السياحة الدينية.. هي ما تبقي من صناعة الأمل
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
حالة الانهيار التي نعيشها نتيجة الفوضي والانفلات الأمني وغياب الأمن والأمان.. جعلت وزير السياحة هشام زعزوع ومنذ توليه المسئولية يعاني من حالة يأس من انصلاح الحال. من الطبيعي ان يدفعه هذا الوضع ان يوجه جهوده الي السياحة الطاردة الدينية في شكل ضوابط لضمان سير موسم الحج والعمرة.
ليس جديدا القول ان هذه السياحة التي تشغل اهتمام وبال ملايين المصريين نتيجة قدسيتها ومناسكها الدينية لا تحقق أي عائد مادي للدولة بل علي العكس فأنها تستنزف جانبا كبيرا من دخل العملات الأجنبية. كان طبيعيا ألا نشعر بوطأة هذه المليارات من الدولارات التي يحتاجها تمويل هذه الرحلات الدينية التي يحلم بها الغالبية المصرية المسلمة عندما كان هناك رواج في السياحة الوافدة التي تأتي للخزينة بمليارات الدولارات. هذه المتغيرات تعني ان تمويل متطلبات الحج والعمرة سيتم وعلي ضوء الفقر في موارد العملات الاجنبية.. قطعا من لحم الحي.
لا جدال أن ضوابط الحج أمر مطلوب تيسيرا علي آلاف المصريين الذين يقومون بهذه المناسك المقدسة.. إن اهم هذه الضوابط هي تكلفة هذه الرحلات خاصة بالنسبة للفقراء ومحدودي الدخل الذين يعيشون عمرهم يحلمون بأداء هذه المناسك.
ان اهم ما يجب ان يكون مثار اهتمام وزير السياحة هو الحد من المغالاة في التكلفة سواء من جانب شركات السياحة أو من جانب الطرف السعودي المتمثل في منشآت الاقامة والخدمات. لقد لوحظ علي سبيل المثال ان تنظيم هذه الرحلات للحجاج من خارج مصر خاصة من بعض الدول الأوربية مثل بريطانيا تقل تكلفتها بنسبة لا تقل عن 30٪ عن تكلفة القيام بها من مصر رغم فروق المسافة التي تقطعها رحلة الطائرة.
وفي مجال الحديث عن أهمية مراجعة تكلفة رحلات الحج لابد ان نشير الي الانجاز الذي حققه وزير السياحة السابق منير فخري عبدالنور من خلال عملية تنظيم الحج. لا أحد يمكن أن ينكر ان هذا المشروع قد ترتب عليه تخفيض تكلفة رحلات الحج بنسبة تتراوح ما بين 10٪ و15٪. جري ذلك من خلال وقف متاجرة بعض الشركات السياحية بالحصص التي كانت تحصل عليها دون ان تقوم بالمشاركة الفعلية في تنظيم هذه الرحلات.
لقد اثبتت الاحداث علي ارض الواقع ان عملية الاستغلال في رفع الاسعار لم تكن تقتصر علي المتاجرة في الحصص ولكن كانت تشمل ايضا تحميل الحاج قيمة مرتفعة لتأشيرة الحج التي يتم منحها مجانا.
ولا يمكن تناول موضوع الحج والعمرة الذي يرتبط بالمعتقدات الدينية المقدسة دون ان نتطرق الي ان هذه الرحلات تستخدم الايرادات التي تحققها السياحة الوافدة. ان السياحة الدينية في نفس الوقت كانت تقوم بتمويل صندوق السياحة الذي يساهم بشكل إساسي في تمويل تكلفة الحملات الدعائية لمصر كمقصد سياحي. انه وبعد الانحسار السياحي الوافد فان العبء الأكبر للانفاق علي هذه الحملات وإلي ان يفرجها الله ستتحمله السياحة الدينية.