ايطاليا.. تعاني انحساراً سياحياً واقتصادياً
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
ظلت إيطاليا ولسنوات طويلة دولة منافسة علي قمة قائمة الدول السياحية الي جانب فرنسا واسبانيا حيث كانت الموارد السياحية تمثل ركيزة اساسية للرواج الاقتصادي وتعاظم دخل قطاعات كبيرة من الشعب الايطالي اضافة الي ان كل ذلك كان يصب في صالح الاقتصاد الوطني. والي جانب السياحة ونظرا لانخفاض اجور العمالة الايطالية عن نظيرتها في دول الغرب والشمال الاوروبي فقد تم استثمار الامكانات التكنولوجية في تحويل هذه الدولة الواقعة في الجنوب الاوروبي الي مركز لتصنيع المنتجات الاستهلاكية وبعض المعدات الصناعية غير المعقدة.
<<<
كل هذه الانشطة ساهمت في النهضة الاقتصادية الايطالية وساعدتها علي أن تكون مركزا لانتاج المعدات الصناعية المتوسطة ـ وبدأت الامور تتغير بانضمام ايطاليا الي منطقة اليورو »الاتحاد الاوروبي« كدولة مؤسسة كان من نتيجة ذلك تصاعد كبير في الاجور وتكلفة الحياة والذي جاء مواكبا له الارتفاع في مستوي الاجور. انعكس ذلك علي تكلفة المنتجات التي كانت تقوم بتصنيعها لحساب الشركات الكبري في المانيا وبعض الدول الاوروبية الاخري التي كانت تعاني من ارتفاع مستوي المعيشة واجور العمالة وهو ما دفعها الي الانتقال الي الاسواق رخيصة العمالة في بعض الدول الآسيوية.
<<<
هذه التطورات كان لها تأثير بالغ علي الحالة الاقتصادية ورغم ان ايطاليا ليست من دول القلاقل مثلما هو الحال في دول الربيع العربي السياحية باستثناء ما تعودت عليه من اضطرابات سياسية.. إلا أن التقارير الأخيرة تشير الي تراجع وانحسار قد اصاب النشاط السياحي بها. هذه النكسة لم تقتصر علي السياحة الوافدة ولكنها شملت ايضا السياحة الخارجة منها نتيجة تفاقم ازمتها الاقتصادية. في هذا المجال تقول البيانات ان حركة السياحة الايطالية تراجعت بنسبة 30٪ هذا العام وهو ما يجسد ضربة قاصمة للاقتصادين الرسمي والشعبي. ويقول رئيس اتحاد شركات السياحة الايطالية إن التراجع في العائد تواصل منذ عام ٠١٠٢ ليبلغ ٠٥٪
<<<
ومن دلائل الازمة الاقتصادية التي تخيم بآثارها علي حركة السياحة تشير البيانات الي ان الايطاليين اصبحوا يلجأون الي الحجز لرحلاتهم بنظام آخر لحظة انتظار لعروض بتكلفة أقل. وكما هو معروف فان الايطاليين كانوا يعتمدون للقيام برحلاتهم علي رواج السياحة الوافدة حيث كانوا يقومون بتأجير مساكنهم لهؤلاء السياح بأجور عالية يتم استخدامها في تمويل رحلاتهم الي مناطق أقل تكلفة في الخارج. ويعد السياح الايطاليون من زبائن سياحة الشواطيء كما ان قطاعا غير قليل منهم كان يهتم بالسياحة الثقافية.
<<<
وعلي مدي سنوات طويلة كانت السياحة الايطالية تمثل الجنسية الاولي التي تقبل علي منطقة شرم الشيخ الي درجة أنهم كانوا يلقبونها بالمستعمرة الايطالية.. وفي اطار هوس الايطاليين بزيارة مصر فقد ارتفعت اعدادهم الي مايفوق المليون سائح قبل عدة سنوات لتتراجع بعد ذلك حتي وصلت الي ربع هذا العدد الآن.
كان من نتيجة هذا الكساد السياحي تعرض العديد من الشركات السياحية الي الافلاس وهو الامر الذي جعل هناك خوفا وحذرا من التعامل مع السوق الايطالي.. ولقد كان هذا الوضع سببا في الحالة المرضية الاقتصادية التي تعاني منها عضوية ايطاليا في منطقة اليورو مثلها مثل اليونان واسبانيا والبرتغال.. ان تفاقم المشكلة الايطالية يمثل عبئا جديدا علي دول اليورو التي تشهد منذ الازمة الاقتصادية عام ٨٠٠٢ حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.