قمة مجموعة ال 20 تناقش اضطراب الاقتصاد بالأسواق العالمية
موسكو "المسلة" … واجهت مجموعة الدول العشرين الأزمة المالية العالمية في 2009 بتعاون غير مسبوق بين الدول المتقدمة والناشئة لتفادي انهيار اقتصادي وهو أمر لم يتكرر منذ ذلك الحين. وبعد مضي أربع سنوات تشكل التحولات في موازين القوى وحركة الأموال – وفي مقدمتها هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة – والخلافات المتزايدة بشأن سوريا اختبارا لإرادة قادة مجموعة الدول العشرين في اجتماع قمة يعقد في سان بطرسبرج ثاني أكبر مدينة روسية اليوم.
وتضم مجموعة الدول العشرين اقتصادات نامية ومتقدمة تمثل ثلثي سكان العالم و90% من ناتجه وهو ما يجعل من الصعب عليها تشكيل جبهة موحدة نظرا لاتساعها الكبير للغاية.
وقال خبير اقتصادي دولي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ رويترز عن المناقشات التي ستستغرق يومين “هناك افتقار شديد للتنسيق… لا أعتقد أني رأيت الوضع سيئا بهذه الدرجة من قبل”. وقد يكون الرئيس الأميركي باراك أوباما معذورا إذا أراد ألا يشارك في هذه القمة بعدما انسحب بالفعل من لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أعقاب خلاف بين واشنطن وموسكو. فأوباما يواجه صعوبات في حشد تأييد غربي لعمل عسكري ضد سوريا ردا على ما تقول واشنطن إنه هجوم بالأسلحة الكيماوية أدى إلى مقتل 1400 شخص. وتراجعت بريطانيا الحليف التقليدي بعدما اعترض برلمانها الأسبوع الماضي على توجيه ضربة عسكرية. وأثار سعي أوباما للحصول على موافقة الكونجرس على استخدام القوة دهشة الكرملين باعتباره مظهر ضعف بعد غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة وحربها في أفغانستان على مدى العقد الماضي.
ويريد بوتين وضع أزمة سوريا على جدول أعمال قمة الدول العشرين ومن غير المرجح أن يقدم أي تنازلات. وقال بوتين يوم السبت “إن مجموعة العشرين ليست بديلا لمجلس الأمن الدولي.. فهي لا تستطيع اتخاذ قرارات بشأن استخدام القوة. لكنها منصة جيدة لمناقشة المشكلة. لماذا لا نستفيد من ذلك؟ “هل من مصلحة الولايات المتحدة مجددا تدمير نظام الأمن العالمي وقواعد القانون الدولي؟ هل سيقوي ذلك موقف الولايات المتحدة على الساحة الدولية؟ أستبعد ذلك”.
وتقول سوريا وروسيا إن المعارضة السورية المسلحة هي التي نفذت الهجوم الكيماوي لتوفير غطاء لتدخل عسكري أجنبي. واستخدمت موسكو مرارا حق النقض في مجلس الأمن لعرقلة قرارات ضد سوريا. ويناقش الصراع السوري على هامش القمة بعض وزراء خارجية مجموعة العشرين الذين لا تتم دعوتهم عادة لهذا الاجتماع السنوي. لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت المسألة ستوضع أمام القادة لمناقشتها بشكل رسمي.
ومن غير المتوقع شن هجمات جوية في الوقت الراهن رغم الفزع الذي نجم عن اختبار صاروخي إسرائيلي أمس الأول إذ إن مفتشي الأمم المتحدة لم يرفعوا بعد تقريرهم عن قتلى دمشق ومن المنتظر أن يتخذ الكونجرس قراره الأسبوع المقبل. وتظهر بعض الأرقام خللا استراتيجيا. فالإنفاق العسكري للولايات المتحدة يشكل 39% من الإنفاق العسكري العالمي بينما يبلغ نصيبها من الاقتصاد العالمي 22%. ويبدي آخرون عدم رضاهم عن تدخلات عسكرية مكلفة. وفيما يتعلق بالأسواق المالية كان الدولار الذي يلعب دورا هائلا في النظام المالي العالمي ويشكل 62% من احتياطيات البنوك المركزية في أنحاء العالم مسؤولا بشكل جزئي عن تقلبات الأسواق أثناء فترة رئاسة روسيا لمجموعة العشرين.
