السياحة البيئية مفتاح أمن وتنمية سيناء
كتب د. عبد الرحيم ريحان
حان الوقت لإدخال مصر ضمن منظومة السياحة البيئية وفقاً للمعايير العالمية مثل تايلاند وكينيا لامتلاكها كل مقومات السياحة البيئية بسيناء من جبال متنوعة وطيور نادرة وعيون طبيعية وكبريتية وأودية تحوى نباتات طبية ومنها جبال الطور الجرانيتية الحمراء والسوداء والرمادية والخضراء الذى يتخللها خيوط الذهب وقد استغلها المصريون القدماء فى صناعة أدوات الزينة والكؤوس كما أن هناك جبل شهير خلف دير سات كاترين تحجرت عليه نباتات قديمة فطبعت شكلها بعمق الجبل وهناك قمة جبل سربال بوادى فيران التى تشكّل قمة فريدة تتكون من خمس قمم تمثل تاجاً عظيماً فى شكل نصف دائرة ويسيل من هذه الجبال أودية عديدة تصب فى خليج السويس أو العقبة تحوى نباتات وعيون كما تحوى حيوانات وطيور نادرة مثل التيتل الذى يستفيدون بلحمه وجلده وقد نقشه القدماء على صخور سيناء والأرانب البرية والقنفد الذى يبخرون بشعره المصاب بالحمى والأسود حيث يوجد وادى شهير بسيناء يطلق عليه وادى السباعية كانت تعيش فيه الأسود والنعام وما يزال البعض يربون النعام بمدينة الطور ومن الطيور البرية الحمام البرى والحجل والصقر والنسر والسنونو ومن الزواحف الثعابين بأنواعها الأسود والبنى والعقارب بأنواعها منها الأخضر واليرابيع ولقد برع أهل سيناء فى صيد البر حيث يصطادون التيتل عن طريق الكلاب والأرانب والغزلان عن طريق الصقور والكلاب وفى العريش يصطادون الطيور المهاجرة كالسمان والرقطى وهو طائر كالحمام وتحوى سيناء حمامات كبريتية مثل جبل حمام فرعون 240كم من القاهرة الذى يخرج من سفحه نبع كبريتى يطلق عليه حمام فرعون درجة حرارته 57 درجة مئوية كموقع عالمى للسياحة العلاجية .
وتمتلك سيناء العديد من المحميات الطبيعية مثل محمية رأس محمد وجزيرتا صنافير وتيران التى سجلت تراث عالمى عام 1983 بمساحة 580كم2 وبها الشعاب المرجانية النادرة وكل مصادر الحياة البحرية كما تحوى طائر البلشون والنورس.
ومحمية سانت كاترين التى سجلت تراث طبيعى وثقافى عالمى عام 1988 بمساحة 5750كم2 وتتضمن الحياة النباتية حيث تحوى على 22 من عدد 28 نوع من الفصائل الفريدة فى العالم من النباتات ومنها السموا والحبك والقيصوم والزعتر والشيح والبعيثران والطرفة وغيرها من النباتات الطبية وقد استغل أهل سيناء الكثير من النباتات للعلاج منها اللصف الذى ينبت فى شقوق الصخور لعلاج الروماتيزم بغلى أوراقه وتبخير المصاب بها والقيصوم تغسل بمائه العين الرمداء والعاذر يشبه الزعتر لعلاج المغص وتشتهر سيناء بشجر الطرفاء الذى يعرف بشجر المن وكان طعام بنى إسرائيل فى سيناء ولعنادهم وجحودهم رفضوا هذا الطعام وطلبوا من نبى الله موسى عليه السلام طعام أفضل ويخرج من ثقوب شجر الطرفاء مادة يطلق عليها المن حلوة المذاق كان أهل سيناء يبيعونها لزوار سيناء من الرحالة فى القرن الماضى كما تحوى محمية سانت كاترين الحياة البرية من حيوانات التيتل النوبى والغزال المصرى والوبر والنمر السينائى والذئب والضبع والثعلب وبها 27 نوع من الزواحف كما تضم مناظر طبيعية خلابة ويكفى منظر الشروق من على قمة جبل موسى الذى يستهوى كل عاشقى الجمال فى العالم وبها أعلى جبال مصر مثل جبل سانت كاترين 2246م فوق مستوى سطح البحر وجبل موسى 2242م كما تمتلك محمية سانت كاترين التراث الثقافى ممثلاً فى أشهر أديرة العالم دير سانت كاترين .
ومحمية نبق التى سجلت محمية متعددة الأغراض عام 1992 بمساحة 600كم2 وتحتوى على عدة أنظمة طبيعية هامة منها الشعاب المرجانية والكائنات البحرية والبرية وغابات المانجروف الموجودة بكثافة ويبلغ أقصى ارتفاع لشجرة المانجروف نحو خمسة أمتار وبها أنظمة بيئية صحراوية وجبلية وأودية وحيوانات مثل الغزال والوعل والضبع وكثير من الطيور المهاجرة والمقيمة فهى بحق منطقة جذب سياحى لهواة الغوص والسفارى ومراقبة الطيور .
