حجم الطلب على الغرف الفندقية لا يتجاوز 50 % من حجم العرض
خسائر الفنادق تنذر بأزمة وملاحقة حقوقية بين مُلاك المباني وبعثات الحج
جدة "المسلة" … أبدى مسؤولون ومستثمرون في قطاع الفنادق والمباني المخصصة لإسكان الحجاج توجسهم من نشوب أزمة قضائية بين مُلاك المباني وممثلي بعثات الحج من شركات وجهات، مشيرين إلى أن من المحتمل أن تشهد دور القضاء ملاحقات حقوقية بعد موسم حج هذا العام بين تلك الجهات.
وأبان المسؤولون أن بعض ممثلي البعثات تخلوا عن العربون المقدم كدفعة مسبقة لاستئجار الغرف في مكة المكرمة لموسم الحج، واتجهوا إلى خيارات أخرى في وقت تعاني فيه السوق أزمة طلب لم تصل حتى الآن إلى نحو 50 في المائة من حجم الغرف المتوافرة ضمن قطاع العرض.
وفي الوقت الذي تبحث فيه بعض اللجان العاملة تحت مظلة الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة عن الحلول لمعالجة الأزمة التي يعانيها قطاع الاستثمار في الفنادق، يتجلى مظهر الأزمة وتذهب بعض فنادق المنطقة المركزية لتخفيض أسعار الغرف فيها طوال موسم الحج، لتصل إلى نحو 25 ألف ريال مقارنة بذلك السعر المعمول به في حج العام الماضي الذي بلغ سقف 70 ألف ريال.
وأكد لـ«الاقتصادية» مسؤول في وزارة الحج، أن دور القضاء في السعودية على أتم الاستعداد لقبول أي قضايا أو خلافات قد تنشب خلال الفترة المقبلة بين المستثمرين في قطاع إسكان الحجاج الممثل في دور الإيواء وغيرها وبين مبرمي العقود معها الذين دفعوا عربون حجز ويبدو أنهم في الوقت الحالي استبدلوا تلك الخيارات بأخرى قد تكون أقل سعراً.
وقال حاتم قاضي، وكيل وزارة الحج والمتحدث الرسمي باسم الوزارة: "خسائر الفنادق وانخفاض الطلب على الإيجار فيها يعود أمرها إلى قضية العرض والطلب، وقد يكون هذا الأمر قد حدث بسبب أن بعض ممثلي الحجاج الذين قاموا بالحجوزات في السابق، كانوا يعولون على أن تكون هناك إمكانية لزيادة أعدادهم بخلاف الحصة المحددة لهم التي تساوي ألف لكل مليون نسمة، ولكن هذا الأمر غير مسموح به مطلقاً في وزارة الحج".
وأشار قاضي إلى أن مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، تشهد في الوقت الحالي تنفيذ مشاريع تطويرية ضمن منظومة ورشة عمل كبيرة، والتي لا يمكن معها زيادة القادمين إليها في ظل حرص الوزارة على سلامة الحاج أولاً"، لافتاً إلى أنه كان ينبغي على تلك الجهات من منظمي قدوم الحجاج التي قامت باستئجار الغرف في مكة المكرمة وغيرها عدم الاستعجال والتروي في الأمر والاقتصار على الحصة الرسمية المسموح بها لكل دولة.
وكشف قاض أن هناك بعض بعثات الحج من المحتمل أنها قامت بتقديم العربون للمستثمرين في قطاع دور الإيواء ومساكن الحجاج، إلا أنها انسحبت أخيراً وتراجعت عن إبرام العقود حتى وإن خسروا تلك الدفعة المقدمة مسبقاً، مرجعاً الأمر إلى أن تلك الجهات وجدت أسعارا أقل من تلك الأسعار التي اتفقوا عليها من السابق. وتابع قاضي: "عدم إبرام العقود بعد حجزها المسبق ومنع المستثمرين من الاستفادة منها، هو أمر تفصل فيه دور القضاء في المملكة، حيث إن المستثمر في حال تقديمه شكوى مثبتة ضد أي جهة التزم أمامها بعدم الاستفادة من داره السكني وإتاحته لها، ومن ثم انسحبت تلك الجهة عن التعاقد معه، فإن القضاء سيكون هو الفاصل بين جميع الأطراف"، داعياً إلى احترام التعاقدات وعدم الإخلال بها.
