الأردن.. معجزة سياحية خلابة غابت عن اهتمام السائحين الخليجيين
بلغت إيرادات الدخل السياحي للمملكة الأردنية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي حوالي 947.2 مليون دينار.وكانت إيرادات المملكة السياحية عن الفترة نفسها من عام 2012 هي 981.3 مليون دينار، مما يعني وجود تراجع بنسبة 3.4%. ويحظى قطاع السياحة في الأردن بمجموعة من مقومات النجاح جعلت هذا البلد وجهة سياحية للسياح العرب.
ويتمتع الأردن بالمواقع التاريخية الفريدة مثل البتراء وجرش والقصور الصحراوية فضلاً عن البيئة الطبيعية المتنوعة مثل العقبة، وادي رم، ووادي الموجب، والبحر الميت وغيرها. وتساهم الفنادق والمطاعم الفخمة المنتشرة في أنحاء الأردن بدور في دعم قطاع السياحة من خلال توفير مجالات المغامرة والترفيه لمحبي التشويق والإثارة.
ومن بين الأنشطة التي تتسم بالمغامرة ويمارسها السائحون في الأردن، سيارات الدفع لرباعي في الرم، الغطس تحت الماء في العقبة، التسلق في وادي الموجب، بالإضافة إلى التخييم في ضانا. ومن أبرز المعالم السياحية في الأردن البحر الميت الذي يقع على مسافة 55 كيلو متراً، وهو يمثل واحدة من أكثر البقاع انخفاضاً عن مستوى سطح البحر "400 متر"، والبحر الميت عاش عبر الحقب التاريخية المتعاقبة، ليصبح من أكثر المناطق جذباً للسائحين الباحثين عن الدفء في فصل الشتاء والطبيعة الخلابة والاسترخاء.
وتتميز منطقة البحر الميت بأنه من أهم المناطق السياحية للاستشفاء البيئي على مستوى العالم، حيث تحظى بمجموعة من العوامل الطبيعية التي أكسبتها مركزاً تنافسياً في المنطقة على صعيد السياحة العلاجية والاستشفاء والترفيه. ويقال إن الأملاح الموجودة بالبحر الميت تشفي كثيراً من الأمراض الجلدية مثل الصدفية والإكزيما، فمياهه غنية بمعدلات عالية من الأملاح، وعناصر الصوديوم والمغنسيوم والبروم والبوتاسيوم. ويتمتع الطين الأسود الذي يستخرج من شاطىء البحر الميت بأن له فعالية عالية جداً في تحفيز الدورة الدموية وتخفيف آلآم التهاب العظام والمفاصل وهو علاج رائع لجمال البشرة، ويساهم في القضاء على الحساسية وغيرها من الأمراض الجلدية.
وحتى يتمتع المرء بهذه الفوائد الجمة ما عليه سوى النزول على أحد شواطىء الفنادق المطلعة على البحر الميت، حيث مادة الطين الأسود التي يُدهن الجسم بها ثم يُعرض إلى أشعة الشمس ويُترك حتى يجف، وبعد ذلك تأتي مرحلة النزول إلى البحر الذي يغسل الطين ويبدله زيتاً على البشرة. وتتمتع أجواء المنطقة عند البحر الميت بالهواء النقي الجاف والمشبع بالأوكسجين، وذلك يرجع إلى ارتفاع الضغط الجوي في تلك المنطقة وزيادة كمية الأوكسجين بنسبة 10 % عن أي مكان آخر على وجه الأرض.
وبسبب انخفاض نسبة الرطوبة في هذه المنطقة يصبح التنفس أسهل وأفضل، في ظل أجواء تساعد على تحسين أداء القلب والجهاز القلبي الوعائي. ويساعد ارتفاع معدل الأملاح في البحر الميت على جعل مياه البحر قادرة على حمل الإنسان إذا ما استلقى على ظهره فوقها دون أن يحتاج الى اتقان السباحة. وفي منطقة البحر الميت تجتمع حزمة من المزايا هي التركيب الكيميائي الخاص لمياهه، أشعة الشمس المصفاة، الهواء المشبع بالأوكسجين بالإضافة إلى الطين الأسود المشبع بالمعادن والموجود على ضفاف البحر، فضلاً عن ينابيع الماء العذب والمياه الحارة المعدنية القريبة منه.
وتمتاز الأجواء في منطقة البحر الميت بطقسها المشمس على مدار العام، حيث يبلغ متوسط درجات الحرارة 30.4 درجة مئوية، كما أن الأشعة الشمسية في المنطقة تعتبر من النوع غير الضار بصحة الإنسان، وذلك مع وجود الهواء النقي الجاف والمشبع بالأوكسجين. ومن بين عوامل الجاذبية في منطقة البحر الميت وجود أفخم المنتجعات والفنادق الراقية التي تنتشر على شاطئه الشرقي، حيث تُقدم خدمات فندقية عالية المستوى، كما تنتشر هناك الإستراحات وأماكن الترفيه والرمال النظيفة.
