ارتفاع سعر الدولار بمصر يطيح بآمال وطموحات السياحيين
العشرى : إضافة أعباء جديدة على المنشآت الفندقية
الزيات : الظروف الحالية لا تشجع أى دولة من المخاطرة بإرسال أفواجها
صدقى : يزيد من معاناة صناعة السياحة المصرية ويرفع أسعار الخدمات
أبو على : القشة التي ستقصم ظهور السياحة المصرية
العمارى : سيؤدي إلي تسرب العمالة لتقليل الأعباء علي القطاع
شلبى : يرفع التكاليف الاستثمارية للمشروعات السياحية
تحقيق : سعيد جمال الدين
القاهرة "المسلة" … وكأن القطاع السياحى ناقص مشاكل وأزمات جديدة بعدما جنى خلال العامين السابقين 2011 ، و2012 حصاد مرارة الأيام وتراجع الحركة السياحية الوافدة منذ قيام ثورة يناير 2011 وما أعقبها من أحداث مؤلمة على القطاع السياحى عصفت بالآمال والأحلام التى رسمها المستثمرين السياحيين من أن عام 2013 سيكون عام الإستقرار وإعادة الحياة إلى السياحة مرة أخرى بعد حالات الموت الأكلينكى خلال ألــ 24 شهراً الماضية ..
ولكن كما يقولون جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن وبدأت مع الأيام الأخيرة من عام 2012 ومع الساعات الأولى للعام الجديد 2013 أزمة جديدة لتضاف إلى الأزمات الأخرى التى تواجه هذا القطاع الهام وهى أزمة تعويم الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى وبدلاً من أن يطفوا الجنيه على السطح فإذا به يهوى إلى أسفل ويغرق أو كما وصفه الخبراء قضى عليه بالضربة الإقتصادية الفنية والبركة فى صندوق النقد الدولى الذى إشترط لتقديم قروض إلى مصر ضرورة تعويم الجنيه ، أضف إلى ذلك السياسيات الإقتصادية الخاطئة من قبل حكومة الدكتور هشام قنديل وتسببت فى تحمل القطاع السياحى للكثير من الأعباء والمشاكل.
وقد أثار إنخفاض سعر الجنية فى مواجهة إرتفاع سعر الدولار الكثير من التساؤلات وردود الأفعال لدى الخبراء السياحيين وأرائهم حول تقييمهم لتأثيرات هذا الإرتفاع للدولار أمام الجنيه المصري مسجلاً 6.75 جنيه وهو ما يعد أعلي ارتفاع قد سجله منذ ما يقرب من تسع سنوات، فهناك من أكد أن هذا الارتفاع سيكون له العديد من النواحي الإيجابية المتمثلة في تزايد إقبال السائحين الأجانب إلي مصر للاستفادة من فارق الأسعار الخاص بالغرف الفندقية، وكذلك زيادة أعداد السائحين من الأفواج السياحية إلي مصر بغض النظر عن المستوي المادي للسائح، مبررين ذلك بأن زيادة أعداد السائحين تعد من أهم المؤشرات الإيجابية عن الوضع في مصر..
ومن جانب آخر أكد الخبراء أن هذه الزيادة ستوفر لهم العديد من المزايا فيما يتعلق بفارق أسعار التشغيل وبشراء المنتجات المصرية المستخدمة بالفنادق والقري السياحية بما يعني أنها في صالحهم.
بينما أضاف البعض الآخر أن هذا الارتفاع قد يكون له تأثيرات سلبية علي القطاع وبمثابة عبء جديد للقطاع لعدة أسباب جاء علي رأسها ارتفاع التكلفة الاستثمارية للمشاريع وانخفاض معدلات أسعار الغرف الفندقية بل والبرنامج السياحي ككل.
أكد" أسامة العشري" وكيل أول وزارة السياحية ورئيس قطاع الرقابة علي الفنادق والقري السياحية أن هناك العديد من التأثيرات السلبية علي القطاع السياحي كنتاج واضح من ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه المصري سواء علي مستوي انخفاض معدلات الأسعار الخاصة بالبرامج السياحية أو انخفاض معدل الدخل القومي المقبل من السياحة وارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، وهو ما يمثل أعباء إضافية علي المنشآت السياحية التي تقدم خدمات فندقية للسياح الأجانب.
