مطار مكة الدولي..«حلم مؤجل»!
مكة المكرمة " المسلة " … اتفق عدد من المختصين على أهمية إنشاء مطار دولي في «مكة المكرمة» لخدمة الحجاج والمعتمرين، ومواكبة مشروعات التنمية الكبيرة وغير المسبوقة تاريخياً التي تشهدها المدينة المقدسة حالياً، ورابط جوي مهم بين المدينتين المقدستين «مكة المكرمة» و»المدينة المنورة»، إلى جانب تلبية احتياجات الكثافة السكانية العالية، والمساحة الكبيرة للمنطقة، وزيادة الرحلات البرية من وإلى مكة، كما يسهّل على ركّاب العبور «الترانزيت» أداء العمرة في وقت قياسي.
ويعتبر سكان المنطقة إنشاء المطار حلماً راودهم منذ القدم، ومما جعل هذا الحلم ممكناً؛ المساحة الكبيرة خارج حدود الحرم المكي التي يمكن أن يستفاد منها وتحويلها إلى مطار يخدم المنطقة على مدار العام، ويساهم في تخفيف الضغط على مطار الملك عبدالعزيز بجدة ومطار الطائف أثناء المواسم.
زيادة السكان :
وذكر «د. حمد الغماس» -رجل أعمال- أنّه أعدّ دراسةً متخصصة بيّن فيها أهمية إنشاء مطار دولي بمكة المكرمة، مرجعاً ذلك إلى أنّ المنطقة تعدّ الأكثر سكاناً على مستوى المملكة، ولأنّ مكة ثالث أكبر مدينة سعودية، حيث تبلغ مساحتها (15159) هكتاراً، وبمتوسط نمو سنوي قدره (8.3%)، مشيراً إلى أنّ دراسات تحليلية توقعت ارتفاع عدد سكان أم القرى في عام 1450ه إلى(10375) ملايين نسمة، بينما يقدّر سكانها في العام نفسه حال قدوم الحجاج إلى تسعة ملايين نسمة.
وقال إنّ معدل النمو السكاني في مكة بلغ (2.55%) سنوياً، فيما تشهد «مكة المكرمة» تنامياً مطرداً مع توسع في القرى والهجر، حيث تشرف المنطقة على (11) محافظة و(99) مركزاً في القرى، إضافةً إلى ارتفاع عدد الغرف السكنية باختلاف أنواعها، إذ تمثل (39.9%) من المساحة المبنية، فيما تمثل الاستعمالات التجارية (6.56%) وهي نسبة مرتفعة؛ مما يعكس الوظيفة التجارية للمنطقة.
وأضاف أنّ الكثافة المتزايدة للمركبات على الطرق المؤدية إلى مكة المكرمة من الأسباب التي تجسد أهمية إنشاء المطار، حيث شهدت «أم القرى» -وفقاً لإحصاءات رسمية- دخول (2.093.91) في ليلة 28 رمضان، فيما بلغ عدد المركبات المغادرة في الليلة نفسها (1.833.572)، كما تعتبر مكة المكرمة مقراً موسمياً لجميع الوزارات، والهيئات، والبعثات الدبلوماسية، وبعثات الحج، والقيادات العليا المسؤولة عن تيسير أمور الحج والحجاج.
وأشار إلى أنّ من إيجابيات إنشاء المطار؛ اكتمال المنظومة الحضرية والخدمية التي ترعاها الحكومة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لتحقيق إستراتيجيات الدولة بفكر إبداعي، يرشد من إنفاقها ويزيد من إيراداتها، مبيّناً أنّ إنشاء المطار يسهّل على ركاب العبور «الترانزيت» على أداء العمرة في وقت قياسي، كما يساهم في تطوير المناطق القريبة منه وتحقيق التنمية فيها.
قفزات حضارية
وقال «م. عبدالله عمر قاضي» -نائب رئيس اللجنة الوطنية للعمرة-: «إنشاء مطار بمكة المكرمة يعتبر حلماً مؤجلاً، على الرغم من زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين، حيث إنّ إنشاءه سيواكب القفزات الحضارية التي تعيشها أم القرى في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، كما سيوفر المطار ساعتين ونصف الساعة من الوقت وهو زمن رحلة قدوم المعتمر من جدة إلى مكة المكرمة، فيما لن تزيد مدة الرحلة ذاتها على نصف ساعة إذا تم إنشاء مطار بمكة».
وأضاف أنّ عدد المعتمرين القادمين لمكة العام الماضي ستة ملايين تخدمهم (47) شركة عمرة سعودية، وهو عدد ضخم ومرهق في النقل ما بين مكة وجدة، فيما وصل العدد حتى الشهر الجاري أكثر من مليوني معتمر، ومن المتوقع ارتفاع العدد إلى عشرة ملايين خلال السنوات القادمة بعد اكتمال توسعة الحرم المكي والمطاف.
حجاج الداخل
واعتبر «سعد جميل القرشي» -رئيس لجنة النقل في الغرفة الصناعية التجارية بمكة المكرمة- أنّ إنشاء مطار بمكة حاجة ملحة، مشيراً إلى أنّ شركات وحملات الحج تخدم الكثير من الحجاج القادمين من داخل المملكة، حيث تفضل نسبة كبيرة منهم القدوم بواسطة الطيران؛ مما يسبب نوعاً من الإرباك في الإستقبال، واستلام «العفش»، ونقل المغادرين من المشاعر لمطار «جدة»، إلى جانب الضغط الذي يكون على المطار بسبب رحلات الحجاج والمعتمرين الدولية.
