تزايد أهمية المطارات الخليجية عالميا يفرض عليها تحقيق مرونة تشغيلية
أصبحت على غرار مطار دبي تشكل محاور في النقل الجوي الدولي
دبي " المسلة " … قال تقرير اقتصادي صدر أخيرا إن تحقيق المرونة التشغيلية للمطارات والمحافظة عليها الطريقة المثلى التي يجب على مطارات الشرق الأوسط تبنيها للتعامل مع المتغيرات المسببة للحوادث التي يمكن معالجتها، مشيرا إلى أن تزايد أهمية مطارات المنطقة بوصفها محاور عالمية ينبغي أن يجعل المرونة التشغيلية بمثابة أولوية استراتيجية بالنسبة لها.
وقال التقرير الصادر من شركة «بوز آند كومباني» العالمية إن أحد تلك المحاور يتجسد في مطار دبي الدولي الذي أصبح ثاني أكثر المطارات ازدحاما على مستوى العالم من حيث حركة النقل الجوي الدولي، حيث شهدت قدرته الاستيعابية قفزة نوعية، حيث بلغت 57 مليون مسافر في عام 2012 بعد أن كانت لا تزيد على 10 ملايين مسافر في عام 1998. وفي السياق ذاته، حقق مطار جدة الدولي ارتفاعا في عدد الركاب، حيث استوعب 19 مليون مسافر في عام 2010، مقابل 10 ملايين في عام 1998.
وأكد التقرير الصادر بعنوان «المرونة التشغيلية أساس حماية قطاع الملاحة الجوية في المنطقة» أنه تضاف إلى ذلك توقعات نمو حركة النقل الجوي الإقليمي بشكل أكبر نتيجة لضخ الاستثمارات في البنى التحتية لمطارات المنطقة على غرار قطر، وسلطنة عُمان، والكويت، والبحرين، مما يضفي على المرونة التشغيلية المزيد من الأهمية لمطارات منطقة الشرق الأوسط.
وقال فادي مجدلاتي، شريك في «بوز آند كومباني»، إن تحقيق المرونة التشغيلية يستلزم من القائمين على المطارات التخطيط لما هو مرتقب والاستعداد لما هو غير متوقع، حيث إن المطارات المرنة ينبغي لها أن تتمتع بالقدرة على منع الأحداث قبل وقوعها، والتمكن من إدارتها والتعافي من آثارها حال وقوعها، ففي جوهر الأمر، يتعين على مديري المطارات التحلي بالقدرة الاستباقية على احتواء قضايا المرونة التشغيلية القابلة للإدارة، على غرار الهياكل الواضحة للقيادة والتحكم، والإدارة جيدة التنسيق لرعاية المسافرين.
وأضاف «على هذا النحو تستطيع المطارات، من خلال اعتماد وتطوير المرونة التشغيلية، التخفيف من وطأة الآثار المترتبة على وقوع الأحداث، وتعزيز قدراتها الاستيعابية، والاستمرار في المحافظة على معاييرها الفائقة». وعلاوة على ما سبق أشار التقرير إلى أنه بإمكان المرونة التشغيلية تعزيز العمليات الشاملة في المطارات، وليس فقط الاقتصار على وقت نشوب الأحداث، ولهذا السبب، ينبغي تنفيذ الجهود الرامية لتحسين المرونة التشغيلية وفقا لاستراتيجية منسقة تحقق أولويات المطارات في الأجل القصير والطويل بوصفها محاور للأعمال، وتُراعي مصالح الأطراف المعنية في المطارات.
