السويدي : 250 ألف وظيفة بقطـاع الطيران.. والتوطين شبه معدوم
أبوظبى "المسلة" …. يوفر قطاع الطيران في الدولة 250 ألف فرصة عمل في مختلف المجالات، موزعة على قطاعات مباشرة، وأخرى غير مباشرة، مع توقعات بأن تنمو بمعدلات لا تقل عن 30% خلال السنوات الخمس المقبلة، مع توسعات أساطيل الناقلات الوطنية، وتوسعات البنى التحية بقطاع النقل الجوي، بما في ذلك المطارات والمرافق الأخرى.
وفي المقابل، لا توجد تقديرات فعلية عن نسب التوطين بين هذا العدد من الوظائف، بينما تشير تقديرات إلى أن النسبة تصل إلى 5% بين العاملين في بعض الناقلات، وأقل من ذلك بكثير في ناقلات أخرى، وإن زادت عن هذه النسبة بين الإدارات العليا، بينما بالكاد تختفي نسب التوطين بين الوظائف الخدمية، مثل، أطقم الضيافة، والوظائف الدنيا، وبين العاملين في مجال المبيعات في مراكز السفر.
الاتفاق العام بين الجميع أن غياب التوطين في مجال الطيران، وفي الوظائف الخدمية منه، يرجع إلى عوامل ثقافية واجتماعية، وما يعرف بـ “ثقافة العيب”، والعمل في وظائف “قريبة من مهن “الخدم” مثل “أطقم الضيافة على الطائرات”، إلى جانب غياب الوعي المجتمعي بأهمية العمل في وظائف تمثل “واجهة الوطن”.
كما يرى البعض أن تفاوت جهود شركات الطيران بين ناقلة وأخرى، أقل من المأمول منها، فيما يتعلق باستقطاب الكفاءات المواطنة، وتأهيلها للاندماج فيه، أحد أسباب ندرة المواطنين في القطاع، بخلاف عدم التناسب بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل في مجال النقل الجوي، إلا أن الأمر يبقى مرهوناً بوجود رؤية أكثر شمولية للتوطين في مجال الطيران حسب الاتحاد.
وأوضح سيف السويدي المدير العام للهيئة العامة للطيران المدني أن نسبة التوطين في قطاع الطيران محدودة للغاية، لافتاً إلى أن عدد العاملين بالقطاع بشكل مباشر وغير مباشر يتجاوز 250 ألف عامل، حيث توجد قطاعات تتصل بأنشطة الطيران في الدولة، ونسبة المواطنين فيها محدودة للغاية.
وأشار إلى وجود العديد من الأسباب وراء تدني نسب التوطين، على رأسها، أن السمة التجارية هي السائدة في التوظيف، بينما العنصر الاجتماعي يكاد يكون محدوداً للغاية، وحتماً يفوق مبدأ الربحية بالقطاع مفهوم التوطين، كما أن عدم وجود قانون ملزم بنسب توطين حقيقية وفعالة في القطاع، وليست شكلية، كما هي الحال في قطاعات أخرى مثل البنوك، سبب رئيسي في محدودية معدلات التوطين.
وأضاف أنه ورغم أن المواطن أثبت كفاءته ليس على الساحة المحلية فحسب، بل على الساحة الدولية في قطاع الطيران، إلا أن النظر إليه من جانب الشركات والمؤسسات مازال يشوبه “قِصر نظر”، مشدداً على أن وجود تشريع أصبح ضرورة بشرط أن يكون فعالاً، إلى جانب أهمية تثقيف العنصر المواطن، للانخراط في مجال الطيران، مع توضيح أهمية العائدات منها على الموظف والمزايا العديدة. وقال “لا شك في أن هناك ندرة شديدة بين المواطنين المتخصصين في مجال الطيران، وهو ما يمثل عامل طلب كبيراً عليهم، من المؤسسات الراغبة والحريصة على التوطين”، لافتاً إلى أن التوطين في هذا المجال بحاجة إلى تكاتف جهود جميع الجهات في الدولة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، ووزارة العمل، موضحاً أن مخرجات التعليم ما زالت محدودة للغاية، فيما يتعلق بتلبية سوق العمل في هذا المجال؛ نظراً لتعدد التخصصات المطلوبة، سواء هندسية أو إدارية وفنية.
