Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

السياحة في لبنان تدفع «فاتورة» الأزمة و… «تستغيث»

 

تتعدد الأسباب و«الكارثة» واحدة وغير مسبوقة منذ أربعة عقود


السياحة في لبنان تدفع «فاتورة» الأزمة و… «تستغيث»

 

بيروت "المسلة" … تعدّدت الأسباب والنتيجة واحدة. «كارثة» تصيب القطاع السياحي اللبناني الذي «يستغيث» على وقع أرقام «مخيفة» لم يعرف مثيلاً لها منذ نحو أربعة عقود.

«عوارض» الكارثة عدة: مطاعم ترفع «الراية البيضاء» وتقفل أبوابها، ملاهٍ ليلية كانت من أبرز «معالم» السهر في بيروت «تنكّس» أنوارها و«تهاجر» الى دول اخرى، فنادق شهيرة على حافة «التقاعد»، وعدد كبير منها «أعاد هيكلة» أقسامه بعدما أسدل الستارة على بعضها من باب «الحدّ من الخسائر»، ومؤسسات تكافح بـ «اللحم الحيّ» لـ «الصمود» في وجه «العاصفة» التي تنذر بـ «آتٍ أعظم» بحلول نهاية الـ 2012 ما لم تحصل «معجزة» تحدث صدمة ايجابية في موسم عيديْ الميلاد ورأس السنة.

اما «مكوّنات» الكارثة، فمحلية واقليمية، أمنية وسياسية واقتصادية… من «انعدام الجاذبية» الداخلية مع اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في يناير 2011، الى توالي «شظايا» الانفجار السوري ابتداء من مارس من العام نفسه. ومن حظر كبريات دول الخليج (الكويت والامارات وقطر والبحرين والسعودية) السفر الى لبنان ابتداءً من مايو 2012 الى «طوفان» الفوضى وقطع طريق المطار ثم الخطف «على الجنسية» وسط تهديدات طالت الرعايا الخليجيين في اغسطس الماضي. ومن خروج الهاجس الامني مجدداً من «القمقم» مع محاولات الاغتيال التي تُوجت بـ «تفجير» رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن في 19 اكتوبر الماضي، الى «الاطاحة» بـ «موسم الأضحى» بعد الفطر و«الصيف الخريفي»

… كلها عناصر «أطبقت» على القطاع السياحي، الذي يشكّل ركيزة الاقتصاد اللبناني، وزاد من وطأتها التوقيت غير الملائم لسريان قانون منع التدخين في الاماكن العامة المقفلة ابتداء من سبتمبر الماضي وتفاقُم مشكلة الكهرباء التي لم تقوَ الحكومة على معالجتها بترويض «جنرال العتمة»، ما وضع المؤسسات من فنادق ومطاعم وملاهٍ ليلية، امام تحدٍّ غير مسبوق باتت معه كأنها تخوض «معركة بقاء» لم يقوَ بعضها على الاستمرار فيها فـ «صرعتْه» الأزمة متعددة الأوجه.

… في عزّ الحرب الأهلية (بين 1975 و1990) وملحقاتها لاسيما ابتداء من العام 2005، لم يعرف القطاع السياحي مثل هذا «الكابوس» الذي يقضّ مضاجع مؤسسات عريقة وأخرى حديثة العهد وجدت نفسها بين «فكيْ كماشة» سياسي وأمني، فارتفع «الصراخ» من خطر الافلاس على لسان القيمين على القطاع الذي يشكل التدهور الذي يعانيه «بالأرقام» مرآة تعكس التراجع الكبير الذي يعيشه الاقتصاد اللبناني في ظل تقلّص حجم الأعمال ومعدلات النمو.

بعض أصحاب المطاعم الكبيرة والشهيرة في لبنان يخشون الحديث عن أوضاعهم السيئة منذ الصيف وحتى اليوم، أو حتى تداول أسمائهم في ما يخص امكان الاقفال، لكنهم يؤكدون أنهم بدأوا بدق ناقوس الخطر.