وأفاد وكيل وزارة الحج، أن بعثات الحج الخارجية منذ أن وقعت المحاضر مع الوزارة وهي على علم بأن المخصص لأعداد القادمين من بلدانهم سيكون وفقاً للحصة الرسمية المعمول بها، إلا أنهم كانوا يعولون على الحصول على أعداد زيادة على تلك الحصة رغم اعتذار الوزارة لهم عن ذلك الأمر سلفاً، مردفاً: "ما يحدث من زيادة ونقص في أعداد الحجاج لبعض البلدان أمر طبيعي ومتدرج داخل الحصة الرسمية لكل بلد، وأن الوزارة لا تمنح أبداً أي زيادات في الأعداد بخلاف ما تنص عليه الحصص الرسمية".
وأبان قاضي أن الحصص الرسمية المخصصة لكل دولة، مرتبطة بالطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة، والتي يجب أن تُحترم حيث إنها من الأمور التي في غاية الأهمية، مشيراً إلى أن الطاقة الاستيعابية لمشعر منى على وجه الخصوص تقدر بنحو 1.350 مليون نسمة، وأن عدد الحجاج المتوقع قدومهم من خارج المملكة هذا العام يقدر بنحو 1.7 مليون حاج، وفقاً لخطة الوزارة التي عرضت أخيراً على أمير منطقة مكة المكرمة في اجتماع لجنة الحج المركزية.
من جهتها أكدت لجنة السياحة والفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، أن الوضع الخاص بحجوزات الفنادق لموسم حج هذا العام سيئ جداً، حيث إنه يواجه انخفاضا يقدر بشكل عام بنحو 50 في المائة، والذي قد يصل إلى نسب تفوق ذلك بكثير في بعض المناطق التي تتركز فيها مباني إسكان الحجاج المرخص لها بالعمل كحي البنك ومخطط النسيم، والتي كانت مستهدفة في السابق من قِبَل المواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.
وعزت اللجنة في مؤتمر صحفي عقده رئيسها ظهر أمس في مكة المكرمة، أسباب هذا الانخفاض وبلوغ الأسعار للإيجار في مناطق مميزة لمستويات منخفضة جداً مقارنة بالأعوام الماضية، إلى اعتذار وزارة الحج عن الإضافة على حصة "الكوتا" المقدرة لكل دولة، وتمسكها هذا العام بتلك الحصص دون أن تمنح الدول أي زيادات في عدد التأشيرات لمواطنيها.
وأشار وليد بن صالح أبوسبعة، رئيس لجنة السياحة والفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة، خلال حديثه للإعلاميين في مكة المكرمة ظهر أمس، إلى أن الوضع الخاص بحجوزات الفنادق هذا الموسم سيئ جداً، ولا يمكن مقارنته من خلال نسب الإشغال المتوقعة من خلال تلك الحجوزات المؤكدة وحجم الطلب بما كانت عليه الحال إبان أزمة إنفلونزا الخنازير وغيرها من الأزمات التي حدثت في السابق، والتي رغم الصعوبات فيها إلا أن السوق لم تشهد مثل هذا التعثر.
ويرى أبوسبعة، أن عدم الاستثناء والإضافات على نسب "الكوتا" المخصصة للدول في هذا الموسم، قد يكون السبب الرئيس في عدم وجود نسب حجوزات مرتفعة على الفنادق والوحدات السكنية المرخص لها بإسكان الحجاج، لافتاً إلى أن اعتذار وزارة الحج عن الإضافات على نسبة " الكوتا" في موسم حج هذا العام – وفقاً لبيانات وزير الحج الصحفية – قد يتسبب في تعذر حضور نحو 400 ألف حاج قادرين على إشغال نحو 1000–1500 مبنى سكني في مكة المكرمة مرخص بإسكان الحجاج وفندق، والتي يحتوي كل واحد منها على نحو 70–80 غرفة.
