مدينة "عنجر" في وادي البقاع اللبناني تختزن تاريخا تعاقبت فيه الحضارات والثقافات
عنجر "المسلة" … تختزن مدينة عنجر الاثرية في وادي البقاع اللبناني تاريخا مجيدا تعاقبت فيه الحضارات والثقافات بشكل قل مثيله وتشكل نموذجا لما كانت عليه المحطات التجارية الكبرى في التاريخ.
وارتبط اسم عنجر بقلعتها التاريخية التي كانت تمثل واحدة من اكبر المدن المتكاملة في العهد الاموي ( 660 – 750 ميلادي) في الشرق حيث تضم قصورا ومسجدا ومنازل وسوقا تجاريا مؤلفا من 300 متجر بالاضافة الى الحمامات البخارية المتميزة والباحة الخارجية التي تشكل واحدة من روائع التصميم الحضاري للقلعة والتناسق المذهل في داخلها.
وقال رئيس بلدية (عنجر) كربت بابوكيان في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) هنا اليوم ان "مدينة عنجر التي بناها الامويون في سنة 705 ميلادي كانت تشكل نقطة وسط بين مدينتي دمشق وبيروت وتبعد عن كل منهما 55 كيلومترا وتشكل نموذجا لما كانت عليه المحطات التجارية التي كانت تشق البقاع في الازمنة القديمة والوسيطة لتشكل عقدة رئيسية تلتقي عندها الطرق التي كانت تصل مناطق سوريا الشمالية بشمال فلسطين".
واشار الى ان قلعة عنجر بنيت في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك لكن حياتها لم تدم طويلا بعد وفاته فقد اقدم الخليفة مروان الثاني على تدمير جزء كبير منها اثر انتصاره في حرب دارت رحاها بجانب القلعة وفي اواخر الالفية الثانية بدأت الدولة اللبنانية اعمال البحث والتنقيب عن القلعة واشرفت على ترميمها حتى اعلنتها منظمة اليونسكو عام 1983 موقعا من مواقع التراث العالمي.
من جهته قال المهندس الاثري اسدور اندكيان في تصريح مماثل ل(كونا) ان بناء قلعة مدينة عنجر يعود لمخطط روماني وهندسة جدران بيزنطية تجمع بين الحجر والقرميد للحماية من الهزات الارضية .
واشار الى ان هذه المدينة كان يشقها طريقان رئيسيان يقسمان القلعة الى اربعة اقسام متساوية يضم كل منهما احياء شرقية خاصة بالخليفة وليد بن عبد الملك واحياء غربية لعامة الشعب على مساحة 114 الف متر مربع .
واشار الى ان القلعة تتميز بتيجان وعواميد وقواعد وتعتيبات كل قطعة مختلفة عن الاخرى في تصميم هندسي روماني وبيزنطي يشكل روعة وقمة في الهندسة المعمارية.
وتضم الاحياء الشرقية قصرا للخليفة وجامعا وقصرين للاغنياء وحمامات فيما الاحياء الغربية كانت تحتوي على مساكن مؤلفة من 600 غرفة سكنية للشعب .
ولفت الى ان " هناك بقايا مسجد داخل مدينة عنجر يعود للحقبة الاموية يبلغ عمقه نحو 10 امتار واتساعه 20 مترا ومحرابه يتوسط جداره القبلي المطل على قصر الخليفة " ويضم هذا المسجد قاعة صلاة وصحنا لا سقف عليه وبقايا مقصورة لحماية الخلافة ويحوي بئر ماء لحوض الوضوء.
واشار الى ان مدينة عنجر التي بنيت بين ( 705 – 717 ميلادي) على مخطط مستطيل الشكل اقيم حولها سور يبلغ طوله 370 مترا وعرضه 310 امتار وقد دعمت الاسوار من الجهة الخارجية بحوالي 40 برجا نصف دائري دعمت زواياها باربعة ابراج دائرية ويبلغ سمك هذه الاسوار نحو مترين فيما يربو ارتفاعها على سبعة امتار.
وفي عام 744 ميلادي قام الخليفة مروان الثاني بتدمير مدينة عنجر التي تعرضت بعد ذلك لدمار من نوع اخر حين اجتاحتها الفياضانات وطمرت معظم اجزائها .
لذلك لا تزال عنجر تختزن في باطنها الكثير من الاسرار بعد ان تحولت الى " تلة اصطناعية" وفقا لمفهوم علم الاثار الهندسي .
وعلى مقربة من الموقع الاثري لمدينة عنجر لا بد للزائر ان ياخذ قسطا من الراحة في عشرات المقاهي والمطاعم المتواجدة في المدينة والتي تقدم اشهى الاطباق اللبنانية والارمنية .