السياحة واستشراف المستقبل
بقلم : حمد عبدالرحمن المانع
البلد المضياف تجد اهله على قدر كبير من الطيبة والألفة بل والمعرفة قياساً على الإحاطة بالجوانب الإيجابية التي تتحقق من جراء ذلك، وتفتخر الشعوب بأوطانها وترتبط بتراثها وتبرز بهذا الخصوص كل ما هو جميل يعكس أصالة البلد سواء كان ذلك سلوكاً يجسد الأخلاق الفاضلة أو من خلال انتمائها لأوطانها مصدر عزها وفخرها، ويعكف الخبراء في البلدان المختلفة إلى تنويع مصادر الدخل القومي وعدم الاتكاء على مصدر واحد لما يشكله هذا الأمر من خطورة بالغة لاسيما اذا تقلص الطلب على المنتج الواحد وبالتالي انحسار العائد وما يشكله هذا الأمر من إرهاق للاقتصاد ، غير أن ارتفاع الحس في هذه الناحية وتعزيز سبل الارتقاء على نحو يلامس الهموم المستقبلية يشارك فيه المواطن ايضاً من خلال التفاعل مع خطط الدولة الهادفة للتأسيس السليم للأجيال القادمة وتهيئة بنية تحتية تستوفي المعايير الايجابية لتنعكس على الرقي في مستوى الخدمات في جميع المجالات، ولاريب ان البنية التحتية القوية بحاجة الى السواعد للمحافظة عليها وتنميتها وتطويرها، وتعتبر السياحة أحد المفاصل المهمة والمؤثرة في اقتصادات الدول التي تعول على هذا الجانب كثيرا لا سيما وأنها إضافة إلى حماية الآثار والاهتمام بالموروث التاريخي والذي تعتز بإبرازه الشعوب وتفخر بمعالمه كونه يشكل امتدادا للنسق الحضاري للأمم على اختلاف الأسباب التي أنشئت من أجلها إلا أنها تبقى للتاريخ وللشعوب وهو حق جمعي لا يمكن المزايدة عليه أو التقليل من قيمته لما للاعتبارات التاريخية من مكانة يستفاد منها للخبرة والتأمل من خلال توارد السرد المتواتر بمراحل الأمم، ان المحافظة على الآثار واجب وطني يحتمه التزام الإنسان بالتصاقه بأرضه وفي اطار المسؤولية الأدبية تجاه هذا الإرث الذي تحيطه الأمم بالعناية والاهتمام لأبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية، وإذا كان الحديث عن الشأن السياحي بشؤونه وشجونه، فإن المتأمل لهذا المفصل الهام سيلحظ حتما مسألة الاهتمام من واقع الرصد والمتابعة لما لهذه الصناعة من أثر بالغ في التطور والنمو وتعزيز قوة الاقتصاد لتشكل رافداً رئيساً للدخل القومي. ان ادراك المعنى الخلاق لتبني علاقات ايجابية تستشرف بعد النظر والرؤية الثاقبة من شأنها تسطير الإضاءات الباسمة على كل من يستشعر هذا الدور.
والدور المأمول يحتم علينا النظر بعين الاعتبار للآثار الإيجابية التي تعود من السياحة للوطن والمواطن، ومن ذلك التيسير والتقليل من تكلفة الأسعار فقليل دائم خير من كثير منقطع اضف الى ذلك الاهتمام بجانب مهم ومهم للغاية الا وهو المحافظة على النظافة وحينما يتحدث الانسان عن رحلة سياحية قام بها فان اول مايشير اليه مستوى النظافة لما لها من دور في الصحة العامة والارتقاء بالذوق العام حينما يسهم الجميع في ترجمة هذا السلوك الحضاري الخلاق لأن النظافة ولاشك من ابرز العناصر الجاذبة، واود في هذا السياق التركيز على هذا الجانب فعلى سبيل المثال يوجد لدينا حدائق جميلة ومنتشره في الأحياء ولكن اذا رغبت اكرمك الله استخدام دورة المياه فاستعد للدخول في هذا المستنقع المليء بالقاذورات والحشرات وانصحك باستخدام كمامات اذا كانت متوفرة لديك واود ان اسوق اقتراحاً بهذا الصدد وهو لماذا لايتم اشراك القطاع الخاص في صيانة دورات المياه كأن تتاح الفرصة للشركات المنتجة لأدوات التنظيف صيانة هذه الدورات والمحافظه على مستوى النظافة فيها مقابل السماح لها بالترويج لمنتجاتها من خلال الملصقات داخل دورات المياه؟ ان دورالمواطنين في التفاعل والتعاون مع الجهود التي تبذل بهذا الخصوص من الأهمية بمكان، غير أن تعزيز هذا المفهوم من ناحية علمية وعملية لا يقتصر فقط على الأدوات، بقدر ما يشكل المواطن بخلقه الرفيع وتعامله الكريم تعزيزاً يدفع عجلة السياحة إلى الأمام، فلنسهم في دعم التوجهات النبيلة الخلاقة بحسنا الواعي، وإدراكنا لما تشكله هذه الصناعة من خير للبلد وأهله، عندما يتسع القلب الطيب للجميع فإنه يعكس مستوى الخلق الرفيع وتفيض الأحاسيس الجميلة ينابيع تتدفق نبلاً فيرتفع المنسوب ويعزف الاحترام اعذب الألحان، فبقدر ما تعطي ستأخذ وبقدر ما تمنع ستفقد وحينما تتعامل مع الآخر زائراً كان أم مقيماً عجوزاً أو ولداً أو من غير أهل البلد فإن الابتسامة تصنع فكراً وتشكل دماثة الأخلاق عنواناً بارزاً لخصال ومآثر نعم للبلد ثقافة وماضياً عريقاً، حسن التعامل مع الزائر والمقيم يجسد سلوك الاحترام المتجذر في عاداتنا في أدبياتنا، تفتخر الأوطان بأخلاق الرجال بالشهامة بالكرامة بالمروءة بتجسيد الفضيلة تجد الواحد منهم سطراً في كتاب زاخراً بالحب بالود يملأ قلبه الإيمان وطاعة الرحمن.
الرياض