وبين أنه لا يوجد في الدولة والمنطقة تخصصات للماجستير والدكتوراه في بعض مجالات الطيران، بينها “قانون الطيران” أو أنظمة الملاحة الجوية، وتخطيط المطارات وهندسة الطيران، وغيرها”، مشيراً إلى أن “الهيئة”، وفي سبيل تغطية هذا العجز، دعت ومازالت تدعو إلى منظومة تعليمية متكاملة في مجال الطيران، تتعاون فيها كل الجهات، لتحقيق نقلة حقيقية في مجال التوطين. وأضاف “ان القضية أكبر من ذلك، فالتوطين بحاجة إلى وسائل للتشجيع على الاستثمار في مجال التعليم والبحث في علوم الطيران، والسؤال المهم: لماذا لا تكون هناك منطقة حرة في مجال الطيران، على غرار المناطق الحرة في العديد من المجالات؟ وهو ما ندعو إليه من خلال (الهيئة)، ونحن على استعداد لتقديم الدعم الفني في هذا المجال”. وأوضح أن النمو الذي يشهده القطاع في الفترة الحالية، ووجود العديد من المشروعات الجاري تنفيذها والمستقبلية، يتطلبان وجود أجيال مواطنة، ومراكز علمية متخصصة لتأهيلهم، ويمكن أن تكون منطقة حرة تعليمية بحثية المدخل لذلك، خصوصاً أننا نتحدث عن رؤية استراتيجية بعيدة المدى.
ويؤكد أن هناك ثقافة مجتمعية تجاه بعض الوظائف من جانب المواطنين الذين لا يرغبون في العمل بها، مثل “أطقم الضيافة على الطائرات، التي تتجاوز فرص العمل في مختلف الناقلات الوطنية ما يقارب 30 ألف وظيفة”، لافتاً إلى أن البعض ينظر لهذه الوظائف، بأنها “وظائف خدم”، ما يحتاج لثقافة جديدة وتوعية.
وشدد سيف السويدي على أن التوطين هو صمام الأمان لاستدامة قطاع الطيران، لكونه عنصراً غير نازح، في جميع الحالات، بعكس العنصر البشري الوافد، كما أن التوطين في النقل الجوي بحاجة إلى تركيز في المجالات الحساسة، موضحاً أنه تم تحديد هذه المجالات في المطارات بوظائف الملاحة الجوية والمراقبة الجوية والأمن الجوي، بمن في ذلك أمن المطارات، ومهندسو الملاحة، وأنظمتها.
وأشار إلى أن قائمة أولويات التوطين، من الناحية الاستراتيجية، بشركات الطيران، هي وظائف المهندسين الجويين، والطيارين، ووظيفة “المرحلين” المسؤولين عن تجهيز الطائرات للإقلاع، إلى جانب المناولة الأرضية سواء بالمطار أو لشركات الطيران. وأشار إلى أن الهيئة العامة للطيران المدني نجحت في إلزام المطارات في الدولة بتوطين وظائف مديري الأمن في جميع المرافق، وشركات الطيران، وما زال هناك عدد محدود جداً، تم منحهم مهلة إلى نهاية العام الجاري، لتوطين هذه الوظيفة لحساسيتها للأمن القومي، حتى نتضمن حماية منافذ الدولة في ظل المتغيرات العالمية الراهنة.
وأوضح غيث الغيث الرئيس التنفيذي لشركة “فلاي دبي” بشأن شكوى البعض من أن بعض الشركات الوطنية تضع العقبات أمام انخراط المواطنين في قطاع النقل الجوي، بينما تهتم بتوظيف غير المواطنين والأجانب، أن قطاع الطيران من أسرع القطاعات نمواً في دولة الإمارات، فهو يسهم بحوالي 30% من الناتج الإجمالي لإمارة دبي، بحسب تقرير “أكسفورد بزنس جروب – دبي 2013”، واقتباساً عن الهيئة العامة للطيران المدني، بما يجعله ضمن أكثر القطاعات خلقاً للفرص الوظيفية.
وأضاف “تسعى (فلاي دبي)، وبحكم النمو السريع الذي تشهده الناقلة، إلى تحقيق زيادة كبيرة في فريق عملها خلال المستقبل القريب، حيث تتماشى الزيادة في الأسطول والوجهات مع الحاجة إلى المزيد من الكفاءات المهنية سواء من مواطنين أو أجانب لدعم مسيرة الناقلة”.
ولفت إلى أن الإداري في قطاع الطيران، يلقى اهتماماً ضمن خطط التوطين، موضحاً أن لدى “فلاي دبي” نخبة من الكفاءات المواطنة التي تسهم بفعالية في نجاح الشركة، وتشغل مجموعة منهم مناصب إدارية عليا مثل، رئيس العمليات التجارية، ومدير قسم العائدات الإضافية، ومدير قسم الشحن.