ثورات الربيع العربى تحولت إلى رياح الخماسين على صناعة السياحة
المنظمة العالمية للسياحة تؤكد : الثورات قدمت صورة لعدم الأمن والأمان فى هذه البلاد
دراسة مصرية تؤكد صناعة السياحة دخلت غرفة التجميد والإنفلات الأمنى أحد أسبابها
تحريم السياحة من قبل الإسلاميين وراء تخوف السائحين لزيارة مصر
تقرير يكتبه سعيد جمال الدين
القاهرة "المسلة" ….. بعد مرور عامين من إطلاق الثورات فى المنطقة العربية والتى راح البعض بأنها جاءت مثل الربيع يخلف أوراقاً جديدة فى الأشجار التى تساقطت أوراقها مع فصلى الخريف والشتاء ..هل نجحت هذه الثورات الربيعية فى إعادة الحياة إلى شجرة السياحة فى المنطقة العربية ولتستعيد حقوقها من جذبها لأعداد أكبر من تورتة السياحة العالمية؟!!! .. هل تمكنت هذه ثورات الربيع العربى فى لفت أنظار العالم لما تضمه وتحتويه من أماكن سياحية وأثرية رائعة ..أم لفت الأنظار إلى الإقتتال وعدم الأمن والأمان فى البلاد التى إصابتها حمى ثورات الربيع العربى وباتت تقضى على الأخضر واليابس ؟!!!
المنظمة العالمية للسياحة أكدت على لسان أمينها العام الدكتور طالب الرفاعى ( الأردنى الجنسية ) أن تداعيات الربيع العربي أثرت سلباً على دول المنطقة حيث تراجعت السياحة بنسبة 5% العام الماضي و7% عام 2011.
وأوضح الرفاعى أن الأردن تأثر بدوره بتداعيات الأحداث، ولكن ليس دراماتيكياً كما في مصر وتونس، مشيراً إلى ظهور لاعبين جدد في هذا المجال مثل ليبيا التي أكدت وزيرة سياحتها إكرام باش إمام أن طرابلس خسرت 50 عاماً من السياحة، وأن ذلك لن يتكرر، خصوصاً وأنها تتمتع بآثار رومانية ضخمة ونحو ألفي كلم من الشواطئ الرملية الجميلة.
أوضح الرفاعى أن دولاً عديدة باتت تعتمد على السياحة دخلاً أساسياً لتعزيز النمو والانتعاش الاقتصادي. وتوقع أن يصل عدد السياح إلى 1.8 مليار عام 2030 في حال بقيت وتيرة النمو السنوي بمتوسط 3.3 %.
وعن الوضع السياحي الحالي في دول الربيع العربي قال الرفاعى إن مصر استطاعت العام الماضي جذب مليوني سائح جديد، بزيادة نسبتها 17 % مقارنة بعام 2011، لافتاً إلى أن مسارعة المسئولين المصريين إلى تنويع العروض السياحية والتركيز على مناطق البحر الأحمر وسيناء التي بقيت هادئة، بعكس مناطق نهر النيل، سمح بإعادة جذب المزيد من السياح.
وكانت منظمة السياحة العالمية قدرت في تقريرها السنوي الأخير أن يكون إنفاق السياح بلغ 6.5 تريليون دولار خلال زياراتهم وإجازاتهم، مشيرة إلى أن السياحة الدولية تؤمن نحو 260 مليون فرصة عمل، أي واحدة من كل 12 فرصة.
أكدت المنظمة العالمية للسياحة wto أن عدد السياح في العالم تجاوز المليار سائح نهاية العام الماضي أن السياحة العالمية نمت عام 2012 بمعدل 4% ، بينما يتوقع الخبراء بالمنظمة نمواً يراوح بين 3% و4%هذه السنة.
أشار الرفاعى إلى أن الدول الخليجية التى اهتمت بصناعة السياحة مؤخراً مثل قطر والإمارات وعُمان، خسرت جزءاً من السياح العام الماضي إنما بنسب أقل من العام السابق.
