أعلام وباحثون يتداولون في لندن واقع الأمة ومستقبلها
المسلة – المركز الحسيني للدراسات – لندن
استضافت دائرة المعارف الحسينية بلندن عصر الإثنين 17 اكتوبر تشرين الأول 2016 م كوكبة من العلماء والباحثين والخطباء ورواد المنبر الحسيني من بلدان مختلفة ممن ارتقوا أعواد المنابر في المملكة المتحدة وأوروبا.
في بداية اللقاء، الذي إلتأم في المركز الحسيني للدراسات، تطرق راعي المركز الحسيني للدراسات ومؤلف دائرة المعارف الحسينية المحقق آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي إلى دور الخطابة على مدى التاريخ في تقويم مسيرة البشرية واستنهاض هممها من أجل صالحها ومستقبل أبنائها وأجيالها مستشهدا بعدد من التجارب التاريخية التي ساهمت في بناء تاريخ البشرية الناصع، وما تركته الخطابة وعموم المنبر والإعلام من أثر عميق في سجل الإنسانية.
وعبر المحقق الكرباسي عن قناعته التامة بأن المنبر الحسيني له أن يعكس الواقع الحقيقي لرسالة الإمام الحسين (ع) القائمة على الإصلاح ونشدان خير البشرية بغض النظر عن الدين والمعتقد والجنس واللون، وهذه الرسالة كما أكد في حديثه: تضع على كاهل العلماء والفقهاء والباحثين والخطباء ورواد المنبر الحسيني ضرورة تطوير مناهج الخطابة وأساليبها بما ينفع الناس عملا بمنهج الإمام السجاد علي بن الحسين (ع) الذي قال وهو في مجلس الحاكم الأموي يزيد بن معاوية في دمشق: (أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب)، فالغاية من الخطابة وعموم القلم والمداد هو صلاح الناس، ولهذا فعلى الخطيب أن يتحدث الى الناس بما يراه صالحا لهم لا بما يفرضونه عليه من محاور للخطابة قد تبتعد عن أصل الرسالة الحسينية.
من جانبه قال العلامة السيد هادي المدرسي الذي حاضر هذا العام في السويد والمملكة المتحدة، إن الخطابة مسؤولية خطيرة لا كما يعتقد البعض ويستسهلها، ولهذا من الضرورة بمكان أن يجدد الخطيب في خطاباته ويحدثها بما يناسب متطلبات العصر الحديث وتقدمه وتشعبه في المجالات الكثيرة، منتقدا أولئك الذين لا يرتقون الى مستوى الحدث، وسعي البعض الى جذب الجمهور من غير باب تثقيفهم بواقعهم وبخاصة في مجال العقائد التي هي محل ابتلاء بخاصة في العالم الغربي حيث يحتك المسلم بمدارس فكرية متعددة تتراوح بين الديني واللاديني، داعيا الخطباء الى القراءة المستفيضة في كل المدارس الفكرية ليكون حاضر البديهة عندما يواجه بسؤال من هذا الشاب المسلم أو ذاك غير المسلم الذي بدأ يفتح عينيه على الحياة وسط أمواج متلاطمة من الأفكار المتناقضة والمتعارضة.
راعي الموسوعة الحسينية ومؤلفها المحقق الكرباسي طلب من الحاضرين أن يقدم كل واحد من الخطباء تجربته لهذا العام والدروس المستقاة، حيث تناوب الحاضرون في الحديث عن التجارب المنبرية ومشاهداتهم، كما أجاب الشيخ الكرباسي على عدد من الشبهات التي تدور في أذهان الخطباء على علاقة بالسيرة الحسينية.
