خبراء الإتحاد الأوربي للترميم : ترميم التراث العمراني في السعودية لن ينجح ما لم يتم تشغيله واستثماره
الرياض "المسلة" … أكد عدد من خبراء ترميم التراث العمراني في إتحاد شركات الترميم الأوربية أن ترميم التراث العمراني في المملكة العربية السعودية لن ينجح ما لم يتبع بتشغيله واستثماره من شركات متخصصة تضمن زيارة الناس له واستفادة المجتمعات المحلية من الخدمات والأنشطة السياحية المقامة فيه، وتوفير مصدر مالي لاستمرار هذه المواقع.
وأشاروا إلى أن المملكة تزخر بالعديد من المباني والمواقع التراثية المميزة والمتنوعة في أشكالها المعمارية والتي ستكون مواقع ناجحة وجاذبة للسياح حال تشغيلها وترميمها بشكل ملائم ومدروس.
ونوهوا بما تشهده المملكة من مشاريع للترميم في عدد من البلدات والمواقع التراثية بالتعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشئون البلدية والقروية ، مشيرين إلى أن جهود الترميم الرائعة في السعودية تحتاج لتكاتف الجهود للتشغيل واستثمار المباني لتؤتي ثمارها.
ويقول خوزيه ميجيل روبيو رئيس اتحاد شركات الترميم في إسبانيا ونائب رئيس اتحاد شركات الترميم الأوربية بأن المملكة العربية السعودية تتميز باحتوائها على مواقع تراثية قيمة، وقد سبق أن زرت الرياض من قبل وتعرفت على بعض المعالم الأثرية فيها، وشاركت في تطوير حي سمحان في الدرعية التاريخية، وأعتقد أنه يجب على المملكة المحافظة على ما هو موجود لديها الآن من التراث العمراني والعمل على ترميم المتأثر منه.
ويضيف: "يجب على القطاعين العام والخاص المساعدة في الحفاظ على المواقع التراثية واستثمارها وليس فقط ترميمها، ويجب على المجتمع أن يعي ضرورة المحافظة على التراث والآثار والمساهمة في هذا الأمر أيضا. فالترميم عملية تحتاج إلى المال، لكن الاستعمال اللاحق والمستمر لمباني التراث العمراني التي يتم ترميمها تعوّض هذه المصاريف التي تم دفعها، وتكون رافدا اقتصاديا مهما.
من جانبه يرى ادولفو سانتشيث رئيس مجموعة الترميم الاسبانية ورئيس اتحاد شركات الترميم في أوروبا أن ترميم التراث العمراني يحتاج إلى شركات وخبراء متخصصين، وأن الترميم مرحلة يفترض أن تتبعها مرحلة أخرى هي إدارة هذه المواقع، وهذا ما جعل الدول الأوربية تنجح في استثمار هذه المواقع وجعلها مناطق سياحية تجتذب ملايين السياح سنويا.
ويضيف بأنه رافق الوفد المشارك في رحلة استطلاع الخبرة الاسبانية في التراث العمراني التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرا لعدد من الأمناء ورؤساء البلديات ولمس اهتمامهم بترميم المواقع التراثية، وتحويلها إلى مناطق سياحية.
ويتابع: "في إسبانيا في السنوات العشرين الأخيرة تم بذل مجهود كبير في عملية استعادة أحياء كانت مُهدمة وكانت قديمة، وجعلها صالحة للاستخدام من جديد لأغراض مختلفة، وقد ساهمت الدولة بدعم عمليات الترميم وكان المواطنين أيضا متحمسين لترميم بيوتهم، والمواقع السياحية بعد ترميمها احتوت على المتاحف والمطاعم والخدمات الأخرى وضمت مقار لدوائر حكومية، ونتطلع الى استفادة السعوديين من هذه التجربة في الاستفادة من تراثهم الجميل".
أما السيد فرناندو كوبس الخبير الأسباني في ترميم المباني التراثية وعضو اتحاد شركات الترميم الأوربية فيرى أن ترميم التراث العمراني واستثماره ضرورة وطنية واقتصادية والدول المتحضرة تستفيد من تراثها في حفظ تاريخها والاستفادة منه اقتصاديا وثقافيا.
ويقول: "لقد أشرفت على العديد من مشاريع الترميم في اسبانيا وبعض الدول الافريقية، وأنا أشارك في أعمال الترميم بحي سمحان في الدرعية التاريخية، كما أنني رافقت الوفد المشارك في رحلة استطلاع الخبرة الاسبانية في التراث العمراني التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخرا لعدد من الأمناء ورؤساء البلديات وأرى أن هذه الزيارة مهمة جدا لأن الوفد سيطلع على كيفية الحفاظ على المدن التراثية وهويتها عن طريق الحفاظ على آثارها وتراثها، والاستثمار في المناطق التراثية يُعد ضروريا لعدة أسباب، أولا لأنها هوية وتاريخ البلد والشعب، مثلا نحن هنا رومان وأندلسيين، وأيضا نحن الآن في طليطلة مثلا فهي مدينة غنية لأنها حافظت على آثارها ولها مورد اقتصادي مهم جدا من الآثار.
وبالنسبة لمستوى إسبانيا في مجال الترميم على المستوى الأوروبي فحاليا نحن أمام إيطاليا على المستوى الأوروبي ومن خلفنا أيضا فرنسا، وهي البلدان الثلاثة الأهم في ترميم التراث في العالم وإسبانيا في مقدمتها".