ولقد كان هذا السؤال هل تحولت ثورات الربيع العربى إلى جليد سياحى هو أساس الدراسة التى قدمها الباحث سالم عبد القوى أخصائى العلاقات السياحية بالهيئة المصرية للتنشيط السياحى خاصة بعد تولى التيار الإسلامى فى العديد من الدول التى شهدت ثورات ( مصر واليمن وتونس وليبيا ) مقاليد الحكم وإختلاف الرؤى حول صناعة السياحة من ناحية الشريعة الإسلامية عقب سلسلة ثورات الربيع العربى وأصبح الجدل حول هذا المصطلح حديث الساعة استغله الليبراليون للترهيب من الفكرة الإسلامية والداعين لها بدعوى أن الإسلاميين سيحرمون السياحة وسيقصرونها على سياحة المساجد والكنائس والأضرحة وسيحطمون الآثار ويغلقون الشواطئ ومن ثم ستنهار صناعة السياحة وينهار الاقتصاد وعلى الجانب الأخر يسعى الإسلاميون فى ظل هذا النسيم الثورى والصعود الإسلامى السياسى العربى إلى استغلال هذه الفرصة لفرض أطروحاتهم الفكرية ورؤاهم فى مجالات الاقتصاد والسياحة والإعلام والتعليم والفن نافيين تخوفات الليبراليين عبر أطروحات تسعى للتنفيذ .
ويتطرق الباحث إلى تعريف السياحة كما تعرفها منظمة السياحة العالمية بأنها نشاط السفر بهدف الترفيه وتعريف السياحة الحلال لا يختلف كثيرا عن هذا المفهوم بزيادة عبارة (فيما لا يغضب الله) أو (فيما لا يخرق قيم وعادات وشريعة البلد) وهو أمر لا خلاف عليه ويعمل به فى كافة دول العالم كمنع المنتقبات من زيارة بعض البلدان الأوربية كفرنسا وبلجيكا لان هذا الزى يخالف تقاليد البلد ويخرق قوانينها والسياحة الحلال منتج جديد فى صناعة السياحة يوفر وجهات يمكن أن تقصدها العائلات المسلمة الملتزمة بقواعد الشريعة وتضم فنادق لا تقدم الكحوليات ومرافق صحية تفصل بين الرجال والنساء ورحلات جوية لا تقدم على متنها الكحوليات ولحوم الخنزير وتعلن عن أوقات الصلاة .
وطبقا للتقرير الصادر عن هيئة الأبحاث الأوربية فمن المتوقع أن تشهد صناعة السياحة الحلال فى دول الشرق الأوسط طفرة كبيرة خلال السنوات المقبلة كما يتوقع أن تنمو بمعدل 20% سنويا أى أكثر بخمسة أمثال معدل نمو قطاع السياحة التقليدى وبحسب هذا التقرير فان عدد السياح الذين يزورون منطقة الشرق الأوسط طلبا للسياحة الحلال فى ازدياد وارتفاع وهذه الفئة من السياح تشكل نسبة كبيرة لا تحظى بالاهتمام اللازم رغم أنها تشكل رافدا هاما لتنمية السياحة الحلال وبرغم حداثة هذه الصناعة فان نسبة الإشغال فى فنادق السياحة الحلال بلغت نسبا مرتفعة تقترب أحيانا من حاجز 100% .
وتشير الدراسة أن هذا الأمر حظى باهتمام دول كبرى كتركيا وماليزيا وبعض المدن السياحية مثل دبى , ونجحت ماليزيا فى السنوات القليلة الماضية فى ريادة هذا النوع من السياحة وفى تسويق نفسها خلال السنوات الأخيرة على أنها المقصد المثالى للعائلات المحافظة التى تبحث عن سياحة ممتعة فى ربوع الطبيعة والمجتمعات العصرية دون مخالفة العادات والتقاليد أو تعاليم الشريعة الإسلامية وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن قطاع السياحة فى ماليزيا يمثل ثانى اكبر مصدر للنقد الأجنبى فى عام 2007 بعوائد تقدر بنحو 14 مليون دولار بعد نجاحه فى جذب 21 مليون سائح .
ومن المعروف أن الغرب لا يعرف سوى المادة ولذلك قامت بعض الشركات الأوربية بالتحول إلى السياحة الحلال لاجتذاب السائح المسلم ومن هذه الشركات "الهلال تورز" البريطانية كذلك تسعى سلسلة فنادق "كمبينسكى"ومقرها زيوريخ لبناء 30 فندق يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية بالتعاون مع إحدى المؤسسات الإسلامية بحلول عام 2015 .
