Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

السياحة.. مقومات النجاح ومقاومة الإرهاب بقلم . يوسف القبلان

بقلم : يوسف القبلان

 

 

كان أحد مسؤولي السياحة في إحدى الدول العربية السياحية يتحدث في لقاء تلفزيوني عن السياحة وكيف يمكن جذب السياح وتعزيز السياحة. أشار ضمن حديثه إلى أن إحدى الوسائل التي تساعد في تحقيق هذا الهدف هي مراجعة الكتيبات السياحية التي تطبع لإرشاد السائحين الراغبين في زيارة بلد معين. هذه الكتيبات تتضمن تحذيرات معينة يرى هذا المسؤول أن على الدول السياحية أو الدول التي تحاول أن تكون سياحية القضاء على هذه التحذيرات وتطوير الخدمات كي تزدهر السياحة.

 

وبشكل عام يبحث السائح عن الأمن، والسكن الجيد، وجودة الخدمات، وتوفر الاختيارات بالنسبة لوسائل النقل والمطاعم، وتوفر برامج سياحية وأنشطة وفعاليات ثقافية وترفيهية. كما يبحث عن النظافة، وحسن التعامل والمصداقية، والحصول على الخدمات بسهولة ودون وساطات من أي نوع. السائح لا يريد خدمة خاصة تميزه عن الآخرين لمجرد أنه من جنسية معينة، يريد أن يخضع للنظام، وهذا ما يريده أيضا بالنسبة للأسعار في الأسواق والمطاعم وغيرها من الأماكن.

 

لاشك أن البلد الذي تحكمه القوانين، ويوفر الأمن للجميع، ويديره العمل المؤسسي ويسوده التنظيم في كل المجالات، ويطور خدماته بصفة مستمرة، سيكون بلداً جاذباً تزدهر فيه السياحة. وحين تكثر المحاذير التي يطلع عليها السائح عن البلد الذي يرغب في زيارته، فقد يقرر تغيير وجهته السياحية إلى بلد آخر لأن السياحة المحاطة بالقلق غير ممتعة.

 

إن موضوع السياحة يتأثر بعوامل كثيرة بعضها يرتبط بأحداث سياسية تؤثر سلباً على نشاط السياحة ولا يملك المسؤولون عن السياحة القدرة على التأثير فيها خاصة إذا ارتبطت تلك الأحداث بأعمال إرهابية. وهذا وضع يطرح سؤالاً عن إمكانية قيام السياحة بدور في تعزيز الأمن وبالتالي المساهمة في مكافحة الإرهاب، وانحسار أخطاره.

 

أما العوامل الأخرى المؤثرة في السياحة فهي العوامل الإدارية وتشمل التنظيم، ووضوح الأنظمة والقوانين، وسهولة الإجراءات وتطور الخدمات. يضاف إلى ذلك موضوع التسويق والإعلام والقدرة على صياغة برنامج تسويق جاذب يتطابق مع الواقع، ويبرز نقاط القوة في المنتجات السياحية.

 

ومن المعروف أن كل عوامل النجاح تصبح لا قيمة لها في حالة فقدان الأمن ويعتبر الإرهاب من أبرز التحديات التي تواجه السياحة على المستوى العالمي. وفي السنوات الأخيرة تأثرت كثير من البلدان السياحية بالأحداث السياسية والأعمال الإرهابية. والإرهاب عمل إجرامي لا يمكن أن ينتج عنه غير الدمار والخراب والخسائر في الأرواح والممتلكات وتدهور الاقتصاد وقطع الأرزاق، وتدمير الأخلاق. ولأن الإرهاب ضد الأديان والأخلاق والقيم الإنسانية والحضارية، ومعزز للكراهية، والتطرف والتعصب والعنف، فإنه بالـتأكيد ضد السياحة. ولكن ألا يمكن محاربة الإرهاب بالسياحة؟

 

بالنسبة لمقومات نجاح السياحة يمكن أن نتعرف عليها من خلال قرار السائح في تحديد وجهته السياحية، وهو قرار سوف يتأثر بتأشيرات الدخول، وأسعار تذاكر الطيران، وأسعار السكن، ومستوى الخدمات، ونوعية المنتجات والمعالم السياحية، والأنشطة والفعاليات المختلفة. كما يتأثر القرار بخبرات سابقة للسائح أو أحد من معارفه. هذه الخبرات قد تكون إيجابية أو سلبية. وقد يكون مصدر الخبرات الإيجابية وجود عناصر بشرية مؤهلة ومدربة على التعامل الجيد مع السائح، إضافة الى تعامل الناس بشكل عام على كافة المستويات مع السائح من حيث الترحيب به، والمصداقية في التعاملات وتقديم الخدمات.