الباحث في دائرة المعارف الحسينية الدكتور نضير الخزرجي تحدث عن طبيعة التحقيق والسبر في خصوص النهضة الحسينية وعموم التاريخ الإسلامي، التي ربما تتعارض مع بعض المسلمات القابعة في أذهان الناس التي ليس لها أصل في الواقع مما يجعل الباحث بين أمرين أحلاهما مر، إما أن يساير قطاعات من المجتمع ويخفي ما توصل اليه وقطع بتحقيقه فيكون قد ظلم نفسه وظلم المجتمع ولم يؤد أمانة العلم حقها، أو أن يظهر علمه فيكون محل غضب الذين تسالموا على الشبهة وكانوا وآباؤهم على أمة. وانتقد الخزرجي في نهاية مداخلته التساهل الكبير من قبل بعض الدوائر الدينية والوقفية في العراق بعد عام 2003 م في ظل الحرية القريبة من الفوضى والفلتان، في مساعي اختلاق المقامات والمشاهد وتقميصها بالقدسية ونسبتها الى أئمة أهل البيت (ع) دون وجه حق.
وكان ممن تحدث في الملتقى واستضافهم المركز الحسيني للدراسات بلندن رواد المنبر الحسيني السادة والمشايخ والعلماء والفقهاء الأفاضل: الشيخ حسن رضا الغديري (باكستان)، الشيخ فوزي السيف (السعودية)، الشيخ رشاد الأنصاري (العراق)، الشيخ محمد الحاجي محمد (السعودية)، الشيخ فاضل الخطيب (العراق)، الشيخ محمود السيف (السعودية)، السيد هاشم آل ماجد (العراق)، الشيخ عبد الرحمن الحائري (العراق)، السيد رضا محمد باقر المدرسي (إيران)، الشيخ هاشم رضا الغديري (باكستان)، الشيخ زكي العلوي رئيس مؤسسة الكرد الفيليين، الشيخ هيثم السهلاني (العراق). كما حضر الملتقى السيد محسن الخلخالي الناشط في مؤسسة آل البيت في لندن، الباحث العراقي الدكتور عباس الإمامي الأستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بلندن، الأستاذ عمر آلياي بيك الناشط في المركز الحسيني للدراسات، المهندس هاشم الصابري، والأستاذ جمال محمد، وغيرهم،
كما حال السفر أو صعود المنبر في ذات الوقت دون حضور عدد من الأعلام ورواد المنبر منهم: السيد مرتضى الكشميري ممثل آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، السيد هاشم شبر (العراق)، الشريف عبد المنعم حسن (السودان)، السيد مضر الحلو (العراق)، الشيخ صادق الدهان (السعودية)، السيد سعيد الخلخالي إمام الجماعة في مؤسسة الإمام علي (ع) بلندن، الشيخ عبد العزيز بو سعيد (السعودية)، والسيد علي الميالي (العراق) الذي أرفق اعتذاره بكلمة قصيرة قال فيها: (إنه ليشرفني ويسعدني كثيرا أن أكون بخدمة شيخنا وأخينا الكبير آية الله الشيخ الكرباسي، وإني والله لفي أشد الشوق لرؤياه والإستماع إلى أحاديثه الطيبة، وإني لأعتبره من القلائل الذين يمثلون القدوة الصالحة).
هذا وعقد المركز الحسيني للدراسات بلندن هذا العام مجلسه الحسيني الصباحي ولعشرة أيام من محرم الحرام، أحياه الخطيب الشيخ محمد الحاجي محمد القادم من السعودية، كما استضاف المنشد القادم من البحرين الرادود عباس البحراني، وتخلل البرنامج اليومي إلقاء قصائد في النهضة الحسينية من إنشاء الشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز مختار شبين، والشاعر العراقي الأديب نزار الحداد، وقصائد من نظم آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي أنشدها الرادود عباس البحراني، وانتهى المجلس الحسيني في يوم عاشوراء بعرض القصة الكاملة لمقتل الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأنصاره قرأها الأستاذ عبد المجيد الصراف والمنشد عباس البحراني، سبقها قراءة لزيارة عاشوراء بصوت الحاج أنور العميدي.
وكان الخطيب الشيخ محمد الحاجي محمد قد تطرق في محاضراته الى موضوعات مختلفة تركزت على عوامل قيام النهضة الحسينية وأسبابها، وأهمية الإيمان بالغيب والتسليم للحق، والمنزلة السامية للأنصار في الدارين والمواقف البطولية بوصفهم أسوة وقدوة لكل صاحب حق ورسالة إنسانية.