الخلع.. أصله فرعونى!!
القاهرة "المسلة" سعيد جمال الدين …. الحياة المصرية القديمة مازالت لغز كبير يزداد غموض يوما بعد يوم و يحير العالم من شرقه إلى غربه.و مازال الإنسان يوم بعد يوم يكتشف المزيد من الأسرار سواء كان علميا أو دينيا.و من أهم الاكتشافات الدينية هو التشابه الكبير بين طقوس الزواج و الطلاق بين المصريين القدامى و الشريعة الإسلامية.و من الطريف فى أوجه التشابه عدد الشهود سواء كان ذلك على عقود الزواج أو الطلاق حيث يبلغ عدد شهود وثيقة الزواج ستة عشر شاهد بينما عدد شهود الطلاق أربعة شهود.
أثبتت الوثائق و الجداريات ونصائح بتاح التى تم العثور عليها أن الفراعنة هم أول من استخدموا الطلاق فى علاقاتهم الزوجية و لكن تحت مسميات مختلفة مثل الهجر , الإبعاد , الإهمال و عندما تقرن بالزوجة أو السيدة تعنى الطلاق , و الطلاق طبقا لمعتقدات المصري القديم تتشابه إلى حد كبير إلى ما شرعه الإسلام هو حل رباط الزوجين بحيث كلا منهما حر فى اتخاذ زوج أو زوجة جديدة .
و طبقا للعديد من البرديات كان الطلاق يتم من خلال كلمة صريحة من الزوج إلى زوجته يعنى بها أنها حرة فى اتخاذ زوج جديد لها.إلا أن للزوجة أيضا ما يسمى فى الإسلام بحق التفويض أى أن تكون لديها القدرة على تطليق نفسها من زوجها فى أى وقت شاءت و ذلك بتضمين فقرة فى عقد الزواج بان لديها القدرة على هجر زوجه متى أرادت.
و لكن ذلك لا يسمح للزوجة بالحصول على التعويض التى تستحقه الزوجة بل أيضا تلزم بدفع نصف المهر الذى قام الزوج بدفعه و عدم حصولها على أى من أملاك زوجها.و يتيح القانون الفرعوني القديم للزوجة التى يطلقها زوجها بالحصول على ما تبقى من مهره و الحصول على تعويض كبير بدا فى العصر الفرعوني بضعف قيمة المهر و بلغ فى العصر البطلمي خمسة أضعاف قيمته فى حده الأدنى و عشرة أضعاف فى حده الأقصى.
و هكذا نجد أن المرأة فى مصر القديمة قد سمح لها القانون بتطليق نفسها و لم بهمل شعور المرأة التى لا تطيق الحياة مع زوج يؤذيها و يعاملها معاملة لا تليق بها و بهذا فان الفراعنة هم أول من أعطوا للمرأة حقها.
و قد تم العثور على احد الوثائق القانونية التى ورد بها فقرة تعطى للزوجة الحق فى تطليق نفسها و جاء فيها على لسان الزوج : ( إذا هجرتني و تركتني زوجا فعليك أن تردى إلى نصف المهر الذى أعطيتك إياه و المسمى أعلاه.
و من المصطلحات التى تم العثور عليه فى الوثائق القانونية و التى تشير إلى الطلاق منها "لقد هجرتك زوجة " "اتخذي لنفسك زوجا أخر " , و لكن الأمر لم يقتصر على تلك الجملة الصريحة من الزوج لزوجته بل يسلمها وثيقة طلاق مكتوبة تؤكد حريتها و بعدها عنه بمعنى انتهاء العلاقة الزوجية بينهما و إمكانها اتخاذ زوج أخر غيره إذا أرادت.
و يحلل العلماء أن وثيقة الطلاق ليس إلا سند من الزوج لزوجته بان لها الحرية فى اتخاذ زوج جديد لها و لم يكن بالضرورة تحرير سند الطلاق وقت وقوعه ,و سند الطلاق يأخذ فى اغلب الحالات التى تم العثور عليها شكل واحد يتسم بالإيجاز و ها هي ترجمة لإحداها:
قال ( فلان ) للمرأة ( فلانة ) لقد هجرتك بصفتك زوجة .طلقتك و أنا بعيد عنك و ليست لي عليك أى حقوق باعتباري زوجا لك و أنا قلت لك : اتخذي لنفسك زوجا أخر فلن أقف عقبة أمامك فى أى مكان تذهبين إليه , كي تتزوجي و لن يكون لي الحق فى أن أقول انك زوجتي إذا ما وجدتك مع أى رجل أخر فمن ألان ليست لي أى مطالب عندك بصفتك زوجة و لن اتخذ أى إجراء ضدك .
و من أشهر أسباب الطلاق فى ذلك الوقت ما ورد فى المخطوطات القديمة ما ترجم إلى الخطيئة الكبرى أو الزلة الكبرى و هي غالبا الزنا و فى هذه الحالة يكون للزوج الحق فى تطليق زوجته و إخراجها من بيته دون أن تستحق أى تعويض بينما يرى البعض أن الزلة الكبرى هي العقم و هي أيضا احد أسباب الطلاق طبقا لما ورد فى بردية من العصر المتأخر.
و لم يكن الطلاق شئ سهل على الرجل و ذلك ليس بسبب العشرة و الحب و لكن بسبب الالتزامات المالية الضخمة التى تقع عليها نتيجة الطلاق و فيما يبدو بان الالتزامات الضخمة نوع من أنواع العقبات لجعل الطلاق قرار صعب اتخاذه إذ يفاجئ الزوج بعد الطلاق بأنه مجرد من جميع أملاكه و لعل هذا السبب الذى جعلنا لم نعثر على ما لا يتجاوز عشرة عقود طلاق فقط فى حقبة زمنية تمتد من عام 542 ق.م إلى عام 100 ق.م و ذلك بالقياس إلى عقود الزواج فى الحقبة ذاتها و التى تجاوز عددها الثلاثة و خمسين وثيقة.