ومحمية طابا التى سجلت محمية صحارى وتراث طبعى عام 1998 بمساحة 3595كم2 التى تتميز بالتكوينات الجيولوجية المتميزة والمواقع الأثرية والتراث التقليدى لأهل سيناء والمناظر الطبيعية البديعة وتحوى أوديتها الغزلان والطيور مثل طائر الحبارى وبها نباتات مثل أشجار الطلح وعدد 72 نوع من النباتات بوادى وتير منها البعيثران والرتم والرمث كما يوجد بالمناطق المتاخمة لها عدد 480 نوع من النباتات وبالمحمية عدداً من الهضاب الذى يصل ارتفاعها إلى أكثر من 1000م فوق مستوى سطح البحر كما تتميز بالجبال الرائعة والصخور والفوالق الطبيعية وبها جيوانات الوبر والوعل النوبى والغزال وطيور مثل الرخمة المصرية والنسر الذهبى على قمم الجبال كما تحوى عيون طبيعية مثل عين حضرة بوادى غزالة وعين فورتاجا بوادى وتير .
ومحمية الزرانيق الطبيعية وسبخة البردويل بشمال سيناء التى سجلت محمية أراضى رطبة ومعزل طبيعى للطيور عام 1985 بمساحة 230كم2 والتى تعتبر أحد المفاتيح الرئيسية لهجرة الطيور فى العالم حيث تمثل المحطة الأولى لراحة الطيور والحصول على الغذاء بعد عناء رحلة الهجرة من أوروبا وأسيا خلال الخريف متجهة إلى أفريقيا كما تقيم بعض الطيور فى المنطقة بصفة دائمة وتتكاثر فيها وقد تم تسجيل أكثر من 270 نوعاً من الطيور فى المحمية تمثل 14 فصيلة وأهم الطيور التي تم تسجيلها البجع ,البشاروش ,البلشون ,أبو قردان واللقلق .
علاوة على محمية الأحراش برفح التى سجلت محمية تنمية موارد عام 1985 بمساحة 8كم2 بمناطق الكثبان الرملية التى يصل ارتفاعها إلى حوالى 60 متر عن سطح البحر وتغطيها شجار الأكاسيا وبعض أشجار الأثل والكافور والشجيرات والأعشاب والنباتات الرعوية مما يجعلها مورداً للمراعى والأخشاب ومأوى للحيوانات والطيور البرية كما تعمل على تثبيت الكثبان الرملية والغرود الواقعة داخل نطاق الحماية لتحافظ على أحد أشكال البيئات الهامة لساحل البحر المتوسط .
هذا علاوة على المجتمع السيناوى نفسه الذى يمثل قمة الإبداع للسياحة البيئية بما يحويه من منتجات مستقاة من البيئة وثقافة الصحراء والحياة داخل الأودية فى خيم بدوية بأثاثها المصنوع من أشجار سيناء والعشاء الخلوى بين أحضان الطبيعة والرياضات الصحراواية المتمثلة فى سباق الهجن والشعر والموسيقى والغناء .
ورغم كل هذا الثراء البيئى بسيناء فلا تحقق مصر دخل دولة مثل تايلاند تعتمد على السياحة البيئية فقط وقد حققت إيرادات بلغت 25 مليار دولار عام 2011 من هذه السياحة وقد تحولت إليها السياحة الأوروبية والخليجية مؤخراً بشكل كبير وهى تمتلك أشجار المانجروف بمنطقة كرابى وتستخدم للجذب السياحى بشكل جيد وتمتلك سيناء غابات المانجروف بمساحة 600كم2 بين دهب وشرم الشيخ كما تمتلك تايلاند أرخبيل مكون من ست جزر صغيرة متناثرة تقع جنوب كرابى وهى من أبرز معالم تايلاند ويستمتع الزائر بالمياه الزرقاء والطبيعة الساحرة والشواطئ الرملية الذهبية وتمتلك سيناء أجمل شواطئ العالم والمياه الزرقاء الصافية والذى يشاهد عمق البحر من خلالها كما تكشف عن حياتها البحرية من خلال زرقة المياه وصفائها وبخصوص ذهبية الرمال فهناك منطقة دهب بسيناء لم يطلق عليها هذا الاسم إلآ لذهبية رمالها التى تنعكس عليها الشمس فتلمع كبريق الذهب وتتمتع تايلاند بزى شعبى خاص وماكولات شعبية ولكن إذا ما قورن بالتراث الشعبى السيناوى المتكامل من مأكل وملبس ومصنوعات وحرف وحياة بيئية متكاملة سيدرك بعدها أن سيناء كنز بيئى يحتاج فقط لحسن استغلال ودعاية كافية وتبنى حقيقى من وزارتى السياحة والبيئة قضية إدخال مصر ضمن منظومة السياحة البيئية العالمية لتحقيق دخل يتجاوز 25 مليار دولار سنوياً والتى تحققه تايلاند مما يؤمّن سيناء بالبشر ويحول ملاييين الشباب العاطلين لاستعمارها وتعميرها ليشكّلوا الحصن المنيع الذى يدافع عن ترابها حين يرتبط مستقبلهم ومستقبل أبنائهم بهذه الأرض المباركة .