وأضاف "العشري" أنه يجب الحفاظ علي معدلات الأسعار السياحية بمصر، وأن الأمر لا يحسم عن طريق الأقل سعراً والأكثر طلباً لأنه لابد من أن يتم تسويق مصر سياحياً بمعدلات محددة للأسعار حفاظاً علي مكانتها ومستواها بين الدول السياحية العالمية بمعني أن يكون هناك حد أدني لبيع البرنامج السياحي بمصر، موضحا أنه كلما انخفض معدل السعر وفد إلي مصر سياح أكثر، ولكن ذات نوعيات مختلفة في المستوي الاقتصادي وأن السائح في هذه الحالة سيكون ذا مستوي مادي منخفض ويكتفي بإقامته بالفندق ويقتد بالنفقات قدر الإمكان في هذه الحالة لا يعتبر أي إضافة للسوق السياحي المصري، بل يخفض من مستواه.
من جانبه أوضح" إلهامي الزيات" رئيس اتحاد الغرف السياحية أن إرتفاع الدولار قد يكون له آثار ايجابية في زيادة أعداد السائحين الوافدين إلي مصر في حال استقرار الأوضاع الداخلية بالدولة، ومن ثم زيادة نسب المبيعات، إلا أن الظروف الحالية لا تشجع أي دولة من المخاطرة بإرسال رعاياها لزيارة مصر وسط هذا الزخم من الأحداث السياسية الأمنية المتلاحقة، والتي أضرت بالقطاع السياحي إلي حد الموت، خاصة أن عقب رحلته في الكثير من الدول الأوروبية وجد أن الإعلام سينقل أسوأ صورة عن مصر إلي العالم الخارجي كله، وهو ما كان له كبير الأثر في ضرب السياحة المصرية.
وأضاف "الزيات" أن هناك العديد من الأسواق السياحية قامت بخفض رحلاتها الموجهة إلي مصر خلال هذه الفترة جاء علي رأسها بريطانيا وألمانيا وإسبانيا أوقفت رحلاتها إلي مصر، مؤكدا أن نسب الإشغالات في أغلب المدن السياحية خلال فترة أعياد الكريسماس ضعيفة، موضحا أنه لا يمكن الجزم بأي توقعات خلال الفترة المقبلة، نظرا لما تشهده الساحة بجديد كل يوم من أحداث.
فيما يري الدكتور" عبد المطلب عبد الحميد" عميد إدارة البحوث بأكاديمية السادات أن ارتفاع سعر الدولار سيتتبعه انخفاض قيمة العملة وسيؤدي بالضرورة إلي زيادة الصادرات ويتوقف نجاح هذه العملية علي مرونة هذه الصادرات والسياحة صناعة ذات مرونة عالية حيث يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلي جذب مزيد من السياح وزيادة المتحصلات من السياحة المصرية ولكن المشكلة بالنسبة للسياحة في مصر حاليا هي مشكلة أمنية من الطراز الأول فعدم الاستقرار وزيادة المخاطر هي ما تدفع السياحة للخلف والضبابية والتوترات الأمنية التي تشهدها البلاد من آن لآخر إلي جانب استمرار الإعتصامات والمطالب الفئوية وانخفاض درجة الوعي السياحي لدي المواطنين كل ذلك هو سبب ومحرك رئيسي لأزمة السياحة كما أن بعض الممارسات الخاطئة بشأن سياسة التسعير تنتهجها السياحة المصرية من خلال تخفيض الأسعار في أوقات الأزمات أصبحت وسيلة فاشلة لا تؤتي ثمار والدليل علي الوضع الحالي فبرغم تدني الأسعار إلا أن السياحة لا تزال في حالة من الشلل الأمر الذي يجب استبدال هذه السياسة الفاشلة بأخرى كالإسراع بإحلال الأمن واستغلال قوة قطاع السياحة وقدرته الهائلة علي سرعة التعافي.
أوضح "عمرو صدقي" نائب رئيس غرفة شركات السياحة انه من المعروف أن ارتفاع سعر الدولار يقابله زيادة في القوة الشرائية وارتفاع في أسعار المنتجات والخدمات الأمر الذي يصب في مصلحة السياحة كصناعة خدمية ولكن ما حدث الآن هو العكس نتيجة طول مدة معاناة السياحة المصرية منذ اندلاع الثورة واستمرار نزيف خسائرها حيث إنها تعتمد علي استيراد أكثر مواردها من الخارج فإنها أمام أمرين إما التوقف التام لحين انتهاء الأزمة أو الاستقرار مع التغاضي عن هبوط مستوي بعض الخدمات الأمر الذي يضرب سمعتها في مقتل.
