتمدتها اليونسكو عام 1972 أصالة المكان واجراء صيانة وترميم له اضافة الى وضع خطة إدارة وتسويق وتدريب كوادر وطنية معنية بالحفاظ على الموقع مبينا ان المجلس يحرص على ذلك عبر دورات تدريبية مكثفة واحتكاك مباشر مع الخبراء الدوليين سواء داخل الكويت أو خارجها.
وعن أهمية تلك الدراسات والاهتمام الواضح الذي ينصب على البحث عن الحلقات المفقودة في التاريخ الانساني اوضح ان للتراث الانساني دورا مهما في الاضافة الكبيرة للتراكم الثقافي للمجتمع الذي توجد فيه أو العالم كله.
وذكر ان التراكم الثقافي الذي يتكون من التلاقح بين حضارات الانسان يشجع على قبول أفكار ووجود الآخرين ويعد رافدا مهما في تطور الانسان والمجتمع مؤكدا اهمية دور عدة جهات أخرى من أهمها الاعلام والتربية في نشر تلك الأفكار كونها انسانية لا تهمها الخطوط الجغرافية والسياسية وعليها ان تكون ايضا "بعيدة عن الأيدولوجيات والانحيازات". وأشاد بالجهات الحكومية والأهلية المختلفة التي كان لها دور مهم في التفاعل والتعاون مع البعثات والمجلس لاتمام وتسهيل عملية التنقيب والبحث العلمي لاسيما بلدية الكويت ووزارة الأشغال مضيفا انه ليس هناك مخاوف حاليا من إلحاق الضرر بالمواقع التراثية التي تعود لآلاف السنين في سبيل التطور المعماري والبناء حيث أصبح التعاون مطلقا مع تلك الجهات ليصل الى درجة تغيير عدة مشاريع ومسارها بالكامل تخوفا من غمر المواقع الأثرية والحاق الضرر بها.