ونال البحر الميت شهرة عالمية لأن فنادقه تعتبر أماكان مثالية لعقد الاجتماعات والمؤتمرات والندوات المحلية والإقليمية والدولية . وتضم منتجعات البحر الميت التي تنتمي لعلامات فندقية راقية العديد من الأجنحة العلاجية التي تقدم مختلف الجلسات العلاجية مثل الأيروفيدا، العلاجات الآسيوية، علاجات الطين والملح إضافة إلى أحواض "واتسو" وهي تقدم التدليك العلاجي الذي يجري داخل المياه العميقة.
وتوفر المنتجعات في هذه المنطقة حمامات السباحة، أحواض الجاكوزي الداخلية والخارجية، الكهف الجليدي بالإضافة إلى غرف البخار. ويحصل الزائر على مستوى عال من الاسترخاء، هدوء الأعصاب والراحة، مما يولد لديه شعوراً قوياً بضرورة العودة وزيارة هذا المكان مجدداً في أقرب فرصة سانحة. وعلى بعد كيلومترين من فنادق البحر الميت يقع شاطىء عمّان السياحي، الذي تتوافر فيه أحواض للسباحة، غرف تبديل الملابس والأماكن الخاصة بالتنزه التي يمكن أن يرتادها الزوار غير الراغبين في الاستفادة من خدمات المنتجعات والفنادق.
ويحظى زوار هذا الشاطىء بخدمات ممتازة مقابل رسوم قليلة حيث يستطيع الزوار السباحة واستعمال الطين الذي يباع هناك بأسعار مناسبة. ويعتبر شاطىء عمّان مكاناً مثالياً للزوار الراغبين في قضاء ساعات قليلة بمنطقة البحر الميت. وعلى مقربة من البحر الميت تقع شلالات معين ذات المياه المعدنية الحارة والتي تبلغ درجة حرارتها بعد تدفقها من الينابيع المعدنية حوالي 43 درجة مئوية. وتتدفق هذه المياه من أعلى القمم إلى أدنى الجبل الذي ينخفض عن سطح البحر كذلك بـ 264 متراً لتجري دافئة في الوادي.
ويمكن للسائحين زيارة الشلالات الثلاثة من خلال المنتجع المحيط بمنطقة الشلالات حيث يستطيع الزوار الذين لا يرغبون في قضاء يوم كامل في المنتجع، دفع رسوم رمزية للشخص الواحد حتى يتمكنوا من استخدام الشلال الأول. وفيما يخص الشلالين الثاني والثالث، فهما مخصصان لنزلاء الفندق مجاناً، كما أن الشلال الثالث يضم مركز سبأ داخل مبنى مستقل. وتشتهر معين بمنتجعها وعياداتها الطبيعية التي تقدم العلاج للمصابين بالأمراض الجلدية، أمراض الدورة الدموية، وآلام العظام والمفاصل والظهر والعضلات.
وتوفّر العيادات المتخصصة التمارين الرياضية، وتقدّم مجموعة من الخدمات المرافقة تشمل الإقامة المريحة والعلاج بالمياه المعدنية ضمن برك مكشوفة، وأخرى مغطاة. ويمكن لزائري العيادات استخدام الطين الغني بالعناصر المفيدة التي تساعد في تجميل البشرة وعلاج أمراض الجلد. وتحتوي منطقة وادي معين على فندق واحد ذي خمسة نجوم وهو فندق "الحواس الست" وهو يقدّم نفسه كمكان مخصص للاستجمام والاسترخاء الراقي. ويضم هذا الفندق عدداً من المطاعم والمقاهي ذات الطابع العربي البدوي وكذلك بعضها له طراز عالمي.
ويقع داخل الفندق مطعم "اوليف" في خيمة كبيرة تقدم فيها أكلة "الزرب" – شبيهة بالمندي – وهي عبارة عن لحم غنم وخضار ودجاج وأرز مطهو تحت الأرض لمدة ساعتين. ويوجد بالفندق مطعم "بانوراما البحر الميت" وهو يمنح إطلالة رائعة على البحر الميت ويتميز بالأكلات العربية والعالمية. وفيما يتعلق بالعاصمة الأردنية عمّان، فهي مدينة أقيمت على عدد من الهضاب والمرتفعات وأخذت تمتد وتتسع عاماً بعد عام، لتشمل مزيداً من المناطق والمساحات.