وأكد الدكتور "سلطان أبوعلي" الخبير الاقتصادي ووزير الاقتصاد الأسبق إننا نمر الآن بمرحلة انتقالية يجب أن نتحملها بجميع ظروفها واصفا ارتفاع سعر الدولار نتيجة المزاد الذي عقده البنك المركزي المصري بالأمر الطارئ ربما يكون القشة التي ستقصم ظهور السياحة المصرية كما يترائي للبعض ولكن الأمر بالنسبة لقطاع حيوي ومرن كالسياحة ربما لا يكون الأسوأ بالنسبة لقطاعات اقتصادية أخري فالسياحة يمكنها استرداد عافيتها وتعويض خسائرها في وقت قياسي بشرط عود ة الاستقرار والأمن،الأمر الذي يعني أننا في أزمة وقتية سرعان ما ستنتهي لا يجب التدخل فيها بالتهويل ولا يجوز البناء عليها.
وأشار" عماري عبد العظيم" رئيس شعبة الشركات السياحية بالغرفة التجارية إلى أن إرتفاع سعر الدولار أمام الجنيه أثر سلباً علي القطاع السياحي وسيؤثر بالتأكيد علي الفنادق والشركات السياحية وسيؤدي إلي تسرب العمالة لتقليل الأعباء علي القطاع, كما أن إنعدام الحركة السياحية في الوقت الراهن أسفر عن خسائر تكبدتها السياحة.
ويري أن هذا الإرتفاع يجعلنا نتطرق إلي مشكلة التحويل من الدولار إلي الجنيه الذي سوف يأخذ فترة من الوقت وأيضاً مصاريف التحويل التي سيتحملها القطاع مما يؤدي إلي إنخفاض هامش الربح المتوقع لصاحب الفندق أو الشركة حيث أن هامش الربح يتراوح ما بين 5% إلي 10%.
أوضح أن إرتفاع الدولار يمثل جانب إيجابياً بالنسبة للسائح, موضحاً أن الجانب الإيجابي من إرتفاع سعر الدولار هو زيادة الإقبال السياحي الفترة القادمة في حالة الإستقرار الأمني والسياسي.
أضاف أن إرتفاع الدولار تسبب في ارتفاع أسعار العمرة خلال هذا الموسم , مشيراً إلي أن مشكلة إرتفاع الدولار ستظل قائمة بسبب عدم توفر العملة الأجنبية من جانب الدولة, وذلك نتيجة السياسة الإقتصادية المتخبطة وعدم الإستقرار الذي يؤثر سلباً علي جميع القطاعات.
ومن جانبه قال "وجدي الكردانى "رئيس غرفة المنشآت السياحية الأسبق أن إرتفاع الدولار له جانب إيجابي للدولة في حالة إنفتاح السياحة وزيادة الوفود السياحية, ولكن سلبياً بالنسبة للمنشآت السياحية والفندقية, مشيراً أن الخدمة المقدمة للسائح ستكون أرخص وستزيد التكلفة علي المنشآت السياحية.
أشار إلي أن الإرتفاع في هذا الوقت العصيب يسفر عن خسائر يتحملها القطاع السياحي بأكمله حيث إنه يتم تحديد الأسعار في بداية نوفمبر الخاصة بالموسم الشتوي و في أول إبريل الخاص بالموسم الصيفي , وبالتالي لا يمكن تغيير هذه الأسعار في هذا التوقيت .
و أوضح "حسين فوزي" رئيس غرفة الفنادق بجنوب سيناء أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري له شقان الأول ايجابي ويتمثل في ارتفاع عائدات التصدير، نظرا لما سيعود علي الدولة من نفع وفوائد عدة نتاج ما تقدمه من المواد التصديرية المختلفة التي تحصل علي عائدها بالدولار، وبالتالي زيادة قيمتها مؤكدا أنها التي يتم استخدامها بالفنادق وأن اعتمادها في الأساس علي المنتجات المحلية بنسبة 90% باستثناء المشروبات الكحولية التي يتم الحصول عليها من السوق الحر وشرائها بالدولار، وهو ما وصفه أنه في صالح المستثمر السياحي وميزة يوفرها له هذا الارتفاع وذلك لأنه سيساعده علي تغطية جانب كبير من ارتفاع الأسعار بالسوق المصري.