وأبان أبوسبعة أن تعذر حضور الحجاج الذين يأتون بنسب مضافة على "الكوتا" هذا العام، سينعكس تأثيره السلبي على جميع القطاعات الإسكانية والفندقية، ولن تستثنى من ذلك أية درجة تصنيف سواء كانت تلك الفنادق المصنفة بخمسة نجوم أو تقع في المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف، أو تلك المباني المرخصة كإسكان حجاج موسمي فقط.
وقال رئيس لجنة السياحة والفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: "نحن بصفتنا في اللجنة، تلقينا العديد من الشكاوى من المستثمرين في قطاع الإسكان الموسمي بمختلف درجاته وتصنيفاته وأنواعه، وأن محتوى تلك الشكاوى يؤكد وقوع الضرر على المستثمرين في السوق، خاصة من قبل أولئك المستأجرين للغرف منذ بداية العام أو منذ سنوات ماضية وبأعداد كبيرة ستفوق حاجة الحجاج لهذا الموسم"، مردفاً: "الضرر لحق بالشركات الخارجية للحج والبعثات والمستثمرين في القطاع الفندقي، حيث إن الأخيرين وجدوا أنفسهم أمام عدم قدرة تلك الجهات التي اشترت الغرف منهم على سداد مستحقاتهم المترتبة عليهم بعد أن اكتشفوا أن عدد التأشيرات أقل من ذلك العدد المسموح بمنحه من السنوات الماضية".
وقدر أبوسبعة حجم انخفاض الطلب على استئجار الغرف في موسم الحج لهذا العام بنحو 50 في المائة في أحسن الأحوال والتي قد تصل إلى نسب أكبر في مواقع أخرى، موضحاً أن الفنادق التي تطل على الحرم المكي الشريف وكانت تبيع الغرفة فيها لموسم الحج بنحو 60–70 ألف ريال، باتت الآن تعرضها بأسعار تراوح بين 25–30 ألف ريال للفترة الممتدة من 1–14 ذو الحجة، إلا أنه على الرغم من كل تلك الخصومات لم تجد بعد العملاء الذين سيغطون كافة طاقتها التشغيلية.
وأوضح أبوسبعة أن إلزام دول مجلس التعاون الخليجي بـ"الكوتا" دون إضافات سيجعل عدد الحجاج القادمين من تلك الدول سواء من مواطنيها أو الأجانب المقيمين فيها ضئيلا جداً ولا يقارن بالأعوام الماضية، وهو الأمر الذي ستترتب عليه خسائر كبيرة وضخمة في بعض المواقع التي كانت تستهدف من قبل حجاج تلك الدول، والمتمثلة في مخطط البنك وحي النسيم وبعض المناطق المحاذية لمنطقة العزيزية.
وأفاد أبوسبعة أن موسم الحج يمثل النسبة الكلية من إجمالي الدخل للاستثمار في بعض المناطق، خاصة تلك التي لا يتم تشغيل المباني فيها إلا بشكل موسمي ومن الحج للحج، ويشكل أيضاً ما نسبته 60–70 في المائة من إجمالي دخل الفنادق السنوي، مبيناً أن خسائر المستثمرين وصلت أرقاما ضخمة وهي قابلة للزيادة في ظل الوضع الحالي.
وأكد أبوسبعة أن هذا الأمر في حال استمراره خلال السنوات المقبلة سيتسبب في زيادة حجم الخسائر في القطاع، لافتاً إلى أن اللجنة تتحرك الآن لمحاولة وضع الحلول من خلال التنسيق مع بقية اللجان.
وتابع أبوسبعة: "هيكل العرض والطلب اختلف عن السابق، فمن التركيز على المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف، باتت منطقة العزيزية والششة والروضة والبيبان من الخيارات المهمة لدى المعتمرين والحجاج للسكن فيها، وهو الأمر الذي دفع المستثمرين إلى التوجه نحو تلك المناطق لبناء الأبراج الاستثمارية فيها"، مبيناً أن نسبة التوسع التي ترتفع بشكل سنوي على الرغم من وجود مواقع تزال لصالح مشاريع تطويرية تواجه تحدياً كبيراً تجاه انخفاض حجم الطلب.