حكاية فتح مصر أمام السياح الشيعة
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
ليس تجاوزا المطالبة بضرورة مراعاة عدم تسييس النشاط السياحي باعتبار ان هدفه هو دعم الروابط الانسانية بين الشعوب عملا بقول المولي جل جلاله: »إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا«.. البعد عن هذا التسييس والتجرد من تداعياته يجب ان يكون هدفا يتم الالتزام به سواء من جانب السياح الوافدين او من جانب مستقبليهم في أي بلد من بلاد الدنيا.
حول هذه القضية يثور الجدل هذه الايام حول فتح ابواب مصر امام السياح الايرانيين الذين ينتمون للمذهب الشيعي الذي يخالف ما تقضي به السنة المحمدية التي ينتمي إليها شعب مصر. والهدف ليس خافيا ألا وهو تعويض انحسار اعداد السياحة العالمية. هذه الخطوة تثير الشك والريبة فيما يتعلق بالتوجهات السياسية لنظام الملالي الحاكم في ايران . إن علاقة هذا النظام بمصر لاتتسم بصفاء النية رغم تاريخها ودورها في صياغة منظومة الشرق الاوسط وما تمثله استراتيجيتها في الدفاع عن الإسلام والانتصار للمذهب السني.
جاءت البداية في هذا التحرك بالتكليف الذي صدر لهشام زعزوع وزير السياحة بالسفر الي طهران للقيام بمهمة فتح الطريق امام قدوم افواج الشيعة الايرانية للسياحة في مصر. صاحب القيام بهذه المهمة التي لا يمكن تبرئتها من المغزي السياسي اصدار التعليمات الي وزير الطيران وائل المعداوي بتسيير خط جوي مصري الي طهران والذي من المؤكد انه سيتم تبادله بقرار مشابه في ايران لتسيير رحلات جوية ايرانية الي القاهرة.
يحدث هذا بعد قطيعة استمرت ما يقرب من 35 عاما. كانت بدايتها استضافة مصر لشاه ايران المريض بالسرطان بعد ان اسقطته الثورة الايرانية وبعد ان أُغلقت امامه ابواب اللجوء السياسي حتي من جانب الولايات المتحدة التي تنكرت كعادتها للقيم الانسانية وهي التي كانت حليفة أولي لنظامه الحاكم.
وكشفت ايران عن سوء نيتها وتآمرها علي مصر عندما سمحت باستضافة بعض الذين شاركوا في اغتيال رئيس مصر الزعيم انور السادات. وزيادة في النكاية قامت باطلاق اسم المتهم بعملية الاغتيال القذرة والذي تم إعدامه في مصر علي أحد اهم شوارع العاصمة الايرانية طهران . ورغم تجاوب مصر مع جهود إعادة العلاقات من خلال المفاوضات التي جرت في جنيف بين الرئيس السابق محمد حسني مبارك والرئيس الإيراني التقدمي محمد خاتمي المغضوب عليه حاليا.. إلا ان نظام خامنئي وجماعته المسيطرة عملت علي افشال هذا الاتفاق الذي كان محوره الحفاظ علي كرامة مصر وزعمائها وعدم التفريط في أمنها القومي.
لقد تصاعدت الخلافات والصراعات بين العراق ومصر في اعقاب ممارسة حقها في توقيع اتفاق السلام الذي اعاد اليها سيناء. لقد وصل الأمر إلي حد مقاطعة مصر عربيا وإسلاميا.. إلا ان هذا لم يمنع السادات من تمسك مصر بدورها القومي في الحفاظ علي الكيان العراقي ضد الاطماع الايرانية. تمثل ذلك في تقديم المساعدات للعراق في حربها مع ايران والذي تم انعكاسا لتعاطف الشعب المصري. ادت هذه المساعدات التي ساهمت في منع هزيمة العراق الي زيادة فجوة الخلافات مع دولة إيران الشيعية. زاد من اشتعال هذا الصراع رفض مصر لسياسة نظام الملالي بالتدخل في شئون الخليج العربي وتكريس عملية الاستيلاء علي الارض العربية التابعة لدولة الامارات والمتمثلة في احتلال جزر أبوموسي وطنب الصغري وطنب الكبري.
وقد جرت محاولات بعد ذلك وفي ظل النظام السابق لاستئناف العلاقات المصرية الايرانية كان من بين مؤيديها عمرو موسي وزير الخارجية في ذلك الوقت الذي كان من رأيه انه لا يمكن انكار حجم ومكانة ايران في منطقة الشرق الاوسط.. إلا ان التقارير الامنية كانت تشير الي تعمد ايران القيام بأنشطة ضد امن واستقرار مصر. شملت هذه التقارير ايضا دعوات لبعض العناصر المصرية لزيارة ايران وتشجيع تشكيل خلايا سرية لنشر المذهب الشيعي بين اهل سنة مصر. اضيف إلي هذه الممارسات عمليات الالتفاف حول جهود مصر وتعطيل مساعيها لانهاء الصراع الفلسطيني – الفلسطيني. وتجسد ذلك في تشجيع عمليات التمرد علي ما تعمل من أجله السياسة المصرية بهدف التقريب بين الفصائل الفلسطينية. زاد من الطين بلة دعم وتشجيع السلطات الايرانية لحركة الانقلاب التي قامت بها حركة حماس في غزة وأدت الي التشرذم الفلسطيني.
ثبت يقينا أنه لم يكن من هدف لتلك السياسات الايرانية سوي العمل علي تقزيم الدور العربي المصري. العمل علي تغطية هذا التوجه المريب برفع شعار محاربة اسرائيل. يتم الترويج لهذه الفرية حرص نظام حكم الملالي في ايران بالوقائع علي تجنب التدخل او تقديم أي مساعدة مباشرة للفلسطينيين بغزة في كل مرات المواجهة.
وللحديث بقية الاسبوع القادم