وبالعودة إلى مجدلاتي أضاف «تتضمن المرونة التشغيلية التركيز على عشرة مجالات محورية، وربما يتطلب النجاح في ذلك تغييرا جوهريا وتطويريا في كثير من الأحيان للمطارات وآلية عملها، وهو الأمر الذي يرتقي بمستويات أنشطتها». ويتمثل المجال الأول بحسب التقرير في التأكيد على اعتبار المرونة التشغيلية أولوية استراتيجية للمطارات، وذلك من خلال جعلها جزءا محوريا من أجندة الرئيس التنفيذي، مع ضمان الحصول على الدعم اللازم من كبار المسؤولين، فيما ينطوي المجال الثاني على اتخاذ خطوات إضافية للحفاظ على علاقات وطيدة بين أبرز الأطراف المعنية، بما في ذلك شركات الطيران الرئيسة وشركات تقديم الخدمات الجوية ذات الأولوية على غرار مراقبة الحركة الجوية والاستجابة للطوارئ. وبمقدور المطارات تحقيق ذلك من خلال عقد اجتماعات دورية مع ممثلي الأطراف المعنية لتقاسم وتنسيق الخطط المعنية بالمرونة التشغيلية، بما يضمن جاهزيتها الفورية حال وقوع أي أحداث مفاجئة.
وبين تقرير «بوز آند كومباني» أن المجال الثالث يشمل تمكين الوسائل الاستباقية لمواجهة الأحداث وكيفية إدارتها. وبمقدور المطارات القيام بذلك من خلال تعزيز قدراتها، ووضع مؤشرات للإنذار المبكر تتم مراقبتها واتخاذ الإجراءات اللازمة وفقا لها، والعمل على إعداد خطة تشغيلية للمطار بحيث تتخذ القرارات لما فيه صالح المطار بأكمله، ويختص المجال الرابع بالاستفادة من المعلومات السابقة والفورية وتوفيرها لكل الأطراف المعنية. ومن المرجح أن يلمس المسؤولون التنفيذيون أهمية نظم المعلومات وقواعد البيانات على أرض الواقع، حيث يساعدهم استخدامها بشكل صحيح في استخلاص تحليلات بخصوص كل المجالات بدءا من مستوى الأداء التشغيلي والتوقعات ووصولا إلى التهديدات المحتملة.
ولفت أليساندرو بورغونيا، وهو شريك في بوز آند كومباني، أن المجال الخامس يركز على التقييم الكمي لمستوى الأداء والأثر المترتب لتحسين فهم مواطن قوة المطارات ومجالات تحسينها، وعلى المطارات السعي لتشكيل نظرة شاملة لوضعها الراهن بواسطة تفعيل نظام قياس الأداء الذي يعمل على تقييم مؤشرات الأداء الرئيسة، مع الأخذ في الاعتبار التغطية الإعلامية والأثر المالي. وزاد بورغونيا «يغطي المجال السادس التنسيق فيما بين مراكز القيادة والتحكم، حيث يتعين على كبار المسؤولين التنفيذيين القائمين على المطارات التأكد من عمل تلك المراكز على نحو يتسم بالتنسيق الوثيق في ما بينها، وتحديد المهام والمسؤوليات بشفافية تامة بما يكفل الاستجابة السريعة للتعامل مع الأزمات عند وقوعها».
وأكد أهمية وجوب أن يشمل المجال السابع الذي يختص بالمسؤولين التنفيذيين بالمطارات التقنيات الحديثة والمبتكرة، واستخدام الدوائر التلفزيونية المغلقة في المطارات، مع الكشف التلقائي عن الحوادث، ونظام تعقب المركبات بجوار ممرات الطائرات ومناطق التفتيش الأمني لتعزيز المرونة التشغيلية، موضحا أن المجال الثامن يتمحور حول مفهوم التأهب، حيث تحتاج المطارات والأطراف المعنية إلى تجاوز المتطلبات التنظيمية والعمل على تخطيط سيناريوهات وتدريبات واختبارات إضافية استنادا إلى الأحداث المحتمل وقوعها في المطارات.
وينطوي المجال التاسع على ترسيخ مبدأ أن الركاب هم الأولوية الأولى للمطارات. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك تكمن في إعداد خطة متناسقة وفعّالة لرعاية وخدمة الركاب بالتنسيق مع شركات الطيران المختلفة، فيما يتمثل المجال العاشر والأخير في عملية التحسين المستمر، حيث يتعين على المطارات مراجعة وتنقيح خطط الطوارئ في كل عام، ودراسة الأحداث التي عانت منها في العام السابق، بهدف ضمان عدم تكرار الاستجابات التي كانت دون المستوى الأمثل، مع الإشادة بالجوانب الإيجابية.