وتؤكد الدراسة أن ثورات الربيع العربى كان لها اكبر الأثر فى ظهور مصطلح "السياحة الحلال " مرة أخرى وإعادته إلى دائرة الضوء وجعلت كثير من الأحزاب السياسية والقوى الثورية تضع هذا الأمر على طاولة اهتماماتها .
وترصد الدراسة بعض الفرص الذهبية التى حصلت عليها مصر فى الآونة الأخيرة رغم تعرضها للازمة وهذه الفرص من شانها أن تجعل مصر قادرة على تخطى هذه الأزمة بقوة ونجاح ومنها ذيوع صيت مصر عالميا وخاصة ميدان التحرير حيث نجحت ثورة 25 يناير فى تصحيح صورة الشعب المصرى بدون حملة علاقات عامة وأصبحت معظم شعوب العالم وقاداته ومشاهيره يطمحون إلى زيارة ميدان التحرير والتعرف على هذا الشعب العظيم الذى صنع التاريخ بدماء شهدائه وإصرار شبابه فما أن تستقر الأوضاع الأمنية فى مصر حتى نجد العالم بأثره يسعى لزيارة مصر وسيكون ميدان التحرير على قائمة المعالم المصرية التى يجب أن توضع فى البرنامج السياحى فيما اكد العديد من خبراء السياحة أن سياحة مصر تمرض ولكنها لا تموت حيث أن مصر مرت بالعديد من الأزمات من قبل التى ألقت بظلالها على الحركة السياحية الوافدة ولكنها تمكنت من تجاوز هذه الأزمات بأدواتها ومقوماتها السياحية الفريدة ويعد بدء تشغيل الرحلات النيلية الطويلة (القاهرة –الأقصر-أسوان) فرصة ذهبية أخرى تضاف للفرص السابقة باعتبارها ثورة جديدة يشهدها قطاع السياحة فى مصر فى منتج سياحة الرحلات النهرية التى عانت كثيرا فى الماضى وكانت مطلبا ملحا من العديد من صناع القرار السياحى فى أسواق السياحة المصدرة للحركة الوافدة لمصر .
وتضيف الدراسة أن فتح أسواق سياحية جديدة أمام المقصد السياحى المصرى مثل دول أمريكا الجنوبية (البرازيل –الأرجنتين-المكسيك) التى تعتبر أسواق سياحية بكر للسياحة المصرية إلى جانب وضع آلية جديدة لسياسة تحفيز الطيران العارض بالإضافة إلى التركيز على الأسواق السياحية غير التقليدية مثل أسواق دول شرق أسيا(الصين –الهند-كوريا-فيتنام) بجانب دول شرق أوروبا (بولندا – المجر) إلى جانب الحفاظ على الأسواق السياحية التقليدية لمصر من روسيا وانجلترا وألمانيا وفرنسا والأسواق العربية التى تحظى بهدوء خلال الفترة الحالية مثل المملكة العربية المتحدة والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة والأردن أمر هام فى دعم صناعة السياحة .
كما ترصد الدراسة بعض العوامل التى ادت إلى أن تتبوأ سياحة مصر مكانة متميزة بين نظيراتها فى الدول الأخرى اذ حباها الله بالمقومات الطبيعية التى تمنحها وضعا تنافسيا فريدا على خريطة السياحة العالمية إلى جانب كون مصر مهدا لأقدم الحضارات التى عرفتها الإنسانية كما يتميز المنتج السياحى المصرى بالتنوع وإمكانية استحداث أنماط جديدة من السياحة تلبى كافة الاحتياجات مما يساعد فى الحفاظ على حصة مصر من الحركة السياحية العالمية .
وأوصت الدراسة بضرورة التركيز على إعادة بناء وتطوير البنية التحتية لمصر خلال المرحلة القادمة عن طريق جذب المستثمرين العرب والأجانب وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لهم للمشاركة فى إعادة البناء والتطوير كما أوصت الدراسة بتكثيف الدعاية السياحية لمصر وخاصة الحملات الإعلانية المشتركة مع منظمى الرحلات.