وجاءت "عمّان" امتداداً تاريخياً لربة عمان ومدينة الحب الأخوي "فيلادلفيا"، حيث أكسبها موقعها الجغرافي خصوصية وجعلها "واسطة العقد" بين الصحراء ووادي الأردن الخصيب، من حيث المناخ المعتدل والإطلالة المرتفعة التي تتيح التمتع بالمناظر الساحرة الخلابة من كافة جهاتها الأربع. وتمتاز عمّان المدينة الحديثة بأنها مدينة نظيفة، بُنيت أغلب أبنيتها من الحجر الأبيض وزُينت شوارعها بالأشجار الخضراء، كما أن طرقها معبدة. وتعتبر العاصمة الأردنية لوحة فنية فائقة الجمال، وهي نموذج رائع يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ففي قلبها وعلى أطرافها وفي ضواحيها تختلط الأسواق التقليدية والمشاغل الحرفية بالفنادق الفخمة والمطاعم المتعددة الأصناف.
"عمّان" تبرهن في كل ركن وزاوية على عراقتها التاريخية وازدهارها المعاصر، كما أنها شهدت في السنوات الأخيرة نهضة اقتصادية وعمرانية هائلة. وتضم المدينة مع ضواحيها حوالي نصف سكان الأردن الذين يمثلون مزيجاً من الثقافات والأعراق والطوائف تسود بينهم مشاعر الألفة والمحبة ويجمعهم حب وطنهم وشرف الانتماء إليه. ويمتاز أهل "عمّان" بالطيبة والكرم واحترام الضيف وإكرام الوافد وترحيبهم بإطلاع الزائر على المعالم مدينتهم النابضة بالحياة.
وبالرغم من قرب هذه المدينة من منطقة الخليج، إلا أن الكثير من السياح يجهلونها، ولم تدخل حتى الآن ضمن خريطة السياحة الخليجية في الشرق الأوسط. وبدأ هذا الوضع يتغير خلال العام الحالي حيث أصبحت "عمّان" المدينة الأولى أمام السياح الخليجيين من رواد القاهرة ودمشق وبيروت، لأن أجواء "عمّان" قريبة جداً من أجواء هذه المدن، مما جعلها الأقرب إلى نفس السائح الخليجي، خاصة أنها المدينة الوحيدة التي تستقبل السياح المسافرين بالسيارة، وهم شريحة كبيرة من السياح في فصل الصيف.
وتتميز هذه المدينة الكبيرة بوجود تشكيلة متعددة من المطاعم المتنوعة الأذواق والمواصفات وهو يسمح لمختلف الفئات الاجتماعية بأن تختار المطعم الذي يتناسب مع أذواقها المتباينة. وعلاوة على المطاعم الفاخرة الراقية التي تقدم أنواعاً متعددة من الأطعمة الغربية والأجنبية والعربية مثل مطعم "سفرة"، "تنورين"، "فخر الدين" ومطعم "لايفنت"، توجد كذلك مطاعم شعبية تقدم وجبات شعبية ومحلية وتقليدية جيدة مثل "أبو جبارة"، "هاشم"، و"الريم".
وتقدم هذه المطاعم الأردنية أنواعاً من الحلويات والمأكولات الشرقية اللذيذة التي تنفرد بها هذه المدينة عن سواها من مدن العالم، كما توجد بها مطاعم تقدم الوجبات السريعة بأسعار مقبولة، وهو ما ينطبق على بقية المدن الأردنية الكبيرة. وفي منتصف الطريق الدولي من عمان إلى إربد وعلى مسافة تقل عن ساعة من عمان شمالاً، تقع مدينة جرش التي تحيط بها هضاب مكسوة بالغابات، وتعتبر إحدى المدن التاريخية الأثرية التي ظلت محافظة على معالمها الأثرية حتى يومنا الحاضر.
وجرى الكشف عن هذه المدينة الرومانية التي كانت تغطيها الرمال قبل أكثر من 70 عاماً، فظهرت إلى الوجود بشوارعها المبلطة والمعبدة وهياكلها المرتفعة القمم ومسارحها ومدرجاتها ومساحاتها إلى جانب الميادين و الحمامات والشلالات والأسوار. وخضعت "جرش" للحكم الروماني بعد أن احتلها القائد الروماني بومبي 63 ق. م، ثم دخلت في حلف المدن الرومانية العشر "الديكابوليس"، وأصبحت أعظم هذه المدن وحملت اسم "جراسيا"،
ورغم خضوع "جرش" للحكم الروماني، إلا أن هذه المدينة بقيت تعكس روح ثقافتين وحضارتين هما اليونانية والرومانية، رغم أن مظهرها وطابعها يدلان على الطراز الروماني. وقامت إلى جوار جرش الرومانية مدينة جرش العصرية، وساهم التخطيط السليم والرؤية الصائبة في الحفاظ على المدينة الأثرية داخل أسوارها لتقوم إلى جوارها مدينة جرش الحديثة.
المصدر : سبق