وزير سياحة الفنكوش والكركدية المنعش!
بقلم : سعيد جمال الدين
سمعنا من قبل عن الترويج للسياحة المصرية من خلال الأنماط التى تحتضنها مصر سواء الشاطئية أو التاريخية أو الثقافية أو السفارى سواء فى الصحراء أو فى عرض البحار وغيرها من الأنماط التى تشتهر بها مصر .. وكثيرا ما رأينا وزراء السياحة عبر السنوات الماضية وخاصة منذ عام 1993 والتى كانت بداية ولاية الراحل العبقرى العظيم الدكتور ممدوح البلتاجى لمهام منصب وزير السياحة فى ظل تعاظم وتصاعد العمليات الإرهابية فى مصر وبالتحديد فى صعيد مصر ، وخلفه المحترم أحمد المغربى فى مهام هذا المنصب ثم جاء الوديع الهادى زهير جرانه، وأعقبه منير فخرى عبد النور، وخلفه هشام زعزوع ثم خالد رامى ليسترد بعدها هشام زعزوع هذا المنصب مرة أخرى إلى أن جاء الوزير الحالى يحيى راشد الذى يخرج علينا يوما بعد الأخر "بفنوعة" و "فنكوش جديد" ما بين ما أطلق عليها مبادرة ال 36 وهى حاصل ضرب 6 محاور وإنهائها فى 6 شهور..
ورغم الإعتراضات التى شهدتها هذه المبادرة إلا إنه صمم على العمل بها رغم أنف الجميع .. والغريب والعجيب لهذا الوزير أنه خرج علينا بتصريحات رسمية صادرة من مكتبه الإعلامى تضمن خلال لقاء أجراه مع أجهزة إعلامية صينية تزور مصر حاليا موجها الدعوة للصينيين لزيارة مصر ليس من أجل التعرف على الحضارات المتعددة، أو على المقاصد السياحية الرائعة فى جميع ربوع مصر والأنماط التى تبهر قاصديها .. وإنما إختزل ما تحتويه مصر من مقومات وأمكانات سياحية تمتد إلى بداية العالم والبشرية وجذور التاريخ ودعاهم عبر هذا اللقاء الإعلامى لزيارة مصر وتناول مشروب "الكركدية أه والله العظيم حصل وتحديدا هذه الفقرة فى البيان الإعلامى (وأشار الوزير إلى أن المطبخ المصري ثرى وله نكهة و مذاق خاص فعلي سبيل المثال لا الحصر لدينا مشروب الكركديه وهو صحي و مفيد للغايه و ندعو الصينين خلال المعرض للتعرف علي الماكولات و المشروبات المصرية التي ستلقي اعجابا كبيرا لديهم ) .. إيه رأيكم بقى فى كلام الوزير الهمام الذى أبتكر وأكتشف بعد تفكير وبحث عميق ودقيق نمطا سياحيا فريدا ألا وهو سياحة المشروبات من الأعشاب الطبية ، وان الصين التى لم تترك شيئا فى العالم إلا وقلدته بما فيها الأعشاب الطبية التى يتهافت عليها العالم وفى مقدمتها الجينسينج وغيرها من الأعشاب المفيدة .. ياراجل ده أخر تقاليع التى أطلقت على الصين أن الثلج المتكون فى الديب فريز الثلاجات أصبح صينى .. وهكذا يا سادة يا كرام تحول يحيى راشد وزير السياحة لينافس العلامة القدير المحترم الدكتور عادل عبد العال والدكتور سعيد حساسين فى كتابة الروشتات الطبية التى يتم صرفها من العطارين بدلا من الصيدليات.
لقد أصابنى وغيرى من القطاع السياحى صدمة كبيرة فى هذه التصريحات من قبل هذا الوزير الذى على ما يبدو إنه يعشق البقاء فى المغارة بدلا من الوزارة و يختفى فى المواجهات وأخرها حادث سقوط الطائرة الذى كان يجب أن يكون كتفه بكتف زميله فى الوزارة شريف فتحى وزير الطيران…. وفوجئنا بأنه يظهر بعد مرور أربعة أيام كاملة من الحادث ليواسى أهالى الضحايا بدلا من إصدار تعليماته إلى المكاتب السياحية فى الإسراع بتوجيه أحاديث صحفية سواء من خلالها أو من خلال الشركة الدولية للعلاقات العامة لتدعيم مصر للطيران والتاكيد على نفى الشائعات التى أحاطت بطاقم الطائرة ..لقد سئلت نفسى عدة مرات لماذا تم تشكيل الحكومة الأخيرة بعد تعديلات وزارية بها ولم يقم المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ليختار بديلا لهشام زعزوع وزير السياحة ،وترك هذه الوزارة دون وزير هذه الفترة الماضية فى ظل هذه الظروف الصعبة المريرة التى يتعرض لها القطاع منذ أكثر من خمسة سنوات عجاف باع فيها أصحاب الشركات والفنادق الغالى والنفيس من أجل الحفاظ على إستثماراتهم .. وكأن وزير السياحة سقط من كشوف الوزراء !!
هل وصل فكر يحيى راشد الذى فوجئت بأنه وزير السياحة فى غفلة من الزمن إلى هذا الحد هوالترويج لسياحة فنكوش الكركديه .. لك الله يا مصر .. وجعلنا هذا الفكر للترحم على العمالقة ممن تولوا هذا المنصب وهم كثيرون منذ إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 1441 لسنة عام 1966، ومنهم الدكتور عزيز أحمد ياسين، وأمين شاكر، ومحمد حافظ غانم، ولسفير محمد عوض القوني، والدكتور أحمد السيد درويش، والمهندس إبراهيم نجيب، والدكتور محمد زكى هاشم، و السفير إسماعيل فهمي، والمهندس محب رمزى استينو، والدكتور محمود أمين عبد الحافظ، وجمال الناظر، و عادل طاهر، وتوفيق عبده إسماعيل، ووجيه شندى، و فؤاد سلطان، والدكتور ممدوح البلتاجي، و المهندس أحمد المغربى، ومحمد زهير جرانه، ومنير فخري عبد النور ،، وهشام زعزوع، وخالد رامى.
إن تاريخ وزارة السياحة حافل بأسماء إستطاعت أن تكتب أسمائها بحروف من نور وتركوا بصمة خلال عملهم .. إننا نأمل فى قيادة تتمكن من خلال فكرها أن تنتشل السياحة من المشاكل التى تعتريها وتنقذها من دوامة الإحباطات التى أصابتها منذ ثورة يناير 2011 ..وعلى ما يبدو إننا فى ظل وجود القابع على هذا المنصب لن ينصلح حال السياحة ، وبالتالى على السياحة المصرية السلام .. ونتحمل هذه الفترة العصيبة علينا حتى نجتازها وهى مجمل الأزمات التى تواجه القطاع السياحى طالما أن وزير السياحة الحالى لا يستمع إلى أصوات من يرشدونه إلى طريق السليم لحل المشاكل.
إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
وعلى الله قصد السبيل