 

أما الخبرات السلبية فقد تظهر في برامج سياحية تنقصها المصداقية، وفي غياب الأمانة بشكل عام في تقديم الخدمات في المجالات المختلفة. وفي سوء البنية التحتية، ومستوى النظافة، وقد تكون المقومات السياحية غير مكتملة وغير متطابقة مح حملة الإعلان والتسويق.

 

إن الأهمية الاقتصادية للسياحة تؤهلها لتعزيز الأمن وبالتالي تجعل من الضروري العمل على تنشيطها وجعلها وسيلة من وسائل محاربة الإرهاب بدلاً من الاستسلام له. السياحة مجال واسع لتوفير فرص عمل. وفد كان شعار منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عندما احتفلت بإنشائها بالتزامن مع اليوم العالمي للسياحة هو (مليار سائح، مليار فرصة عمل) وفي المملكة، المتوقع حسب معلومات سبق نشرها أن يوفر قطاع السياحة ما بين 1.5، و 2.3 مليون فرصة عمل بحلول عام 2020. وفي المستوى العالمي تنشط الدول بطرق مختلفة في تعزيز التنمية السياحية لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية. تقرير منظمة السياحة العالمية السنوي لعام 2012 يشير الى أن قطاع السياحة يوفر عالمياً نحو 260 مليون فرصة عمل. أما تقرير 2015 فيشير الى زيادة في عدد السياح على مستوى العالم بنسبة 4% وبلغ عدد السياح 538 مليون سائح حول العالم في النصف الأول من عام 2015 وهذا يزيد بمقدار 21 مليوناً مقارنة بنفس الفترة من عام 2014. أما الإيرادات فكانت 1،2 تريليون دولار خلال عام 2013.

 

السياحة هنا تقوم بدور مهم في القضاء على البطالة والفقر، وهذا بدوره يساهم في سد الطرق أمام الحركات الإرهابية التي تبحث عن الشباب العاطلين لجذبهم بطرق خادعة إلى ساحات العنف وميادين القتال في حروب عبثية ترفضها كافة الأديان والقوانين، والقيم الإنسانية.

 

تلك الأرقام وذلك النمو وإن تفاوت من بلد لآخر – حيث إن بعض الدول شهدت بعض التراجع- تشير إلى أن المعوقات يمكن التغلب عليها، وأن السياحة فعل مضاد للفعل الإرهابي. السياحة نشاط إنساني يبني جسور التواصل بين الدول والشعوب والثقافات المختلفة. الإرهاب يفعل العكس. السياحة تعزز فرص السلام والعلاقات الإنسانية. الإرهاب يفعل العكس. السياحة تفاؤل، وأمل، وفرص عمل، وإقبال على الحياة. الإرهاب كراهية، وطريق الى العنف والرعب وقتل الأبرياء. وبهذه الجوانب المضيئة للسياحة يجب أن تدعم كي تزدهر وتحارب الكراهية وتقرب بين الشعوب وتنتصر على الإرهاب بمشروع عالمي إنساني حضاري يبني جسور المحبة والتسامح والسلام والتعاون بين الجميع. قيام السياحة بهذا الدور يتطلب المرونة في تأشيرات الدخول، وإيجاد برامج سياحية تحقق التفاعل بين الزائرين وأبناء البلد، والتزام كافة الدول عملياً باحترام الأديان والتنوع الثقافي ونبذ التعصب والعنصرية. إضافة إلى الالتزام بتنفيذ خطة استراتيجية لمكافحة الإرهاب باعتباره نشاطاً إجرامياً لا دين له، واعتباره العدو الأول للإنسانية.

 

نقلا عن الرياض

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله