سياحة التسوق.. لا تعترف بالفصول
لندن " المسلة " … قبل أسابيع قليلة من بدء شهر رمضان المبارك العام الماضي، عنونت إحدى الصحف البريطانية موضوعها الاقتصادي الرئيسي بـ«المتسوقون الشرق أوسطيون سينقذون وسط لندن التجاري»، وصدقت توقعاتهم خاصة أن المحلات التجارية تعول كثيرا على الزائر والمتسوق العربي الذي ينفق 15 مرة أكثر من المواطن البريطاني. وزادت نسبة المبيعات في المحلات، والفضل يعود إلى السائح العربي في السنوات الخمس الماضية بمعدل 20 في المائة، وذلك لأن زيارات العرب لم تعد تقتصر على فصل الصيف فقط، ولم يعد لها توقيت محدد، فاليوم ترى العرب في لندن في جميع الفصول والأوقات.
فبعضهم يملك بيوتا في العاصمة وبعضهم يأتي إليها بداعي العمل والبعض الآخر يأتي بداعي الدراسة، فهي تبقى من أهم المدن بالنسبة للزائر العربي الذي يضع التسوق على رأس جدول زيارته خلال السفر مهما كانت طبيعته، ومما لا شك فيه أن بريطانيا بشكل عام ولندن بشكل خاص من أهم الوجهات التي تعزز سياحة التسوق وتغري الزائر بما تزخر به من محلات وخيارات متنوعة وأسعار معقولة خاصة أن الجنيه الإسترليني انخفض قليلا مما ساعد على استقطاب السياح من كل بقاع العالم.
وفي اجتماع نظمه موقع «فيزيت بريتان» ضم مسؤولين عن أهم مراكز التسوق في لندن وبريطانيا، قالت سيلفي فرود بيكافانس مديرة المبيعات في «بيستر فيلادج» إن الشرق الأوسط والصين هما من أهم الأسواق بالنسبة للقدرة الشرائية، لذا يسعى المركز التجاري الذي يعنى ببيع الماركات العالمية الراقية بأسعار مخفضة، إلى تأمين ما يحتاجه الزائر لا سيما العربي، وتقول إن العرب متسوقون بارعون، وليسوا فقط من النساء إنما هناك نسبة كبيرة من الرجال الذين يتبضعون من أجل باقي أفراد العائلة خلال رحلات العمل.
وتابعت بيكافانس: «المتسوق العربي يهمنا ونسعى دائما إلى تقديم ما يناسبه»، وكان من بين الحاضرين أيضا كاتارين ويتي مديرة العمليات التجارية في محلات «هارودز» وعلقت بالقول: «يعتبر التسوق من أهم النشاطات التي يفضلها السائح عند زيارته لندن و58 في المائة من الزيارات تتضمن رحلات تسوق ومحلات هارودز تتعدى كونها مركزا تجاريا فهي أيقونة سياحية حقيقية ومن أولويات زيارات السياح إلى لندن»، وعن السائح العربي تقول ويتي «إنه صاحب ذوق رفيع ويهتم كثيرا بشراء المنتجات الفاخرة من ثياب وإكسسوارات وعطور وحقائب يد..».
وبحسب دايفد ليسلي المسؤول الإعلامي في «فيزيت بريتان»، أنفق السائحون في بريطانيا العام الماضي 4.5 مليار جنيه إسترليني (نحو 7 مليارات دولار أميركي)، وحقق أسبوع الموضة في لندن مؤخرا نجاحا واسعا على المستوى العالمي، وبينت دراسة أجريت أخيرا أن بريطانيا من بين أهم الوجهات السياحية بهدف التبضع.
وقدرت وكالة السياحة الوطنية البريطانية عدد السياح الذين زاروا بريطانيا العام الماضي بـ18 مليون زائر أنفقوا 4.5 مليار جنيه إسترليني وهذا يعني أن نسبة 25 في المائة من الإنفاق صبت في خانة التبضع في المحلات ومراكز التسوق في البلاد. وبينت تقارير أخرى أن معدل إنفاق الزائر يصل إلى 680 جنيها إسترلينيا في الرحلة الواحدة وهذا المبلغ يتعدى المبلغ المتعارف عليه عالميا وهو 580 جنيها إسترلينيا. كما أن 81 في المائة من الزوار إلى بريطانيا يأتون بهدف التسوق في لندن وباقي المدن الكبرى في البلاد.
* العرب أكثر السياح إنفاقا :
* تصدر العرب من مختلف الدول العربية لائحة السياح الأكثر إنفاقا، وتبين أن معدل إنفاق العربي الواحد يبلغ نحو 442 جنيها إسترلينيا، وهناك منافسة قوية حاليا ما بين المتسوق العربي والنيجيري، النيجيريون حلوا في المرتبة الثانية بعد العرب، إذ بلغ معدل إنفاق الشخص الواحد 432 جنيها إسترلينيا ويأتي الصينيون في المرتبة الثالثة حيث ينفق النفر مبلغ 405 جنيهات إسترلينية وينفق الروس مبلغ 362 جنيها إسترلينيا والزوار من البرازيل ينفق الشخص الواحد منهم مبلغ 273 جنيها خلال الزيارة.
* الفرنسيون أكثر السياح زيارة لبريطانيا :
* يعتبر الفرنسيون أكثر السياح الذين يسجلون أعلى نسبة زيارات إلى بريطانيا بداعي التبضع سنويا، ويتعدى عدد رحلات الفرنسيين سنويا المليوني رحلة ويتشارك الألمان والأميركيون المرتبة الثانية إذ يقوم كل من البلدين بـ1.63 مليون رحلة في السنة، ويقوم الآيرلنديون بـ1.3 مليون رحلة تسوق في حين يقوم الإسبان بـ1.1 مليون رحلة. وهذه النتيجة تترك الهولنديين والأستراليين والإيطاليين والبلجيكيين والسويديين في المراتب الدنيا من لائحة أكثر 10 دول تزور بريطانيا بهدف التبضع.
* الرجال والتبضع :
* تشير التقارير التي نشرت على موقع «فيزيت بريتان» إلى أن 70 في المائة من النساء اللاتي يزرن بريطانيا يقمن بوضع واحد أو أكثر من المراكز التجارية أو «الآوت ليت» على جدول زيارتهن، وبحسب شارون ماك كينزي مديرة التسويق في مجمع «ماكآرثر غلين» فإن هناك نسبة 50 في المائة من الرجال الذين يتبضعون خلال زيارتهم المملكة المتحدة، وتابعت ماك كينزي أن الكثير من الرجال يتبضعون لنفسهم وفي نفس الوقت يتبضعون لباقي أفراد العائلة، وهذا ما يعزز سياحة التسوق في بريطانيا لأن معظم المراكز التجارية تؤمن خدمة المشتري الخاص الذي يعنى بتأمين طلبات الزبائن ومسلتزماتهم. ويتربع الرجال الصينيون والعرب على لائحة المتسوقين الأجانب، وتقول ماك كينزي لـ« الشرق الأوسط» إن أكثر ما يشتريه الرجال إضافة إلى الملبوسات الفاخرة، المساحيق التجميلية فهناك إقبال غير مسبوق على الكريمات والمستحضرات الخاصة بصحة وبشرة الرجل.
استطاعت لندن وسريعا أن تفرض نفسها كعاصمة لأزياء الرجل، بعد أن أجرت مؤخرا ثاني أسبوع للموضة للرجال فقط، وبهذا استطاعت لندن أن تزاحم مدنا ذات باع طويل في الأزياء والأناقة مثل ميلانو ونيويورك وباريس، وشارك هذا العام في أسبوع الموضة أكثر من 60 مصمما لأزياء الرجل وتقدر سوق الأزياء الرجالية بـ9.9 مليار جنيه إسترليني نصف مجموع قيمة سوق الأزياء والمنتجات الفاخرة في بريطانيا التي تقدر بـ21 مليار جنيه، ويقول مسؤول في محلات هارفي نيكولز إن الرجل ينفق 25 في المائة أكثر من شريكته أو زوجته في كل زيارة للمحل وارتفعت مبيعات أزياء الرجال بنسبة 55 في المائة في السنتين الماضيتين.
* «هارودز» معلم سياحي :
* في استطلاع للرأي شارك به سياح من 19 دولة، زاروا لندن تبين أنه ينظر إلى المحل التجاري العريق «هارودز» في منطقة نايتسبريدج على أنه معلم سياحي وليس فقط مكانا للتبضع، واختار كل سائح من بين 5 سياح أجانب «هارودز» كوجهة أولى للزيارة وجاء بعدها زيارة استوديوهات «وورنر براذرز» لرؤية الأماكن والديكورات الأصلية التي تم فيها تصوير مشاهد أفلام هاري بوتر وزيارة المسارح وقصر باكينغهام.