دعم السياحة
ورأى «فهد عرقسوس» -مدير شركة سياحية- أنّ صناعة السياحة تتطلب توفير الوقت، والجهد، والراحة للمعتمر والحاج، ويتطلب ذلك دعم مطار الملك عبدالعزيز بمطار جديد في مكة المكرمة، يكون شريكاً في صناعة الخدمات الراقية لقاصدي بيت الله الحرام، مبيناً أنّ للمطار أبعاداً أمنية من حيث خفض نسبة الحوادث الناتجة عن إشغال الطريق ما بين جدة ومكة المكرمة.
وأضاف أنّ الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل على تطبيق سياحة ما بعد العمرة، بالتعاون مع وزارات الحج والداخلية، بحيث يستفيد المعتمر من فترة العمرة بزيارة عددٍ من مدن المملكة في جولات سياحية منظمة، من خلال شركات التنظيم والإرشاد السياحي. وتعجب «حسين البيان» -صاحب شركة سياحية- من وجود عدة مطارات مدنية في بعض المدن وهي لا تستقبل مسافرين بحجم قبلة العالم الإسلامي، من حيث ديمومة الاتجاه عليها، وارتفاع الطلب للسفر بإتجاهها بقصد أداء مناسك الحج والعمرة.
تنمية عقارية :
وبيّن «إبراهيم بن ناصر اليامي» -مثمن عقاري- أنّ إنشاء مطار في مكة المكرمة قد يحيي أماكن ميتة في المنطقة، ويخلق فرص عقارية، حيث سيرتفع الطلب على المناطق السكنية المجاورة للمطار؛ مما يوسع مناطق التنمية، مشيراً إلى أنّ الأمر سينعكس أيضاً على الطرق المؤدية للمطار، من خلال خلق فرص استثمارية جيّدة، تعزز ثقة المستثمرين وترفع عائدات المواطنين.
وأكّد «يوسف الأحمدي» -عضو لجنة التقديرات للساحات الشمالية- على أنّ الدعم الحكومي غير المسبوق لتجديد البنية التحتية للمنطقة المركزية والحرم المكي؛ يتطلب إنشاء مطار في مكة المكرمة على حدود الحرم، يدعم تطوير النقل، نظراً لبعد المسافة إلى مطار الملك عبدالعزيز، الذي تخترق الطرق المؤدية إليه مناطق مكتظة بالمخططات السكنية، حتى أصبحت الشوارع بالكاد تستوعب سكان «جدة».
قوافل المغادرين :
وأوضح «عبد الله الحربي» -مسؤول بشركة نقل للحجاج- أنّ إنشاء مطار في مكة سينعكس على رفع عائدات شركات نقل الحجاج، من حيث توفير مصروفات الوقود والصيانة والتشغيل، من خلال تخفيض ساعات تشغيل الحافلات، إضافةً إلى أنّ إنشاء المطار سيحقق ثبات كبيرة لتجاوز تأخر رحلات المعتمرين والحجاج؛ بسبب عدم التزام شركات بلدان المعتمرين مواعيد المغادرة، إلى جانب المساهمة في امتصاص قوافل المغادرين وتقليص فترة تفويج الحجاج بعد انتهاء الموسم.
وأفاد «حامد البركاتي» -عضو المجلس البلدي بمحافظة الجموم- أنّ من بين المواقع الصالحة لإنشاء المطار الأراضي الواقعه شمال مكة على طريق المدينة المنورة؛ بسبب قربها من حدود الحرم وتوسطها بين المشاعر المقدسة، إضافة إلى انفتاح الأراضي وتوفرها بمساحات كبيرة، حيث لا يبعد بعضها عن الحرم أقل من (20) كم، مشيراً إلى إمكانية إنشاء المطار من خلال برامج الاستثمار، بحيث تتولى شركات متخصصة عمليات الإنشاء والتشغيل دون أن تتحمل الدولة أي تكاليف باهظة.
تنامٍ سكاني :
ونوّه «فهد عليان» -صاحب شركة عمرة- بأنّ التأشيرات التي صدرت هذا العام تشير إلى وصول (1.300) مليون؛ مما يعني أهمية تسهيل عملية وصول ومغادرة هذا العدد للديار المقدسة، خاصةً في ظل التنامي السكاني وازدحام الطرق في «جدة»، مضيفاً أنّ توسعة المنطقة المركزية والاتجاه للقطارات كناقل حديث ستفتح شهية أبناء العالم الإسلامي لأداء مناسك الحج والعمرة؛ مما يستوجب التخطيط لامتصاص تلك الأعداد عن طريق مطار قريب، يرفع العبء عن مطار الملك عبدالعزيز بجدة.
خدمة الشحن
وقال «هشام السيد» -رئيس اللجنة الصناعية بغرفة تجارة وصناعة مكة المكرمة-: «هناك شريحة كبيرة من المعتمرين والحجاج يتجهون لشحن هدايا وبضائع يشترونها من مكة المكرمة، من خلال شركات الشحن الجوي، حيث سيحقق مشروع إنشاء مطار مكة المكرمة أثاراً طيبة لخدمة سوق الشحن الجوي، ويقدم خدمات سريعة تعزز ثقة العملاء وترفع عائدات السوق في عصر الشحن السريع».
المصدر: الرياض