اقتحام السوق الأمريكي سياحيا.. يحتاج إلي استراتيجية خاصة
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
رغم التطور الذي شهدته صناعة السياحة في مصر علي مدي العقدين الماضيين ارتفاعا في حجم الحركة السياحية الوافدة وبالتالي التصاعد في قيمة الدخل القومي من العملات الاجنبية.. إلا أنه لوحظ أن هذه الطفرة لم تشمل السوق الامريكي بصورة متوازية ومناسبة.
كل الاسواق التي تتعامل مع مصر السياحية خاصة الاوربية منها شهدت قفزات هائلة ومنها علي سبيل المثال السوق الالماني والبريطاني والروسي حيث صاحبهم بعض الطفرات بسوقي فرنسا وايطاليا إلا ان الازمات الاقتصادية قد أدت الي تراجعها بشكل كبير.
كم أرجو من هشام زعزوع وزير السياحة الذي تعود خلفيته في الخبرة الي ممارسة العمل السياحي ميدانيا ان يبدأ في مراجعة سياسات التسويق والدعاية. هذا الأمر سوف يتيح لمصر زيادة حركة السياحة من بعض الاسواق وأخص منها السوق الامريكي.
<<<
وفي جلسة دردشة في نيويورك مع الصديق الخبير السياحي في هذا المجال سمير خليل الذي اكتسب خبرة التعامل مع السوق الامريكي لاكثر من أربعة عقود متتالية- مازالت متواصلة حتي الآن- جري الحديث عن وسائل تنمية حركة السياحة في هذا السوق. وقبل التطرق الي ما تم طرحه من مقترحات لتحقيق هذا الهدف من الضروري الإشارة الي ان عدد السياح الامريكيين الذين يزورون مصر سنويا في احسن الحالات لم يتجاوز الربع مليون سائح.. بينما تشير الاحصائيات الي أن عدد السياح الروس قد اقترب من الثلاثة ملايين سائح في بعض السنوات في نفس الوقت بلغ عدد السياح الذين نستقبلهم من المانيا ما يتجاوز المليون سائح ومثله من بريطانيا.
قد يمكن تبرير ذلك بقرب المقصد السياحي المصري من الدول الثلاث حيث يري البعض أن طول المسافة بين نيويورك والقاهرة التي تزيد بنسبة اكثر من الضعف تعد عقبة وهو ما اعتقد انه غير حقيقي. الدليل علي ذلك ان هناك اكثر من ٠٣ مليون سائح امريكي يجوبون العالم شرقا وغربا يضاف اليهم ٠٣ مليون سائح اخرين يتوجهون لقضاء اجازاتهم في الجارتين الملاصقتين كندا والمكسيك. غير مطروح علي الاطلاق المقارنة بين الامكانات السياحية المتوافرة في مصر حضاريا وتراثيا وتاريخيا وتلك المقاصد التي يتوجه اليها هؤلاء السياح الامريكيون عبر قارات العالم.
<<<
انطلاقا من هذه المعلومات فأنه لابد ان تراعي السياسة التسويقية السياحية في الولايات المتحدة انها تضم 51 ولاية يجب تسهيل الوصول اليها بحملات الدعاية والتعريف بها. نجاح هذا التحرك يحتاج الي استراتيجية جديدة لاقتحام السوق الامريكي تقوم علي اعطاء كل ولاية حقها حسب ما هو متوافر من احصائيات حول حركة السياحة الخارجة منها. هذا يتطلب ان توجه حملات الدعاية مباشرة في كل ولاية عن طريق الوسائل الاعلامية المحلية حيث تبين انها الاكثر تأثيرا علي سكانها.
<<<
ويقول سمير خليل انه لابد من تشكيل مجلس خاص من الخبراء المصريين المتخصصين في التعامل السياحي مع السوق الأمريكي لاقرار سياسة تفصيلية يتم الالتزام بتنفيذها من جانب الاجهزة المسئولة في وزارة السياحة.. تضع في اعتبارها الطبيعة الخاصة لكل سوق.
وفي هذا الاطار لابد ان تهتم استراتيجية التسويق بشكل اساسي يربط الجالية المصرية التي تقول التقديرات ان عددها يربو علي المليون.. بالوطن بالاضافة الي الجاليات العربية والاسلامية. يجب ان تكون هناك برامج خاصة لجذبهم لزيارة مصر. ويقول الخبير السياحي خليل الذي يقيم في نيويورك ولم تنقطع صلته بالوطن بأن مشاركة نسبة كبيرة من اعضاء هذه الجالية في العملية السياحية من خلال الانتخابات تعد فرصة طيبة للتواصل معهم ومع الجيلين الثاني والثالث المنتمين اليهم.
في اعتقادي ان التحرك المدروس في السوق الامريكي يمكن وخلال فترة قصيرة ان يضيف لعدد السياح الذين يفدون الي مصر اكثر من مليون سائح معروف عنهم ارتفاع معدلات انفاقهم. الشرط الوحيد لهذا الانجاز هو ان يتوافر علي أرض مصر الامن والاستقرار اللذان لا يمكن تحقيقهما بدون وفاق سياسي.
