أين متحف التراث؟
بقلم مسعود الحمدانى
لا يوجد متحف متخصص للتراث في بلد يزخر بالتراث!!
هناك مجموعة من المتاحف في السلطنة تقوم بعرض مختلف المقتنيات، إلا أنّه لا يوجد بينها ما يضم مفردات البيئة العمانية التقليديّة، وأدوات حياتها الاجتماعية، التي ما يزال بعضها حاضرًا ومستخدمًا، وهو جزء من تراث وطني ضارب بجذوره في عمق التاريخ، إلا أنّ كثيرًا من أدواته بدأت في الاندثار، وبذلك يغيب هذا التراث عن الأجيال المتعاقبة، ويضيع في زحمة التكنولوجيا المعقدة، ونفقد معه تلك الصورة البصرية الواقعية التي انطبعت في أذهان أجيال لم ترَ أدوات الأجداد، ولم تتعرّف عليها، إلا بالأسماء دون أن تقترب من حقيقتها المادية.
إنّ كثيرًا من أدوات البيئة العمانية تجتمع فقط حين يتم جلبها في حال إقامة (قرى تراثية) في مهرجانات، وملتقيات متنوعة، كما هو الحال في مهرجان مسقط، حيث تلاقي هذه المقتنيات، والتمثيل الحي للحياة التقليدية الكثير من الإقبال، وبعد أن ينتهي العرض تعود كل تلك الأدوات إلى مكانها وأصحابها انتظارًا لحدث قادم،
فلماذا لا يتم إنشاء متحف متكامل أو (قرية تراثيّة) دائمة تضم ما تحويه البيئة العمانية القديمة، وطرق حياة الناس الثقافية والاجتماعية وغيرها في ذلك الوقت؛ سواء في السهل أو الجبل أو الصحراء أو البحر، وبذلك نربط الأجيال المتعاقبة بحبل التواصل الذي لا يجب أن نفلته من أيدينا للتعريف بالماضي، ومقارنته بالحاضر، والمستقبل،
فالكثير من الشباب ليس لديهم فكرة عن حياة آبائهم، وأجدادهم، ولا طرق معيشتهم، وحين تحدثهم عن التطوّر الكبير الذي تشهده السلطنة لا يستطيع أن يكوّن صورة واضحة ومقارنِة بين جيلين، وواقعين، واقع ما قبل وما بعد السبعين، وبذلك لا يمكن لنا أن نصل بفكرتنا في أذهان الشباب للمقاربة بين حياتين بينهما الكثير من الفروقات على مستوى الأدوات المستخدمة، والمعيشة، وصعوبة الحياة، وشظفها في الماضي.
إنّ المتاحف كما يقال هي ذاكرة الشعوب، وهي الأداة التي تستطيع أن توثّق وتحفظ مخزونات البيئة، ومكنوناتها، وتعمل على ربط الحاضر بالماضي والمستقبل من خلال ما تضمه من أدوات ومقتنيات وتصوير واقعي لما كانت عليه الحياة في السابق، ولذلك نحن بحاجة ماسة لهذه الذاكرة التي تحافظ على تماسنّا مع الماضي، وتحفظ لنا ما تغيّبه السنوات، والتكنولوجيا الحديثة،
وفي ظل هذا السباق المحموم مع الزمن علينا أن نوجد متحفًا أو قرية تراثيّة تضم مقتنيات وأدوات ومفردات الإنسان العماني، والتي هي وليدة بيئة خصبة وحبلى بالأفكار، والرؤى على مختلف الأزمان والعصور، وهذا المشروع سوف يكون ذا بُعد تاريخي، وتراثي، وثقافي وسياحي في نفس الوقت، وسوف يساعد بالتالي على ما نحتاجه وننادي به من حفظ التراث، وتقريب الفجوة بين الأجيال..
وهذا ما نتمنى أن نراه على أرض الواقع قريبًا سواء من خلال وزارة التراث والثقافة أو بلدية مسقط أو أي جهة مهتمة بالتراث والثقافة العمانية وحفظهما.
المصدر : الرؤية العمانية