ففيما أقفل ملهى «بودا بار» الشهير في وسط بيروت أبوابه أخيراً، يبحث مطعم «أوتار» في فندق «مونرو» عن مكان في دبي قبل أن «يودّع» بيروت. أما حانات شارع «الجميزة» فيصف أحد أصحابها وضعها بالمأسوي لا بل أن غالبيتها اليوم تعاني من تردي أوضاعها المالية.

وفي وسط بيروت، تبدو المطاعم فارغة الى حد كبير الا من بعض الزبائن الذين يتشكّلون في غالبيتهم من موظفي المكاتب الموجودة في المحيط، في حين تحضّر مطاعم منطقة «زيتونة باي» الحديثة نسبياً عريضة تشكو فيها من هذا الوضع المتردي.

وحدهم أصحاب المطاعم في شارع الحمراء يشعرون بضيق أقل، فالحانات مساء تبدو شبه مليئة وحركة المطاعم في النهار لا بأس بها، وهذا مردّه الى طبيعة رواد هذا الشارع الشبابي والمليء بالحياة، لكن هذا لا ينفي أن هناك تراجعاً في نسبة الاقبال السياحي في الحمراء يصل الى حد 30 في المئة.

ويصف رئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والباتيسري في لبنان بول العريس وضع المطاعم اللبنانية في عيد الأضحى أخيرا بـ «العاطل جداً»، وقال لـ «الراي» : «ان هذه السنة هي الأسوأ التي مرت علينا منذ 40 عاماً»، مؤكداً «ان حجم اعمال المطاعم الاجنبية تراجع بنسبة 50 في المئة فيما تراجع حجم أعمال المطاعم اللبنانية الى 70 في المئة وخصوصاً المقاهي وأصحاب الملاهي».

وأوضح العريس ان «حركة الأعمال في القطاع السياحي لاسيما المطاعم أخذت تتدنى منذ بداية 2011 بحكم اللااستقرار السياسي وأحيانا الأمني، واستمر التراجع خلال سنة 2012». واذ لا ينسى أن يضيف سبباً يعتبره رئيساً في «نكبة» المطاعم وهو قانون منع التدخين «الذي سدد ضربة قاسية لهذا القطاع»، حيث أقفلت مطاعم عدة بسببه، يعطي في هذا الاطار مثالاً هو مطعم «برج الحمام» في أنطلياس الذي يفكر جدياً في اقفال أبوابه لحين العودة عن هذا القانون أو تعديله.

ويقول: «المقارنة الأفضل هي بين 2010 و2012 اذ ان تدني حجم الأعمال خلال فترة عيد الأضحى فاق 70 في المئة»، مشيراً الى «أن عيد الأضحى في المعتاد تعوّل عليه الفنادق والمطاعم مثل عيد رأس السنة وهو يشكّل من 8 الى 10 في المئة من دورة المبيعات السنوية للمطاعم»،

لافتاً الى انه «في الماضي كانت الفنادق والمطاعم خصوصاً فنادق بيروت وجونية تمتلئ عادة لكن هذا العام كان كارثياً، فالسياح العرب غائبون، والسياح الأجانب نادرون في ما قلّت أيضاً نسبة الزوار اللبنانيين المغتربين، علماً أن حال التراجع هذه تنطبق على المطاعم الموجودة في كل لبنان من جنوبه حتى شماله مروراً بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث تصل الى نقابة المطاعم والملاهي أسبوعياً اعلانات لبيع مطاعم، والحال نفسه ينطبق على ملاهي المعاملتين التي شهدت تراجعاً يصل الى حد 70 في المئة»، ويضيف: «بدأنا نشهد كما تعلمون اقفال عدد من المطاعم والملاهي العريقة في لبنان. كما أن المؤسسات المطعمية أنفقت كامل مخزونها المالي وهي اليوم تعيش كل يوم بيومه».