من جهته، قال مروان بجاني، مستشار أول في «بوز آند كومباني»، إن مطارات منطقة الشرق الأوسط تستطيع تحت مظلة المرونة التشغيلية التأقلم مع مختلف الأحداث المفاجئة، وهو الأمر الذي يمكنها من الإبقاء على قدراتها الفارقة، ويسهم في نمو قطاع الملاحة الجوية في المنطقة. والأهم من ذلك كله ما تكفله المرونة التشغيلية من تحسين للعمليات التشغيلية للمطارات على مدار العام، وتقديم تجربة فريدة الطراز للمسافرين.
وأضاف «صارت الأحداث غير المتوقعة التي تفاجئ المسافرين جوا بمثابة العرف السائد في مختلف أرجاء العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، وقد تشير أصابع الاتهام في مثل تلك الأحداث إلى سوء الأحوال الجوية، أو المشاكل الداخلية، أو الإضرابات عن العمل، أو حتى آثار بركان ثائر في آيسلندا، وفي الوقت الذي يتفاقم فيه الأثر المترتب على تلك الأحداث، تظل الأضرار المحتملة التي تطال سمعة المطارات وأعمالها على المدى الطويل أخطر بكثير، فقد تؤدي بالمسافرين إلى تجنب مطارات بعينها، أو قد تدفع بهيئات الطيران المدني إلى فرض ضوابط صارمة وغرامات مالية باهظة».
وزاد بجاني «في نهاية المطاف، تُلقي مثل هذه الأحداث بظلالها السلبية على قطاع الملاحة الجوية المزدهر في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يلعب دورا محوريا في التنوع الاقتصادي في المنطقة». وبين التقرير أن أحداث الملاحة الجوية تسببت في فوضى عارمة في المطارات لأنها قد تؤثر بشدة على أولوية العمليات اليومية التي تتجسد في تعزيز الإيرادات من خلال استضافة أكبر عدد من المسافرين على متن الطائرات بأقصى قدر من الأمان. وتتمكن المطارات من تحقيق هذا الهدف عبر عمليات متطورة ومعقدة من شأنها إذا ما تعطلت تقليص السعة المتاحة وعدد الرحلات.
وقد تتعرض المطارات التي تخفق في التعامل مع تلك الأحداث إلى عواقب وخيمة. فقد تؤدي كبرى المشاكل التشغيلية وحتى أصغرها إلى خسائر فادحة في العائدات، مما يتطلب تكاليف باهظة لمعالجة آثارها، كما تخلف وراءها خسائر اقتصادية أكبر على كل الأصعدة المحلية والإقليمية وحتى الوطنية. ووفقا لإحصاءات مؤسسة «أكسفورد» الاقتصادية، امتدت الأحداث الناشئة عن انتشار رماد البركان الآيسلندي في المجال الجوي الأوروبي في عام 2010 إلى قطاع الملاحة الجوية في الشرق الأوسط وأفريقيا مسببة له خسائر صافية تقدر بنحو 253 مليون دولار. على صعيد شركات الطيران.
ولفت التقرير إلى أنه علاوة على ما تواجهه شركات الطيران من آثار غير مباشرة من المناطق الأخرى، تعاني مطارات مجلس التعاون الخليجي من أحداث محلية ناجمة عن مشكلة الضباب، والذي يتسبب بدوره في تعطيل أكثر من 200 رحلة سنويا. وزاد التقرير «عادة ما تقع أحداث الملاحة الجوية نتيجة لثلاثة عوامل رئيسة، وهي عوامل خارجية، أو هيكلية، أو أخرى قابلة للإدارة، فقد يكون للعوامل الخارجية التي يتعذر التحكم بها، على غرار الأحداث السياسية أو الكوارث الطبيعية.
المصدر : الشرق الاوسط