وعن هذا الموضوع تقول ساندي داو الرئيسة التنفيذية في «فيزيت بريتان» إن التبضع في بريطانيا هو من أهم ما يركز عليه موقع «فيزيت بريتان» في حملاته الدعائية للسياحة في بريطانيا وذلك لأن سياحة التبضع تعتبر صفة فريدة تتمتع بها بريطانيا، وأضافت أن التبضع في بريطانيا لا يقتصر فقط على زيارة «هارودز» أو «هارفي نيكولز» و«سيلفريدجز» بهدف شراء السلع باهظة الثمن وفرصة لالتقاء أحد نجوم كرة القدم والمشاهير، إنما هناك شريحة كبيرة من المتسوقين الذين يأتون إلى بريطانيا لاقتناص فرصة شراء البضائع الفاخرة بأسعار رخيصة، فيتوجهون إلى أماكن «الآوت ليت»، مثل «بيستر فيلادج» و«ماك آرثر غلين» المتخصصين ببيع السلع الفاخرة التي تحمل تواقيع أهم المصممين العالميين بأسعار مخفضة، أو يتوجهون إلى الأسواق الرئيسية «هاي ستريت» في كل من أدنبره ومانشستر.
وفي استطلاع أجري على سياح من 19 بلدا حول أهم ما يطمحون إلى شرائه في بريطانيا، تصدر المصريون لائحة السياح الذين يطمحون إلى شراء منتجات صنعت في بريطانيا وجاء بعدهم الروس والمكسيكيون، كما تبين أن المصريين هم الجنسية الأكثر شراء من محلات «هارودز» في لندن، وهذا يعكس القدرة الشرائية لشريحة السياح المصريين إلى بريطانيا والقدرة الشرائية العالية التي يملكونها والسبب الآخر قد يكون ارتباط محلات «هارودز» لزمن طويل باسم المليونير ورجل الأعمال المصري محمد الفايد قبل بيعه المحل للقطريين.
* التسوق في لندن أرخص من باريس :
* قد يكون إقبال الفرنسيين على زيارة بريطانيا للتبضع بشكل مكثف سببه الأسعار المرتفعة في فرنسا، ففي تقرير نشر أخيرا تبين أن أسعار السلع في بريطانيا أرخص من تلك التي تجدها في فرنسا، وتوازي تلك التي في إيطاليا، ويرى المتسوقون من بلدان بعيدة مثل الولايات المتحدة الأميركية واستراليا ونيوزيلندا.. أن التبضع في بريطانيا جيد جدا من ناحية الأسعار والخيار الواسع وساهم في ذلك انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترليني.
يعتبر العرب والصينيون أكثر الجنسيات التي تقوم باسترداد قيمة الضريبة المضافة على السلع في بريطانيا والتي تصل إلى 20 في المائة، وبحسب «غلوبال بلو» الشركة المعنية برد الضريبة المضافة للسياح، نصف الزائرين الذين يستردون الضريبة عند مغادرتهم المملكة المتحدة هم من الشرق الأوسط والصين.
يشار إلى أنه يحق للسياح من خارج دول الاتحاد الأوروبي تقديم استمارة خاصة باسترداد الضريبة يمكن الحصول عليها من المحلات المشاركة في القانون «التاكس فري»، فعند شراء السلع من المحل يمكنك طلب الاستمارة الخاصة، بعض المحلات تحدد مبلغا معينا يتعين عليك إنفاقه في المحل لكي تتمكن من استرداد الضريبة، عند وصولك إلى المطار، يتعين عليك إبراز السلع التي اشتريتها مع الفواتير والاستمارات، قم بإجراءات استرداد الضريبة قبل التوجه إلى نقطة «التشيك إن» في المطار، لأنك ستكون بحاجة إلى عرض السلع لكي تتمكن من استرجاع الضريبة، الطابور طويل جدا، قد يكون من الأفضل التوجه إلى نقطة استرداد الضريبة داخل المطار ولكن هذا يعني أنه يتوجب عليك وضع السلع معك في حقيبة يتوافق حجمها مع قوانين الملاحة ويسمح بحملها معك على متن الطائرة، النقطة موجودة بالقرب من السوق الحرة في مطار هيثرو بفروعه الأربعة. ويمكن للشركات ورجال الأعمال أيضا استرداد الضريبة المضافة عند زيارتهم المملكة المتحدة، للمزيد من المعلومات يمكن زيارة الموقع الرسمي لـHMRC.
* أفضل أماكن التسوق في لندن وخارجها :
* تنتشر في لندن وضواحيها أعداد لا تحصى ولا تعد من المحلات التجارية أشهرها في أوكسفورد ستريت الذي يمتد إلى ماربل آرتش، وكارنابي ستريت ونايتسبريدج وسلوان ستريت ومركز ويستفيلد التجاري بفرعيه في شيباردس بوش وستراتفورد لمحبي الماركات العالمية بأسعار مخفضة، هناك عدد من «الآوت ليت» خارج لندن، على بعد نحو الساعة بواسطة السيارة، وأشهرها «بيستر فيلادج» و«ماكآرثر غلين».
المصدر : الشرق الاوسط