وعن الشق الآخر الذي يؤثر سلباً علي القطاع السياحي يري "فوزي "أنه بالرغم من انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار، وتوهم البعض أن ذلك سيكون له مردود ايجابي في ازدياد أعداد السائحين الوافدين لمصر غير صحيح، نظرا للأحداث المتلاحقة علي الساحة السياسية والأمنية والتي تضر بصورة مصر أمام دول العالم، وبالتالي تخوف الكثير منهم من زيارة مصر بالرغم من انخفاض تكلفة البرنامج السياحي بها، فضلا عن أنه في ظل انخفاض أسعار الغرف الفندقية والوحدات والبرامج السياحية، فهذا سيجلب نوعا من السياح ذات المستويات المتدنية الذي يقتصر في نفقاته، وبالتالي لا يدر عائد الدولة.
يقول "علي حبيب" المدير التنفيذي لشركة مايوركا للسياحة أنه من المعروف أنه كلما ارتفع سعر الدولار كلما زاد سعر البرنامج السياحي وكان ذلك احد عوامل ازدهار السياحة المصرية قبل الثورة حيث الانتعاش والرواج السياحي وزيادة المكاسب والإيرادات ولكن الأمر بات مختلفا بعد ثورة 25 يناير حيث تراجع أعداد السياح وتراجع إشغالات الفنادق نتيجة حالة الانفلات الأمني وغياب الاستقرار السياسي الأمر الذي جعل انخفاض الأسعار هي السمة الأساسية للمقصد المصري بعد الثورة ونتج عن ذلك تغير نوعية السائحين الوافدين وباتت البرامج تباع بأرخص الأثمان ولأن التعامل داخل القطاع السياحي يعتمد بشكل أساسي علي الدولار فان ارتفاع سعره سيوثر بالتالي علي البرامج والخدمات المقدمة وكذلك علي معدل إنفاق السائح نفسه حيث تقل عدد الليالي السياحية ويضطرون لاختزال البرنامج السياحي وتقليل جولاته التجارية والتسويقية كذلك تتأثر شركات الطيران بزيادة سعر الوقود الأمر الذي يؤدي إلي زيادة سعر تذاكرها والتي تفاق لسعر البرنامج أيضا إذا شركات السياحة هي من تتحمل كل هذه الأعباء المضافة .
وأكد "طارق شلبي" نائب رئيس جمعية مستثمرين مرسي علم أن ارتفاع سعر الدولار لأعلي مستوياته التي سجلها أمام الجنيه المصري منذ ما يقرب من تسع سنوات سيكون بمثابة ضربة كبري جديدة توجه للقطاع السياحي الذي بات يعاني متألماً لأوضاعه والحالة المضنية التي يشهدها جراء الأحداث المتعاقبة علي الساحة حاليا، مشيرا إلي أن انخفاض قيمة الجنيه المصري سيؤدي إلي تدني معدلات السياحة، ومن ثم انخفاض عائداتها من النقد الأجنبي الذي تعتبر مصر في أمس الحاجة إليه حاليا، ذلك لما سيترتب علي ارتفاع سعر الدولار من انخفاض في مستويات أسعار الغرف الفندقية أكثر، مما هي عليه الآن، نظرا للأحداث والاضطرابات المستمرة بالدولة.
وأضاف "شلبي" أنه علي جانب آخر فإن تأثير هذا الارتفاع سينعكس بالفعل علي ما ينفقه المستثمر السياحي من مرتبات العمال لديه والتي يتم دفعها بالدولار، فضلا عن ارتفاع مستويات أسعار المواد الخام المستخدم في إنشاء القري السياحية وغيرها من المنشآت السياحية المختلفة وما سيترتب عليه من رفع التكلفة الاستثمارية للمشروع وتغير دراسات الجدوي الخاص به بعد أن تم الانتهاء من ذلك، فيما يتعلق بالشركات الجديدة تحت الإنشاء، مؤكدا أن هذا الارتفاع سيكون له تأثير واضح في رفع أسعار الوحدات والمنشآت السياحية، نظرا لارتفاع تكلفة مواد البناء المستخدمة في الإنشاءات وارتفاع أسعار المواد المستوردة التي تستخدم في استكمال المباني واكسسواراتها، وهو ما ينعكس بالفعل علي ارتفاع التكلفة الإجمالية للوحدة أو للمبني ككل.
فيما أشار "محمد عبد المهيمن" مدير العلاقات العامة بشركة مايا ترافل إلي أن الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار أدي إلي حالة من تضارب الأسعار في البرنامج السياحي التي سبق اعتمادها والخاصة بموسم العمرة إلي جانب البرامج الخارجية الأمر الذي يضع الشركات بين قطبي الرحي إما زيادة سعر البرامج مما قد يغضب العملاء ويعرض الشركة للإهانة أو تحمل الفرق مما قد يعرضها للخسارة.