أكثر من 1500 مطعم فتح ابوابه أخيراً في لبنان، الجزء الأكبر منها يتمركز في بيروت الكبرى، وفيما هناك 350 مطعماً مسجلاً لدى النقابة، يتحدث البعض عن وجود ما يقارب سبعة آلاف مطعم على الأراضي اللبنانية كافة، وسط أرقام اشارت الى أن نحو 300 مطعم أقفلت أبوابها حتى اليوم، والى أنه «اذا استمر الوضع على حاله حتى فصل الربيع المقبل فان المطاعم ستشهد نكسة كبيرة» بحسب بعض التقارير.

هذا التراجع يؤكد عليه نقيب وكالات السفر والسياحة في لبنان جان عبود الذي اعلن عبر «الراي» أنه كان هناك انتعاش مرحليّ ( CROSS BORDER TICKTING) لحق بسوق مبيعات تذاكر السفر الجويّ تراوح نسبته بين 10 و12 في المئة بسبب اضطرار المسافرين السوريين الى ابتياع تذاكر سفرهم من وكالات السفر والسياحة اللبنانيّة. لكنه اوضح «أن هذه طفرة موسميّة لا يبنى عليها، فعدد السياح الوافدين حتى 30/ 9/ 2010 (بموجب الاحصاءات الرسميّة المعلنة) هو 1694662، أما عدد الوافدين حتى 30 /9/ 2011 فهو 1276100، وعدد الوافدين حتى 30/ 9/ 2012 هو 1086319، وتالياً فان نسبة التراجع عن العام 2010 تقارب 40 في المئة في حين ان التراجع الذي سجّلته الـ 2012 بالمقارنة مع الفترة نفسها في الـ 2011 يناهز 25 في المئة.

وتوقع عبود في ضوء الحالة الراهنة أن ينخفض عدد السياح في نهاية العام 2012 بنسبة 30 في المئة عن الـ 2011، مؤكداً أن هناك فرقاً تراجعياً بنسبة 30 في المئة عن فترة عيد الأضحى للعام الماضي.

وفيما باتت المطاعم والملاهي ووكالات السفر في «عين» الأزمة الاقتصادية، تعيش الفنادق أزمة لا تقلّ صعوبة خصوصاً بعد الكلام عن خسارة هائلة للقطاع الفندقي لاسيما في فترة عيد الأضحى.

ويؤكد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ «الراي» أنّ وضع الفنادق خارج بيروت كان كارثياً حيث بلغت نسبة الاشغال نحو 25 في المئة، موضحاً أنّه «في حين أنّ هناك نحو 2000 غرفة فندقيّة في لبنان، تحوي مدينة بيروت على 800 منها ونسبة التشغيل فيها بلغت 40 في المئة». كما يشير الى «تراجع في الأسعار بنسبة 50 في المئة خارج منطقة بيروت، وفي داخلها بين 40 و50 في المئة»، كاشفاً أن لا حجوزات في الفنادق من الآن حتى آخر السنة.

ولا ينفي الأشقر الأخبار المتداوَلة عن اقفال بعض الفنادق، بل يؤكد امكان اقفال فنادق أخرى في الفترة المقبلة. واذ توقع أن تتمكن المطاعم التابعة لشركات عالميّة من استيعاب «النكسة»، أشار الى أنّ «الفنادق التابعة للبنانيين ستكون الخاسر الأكبر»، علماً أن عدد الفنادق المسجلة في النقابة حتى اليوم يبلغ 416 فندقاً، توزع على المحافظات بنسبة 53 في المئة لمحافظة جبل لبنان، 24 في المئة لبيروت، و15 في المئة لمحافظة الشمال، و8 في المئة لمحافظات البقاع والجنوب والنبطية مجتمعة.

وقد أشارت أوساط اقتصادية مطلعة الى أن غالبية الفنادق الكبرى عمدت الى اقفال عدد من الطبقات، وتسريح مجموعات من العمال، كتدبير لابدّ منه لخفض نفقات التشغيل، وبالتالي الحد من تراكم الخسائر.