التحفيز المالي
وبدأ العام بخلاف حول ما إذا كانت سياسة التحفيز المالي والنقدي الجريئة التي أطلقها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي تعد “حرب عملات” تهدف إلى تخفيض قيمة العملة لتعزيز القدرة التنافسية. وحظيت خطة آبي برضا المجموعة في نهاية المطاف حينما اجتمع وزراء المالية في فبراير. فالاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) يقوم على أي حال بشراء سندات بقيمة 85 مليار دولار شهريا في محاولة لاستعادة تدفقات ائتمانية بفائدة مقبولة في اقتصاد الولايات المتحدة. وحينما حذر بن برنانكي رئيس الاحتياطي الاتحادي في مايو الماضي من أن المركزي الأميركي سيقلص برنامجه التحفيزي مع تعافي اقتصاد الولايات المتحدة بدأت الدولارات ذات التكلفة الرخيصة التي تدفقت على الأسواق الناشئة في الهروب من تلك الأسواق. وكانت الدول التي تعاني من عجز محلي وخارجي وفي مقدمتها الهند هي الأشد تضررا.
وقالت كسينيا يوداييفا منسقة قمة العشرين في روسيا في مؤتمر صحفي “نتوقع جدلا شديدا حول الآثار الجانبية المحتملة لتخارج الولايات المتحدة من سياسة التيسير الكمي”.
ولم يظهر ما يشير إلى أن الأعضاء الآخرين من الأسواق الناشئة في مجموعة بريكس وهم البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا يقفون بجانب الهند العضو في المجموعة بعدما دعت نيودلهي الأسبوع الماضي إلى تدخل مشترك لدعم العملات. وقال نيل ماكينون الخبير الاقتصادي لدى في.تي.بي كابيتال “تظهر الضغوط والتقلبات في الأسواق الناشئة أن التعافي قد يتبدد بسهولة”.
ولا تزال دول مجموعة بريكس تكافح للتوصل إلى اتفاق لإقامة بنك تنمية مشترك وقد يستغرق التوصل إلى مثل هذا الاتفاق عدة أشهر وربما عاما بينما تراجعت فكرة إنشاء صندوق مشترك للتدخل في أسواق العملات.
التحايل الضريبي
ولا يمكن تصور أن تختتم قمة أعمالها دونما اتفاق على شيء ما. لذلك من المتوقع أن يوقع القادة على مقترحات لمكافحة التحايل الضريبي من جانب الشركات متعددة الجنسيات الذي تم الكشف عنه في يوليو الماضي.
ويناقش القادة أيضا مبادرة لتحسين القواعد المنظمة للسوق العالمية للمشتقات المالية مثل العقود الآجلة والخيارات وغيرها والتي يبلغ حجمها 630 تريليون دولار لتفادي حدوث اضطرابات محتملة. وسيمنح مجلس الاستقرار المالي التابع لمجموعة العشرين هذا القطاع مهلة حتى عام 2015 للامتثال للقواعد العالمية الجديدة.
وبينما اتخذت الولايات المتحدة والصين إجراءات جريئة لتحفيز الطلب فإن أوروبا تتباطأ في التخلي عن سياسة التقشف وترفض ألمانيا أكبر ممول في القارة توقيع صك مفتوح لدعم اتحاد مصرفي لمنطقة اليورو. وتفتت النظام المصرفي قد يضر بالنمو إذا أخفقت الدول في تجاوز خلافاتها حول البنوك الكبيرة المتعثرة التي لا يمكن السماح بانهيارها حسبما ذكره مارك كارني محافظ بنك انجلترا المركزي ورئيس مجلس الاستقرار المالي هذا الأسبوع. ولن يناقش القادة في قمة العشرين المسألة الملحة التي تتمثل في كيفية الحد من اعتماد العالم على عملة واحدة.
وقال نيل شيرنج الخبير لدى كابيتال إيكونوميكس في لندن “يعد الدولار وما يرتبط به من تيسير كمي عاملا رئيسيا للأسواق، بالنسبة للأسواق الناشئة.. الشيء الوحيد الأسوأ من ضعف الدولار هو الارتفاع الشديد للدولار”.