وذكرت هذه الأوساط أن المفاجأة في أزمة الفنادق، كانت في التقارير التي اشارت الى اقدام المؤسسة الفندقية التي يملكها الأمير الوليد بن طلال، على عرض فندق «موفنمبيك» الكائن في منطقة الروشة ببيروت للبيع، مقابل مبلغ مطروح للتفاوض وقدره 16 مليون دولار أميركي.
وترافق ذلك مع التقرير عن قفل فندق Hilton Beirut Metropolitan Palace في سن الفيل الذي يملكه المستثمر الاماراتي خلف أحمد الحبتور، وتديره «هيلتون»، وعن صرف موظفيه البالغ تعدادهم بين 400 الى 500 موظف.

ورغم نفي الفندق عبر مديره العام جان بيار ميناردي خبر الاقفال، فان تقارير اشارت الى ان Hilton Beirut Metropolitan Palace قلّص خدماته تكيُّفاً مع الأوضاع المستجدة، علماً ان «هيلتون» الاميركية لادارة الفنادق كانت تسلمت ادارة فندقي «متروبوليتان» و«الحبتور» بموجب عقد ادارة عشية ميلاد 2011.

وتحت وطأة الخشية من انهيار القطاع الاكثر حيوية في الاقتصاد اللبناني، سارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الدعوة الى طاولة حوار اقتصادية في محاولة لتفادي «الأسوأ» الذي تحوّل «استحقاقاً داهماً» لا مناص منه الا بـ «بوليصة تأمين» سياسية ـ امنية تشكّل مظّلة واقية للسياحة وتعيد وضع لبنان على الخريطة السياحية في المنطقة والعالم.

«مأتم تشييع» للسياحة في لبنان

تحول اعتصام «نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي» في بيروت «مأتم تشييع» للسياحة، بعدما كانت بيروت عينها الوجهة الاولى للسياحة في العالم عام 2009، وعاصمة «السهر» الاشهر في العالم في العام 2010.

هذا التراجع الخطر لموقع بيروت على خريطة السياحة والسهر يعود لأسباب سياسية وامنية واقتصادية، قد يؤدي استمرارها الى تحول العاصمة اللبنانية «غزه» اخرى، تحاصرها الازمات التي لا تعد ولا تحصى.

«نعش» السياحة، الذي رفع على الأكف في قلب بيروت اخيراً، جاء وسط اعتصام نقابة «اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي» للمطالبة بـ «تعليق» قانون منع التدخين في الأمكنة العامة، في اشارة الى التداعيات السلبية لهذا القانون على «صمود» القطاع السياحي ومرافقه.

في الاعتصام، الذي اقيم في محلة السوديكو، تعددت المواقف من المتحدثين الذين اجمعوا على اظهار «الوجع» الاقتصادي والتحذير من المزيد من «الفواجع».

نقيب الفنادق بيار الاشقر طالب بتعديل قانون منع التدخين موقتاً نظراً إلى حال «عدم الاستقرار التي نعيشها»، وناشد نقيب أصحاب المطاعم بول عريس رئيس البرلمان نبيه بري «تعليق القانون حتى اشعار آخر». أمّا نقيب المطاعم في الجنوب علي طباجة، فأعلن «مقاطعة المؤسسات السياحية هذا القانون وعدم تجاوبها مع أي مخالفة له».

وأعلن الأشقر أمام المعتصمين، الذين وضع بعضهم طاولة ملفوفة بقطعة قماش سوداء وُضعت عليها المازة اللبنانية، «حالة طوارئ سياحية»، مؤكداً أنّ «الاعتصام يبرهن عن وجع 120 ألف موظف في القطاع السياحي مهددين في حال استمر تطبيق قانون منع التدخين، بالوقوف أمام أبواب السفارات».

من جهته، أكدّ عريس أن «95 في المئة من المعتصمين هم لبنانيون بعكس الاشاعات التي يحاول البعض تلفيقها»، مشيراً إلى أنّ «القانون الذي جاء من نيويورك وسنغافورة يضع مصير موظفي القطاع السياحي على المحك».

المصدر: الراى

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله