يوم السياحة العالمي.. وأمل تعافي صناعة الأمل
بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
سبتمبر تعرفه مصر ويعرفه كل العالم بأنه يوم السياحة العالمي.. تلك الصناعة ذات البعد الاقتصادي اللامحدود والتي تقوم علي تعظيم التعارف والروابط بين الشعوب. هذا الأمر دعا إليه المولي عز وجل في كتابه المبين حيث قال: »يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير«.. صدق الله العظيم.
اذن ومن منطلق المعني والمضمون لهذه الآية الكريمة فإن النشاط السياحي الذي يتمحور في السفر والتنقل والتزاور والتعارف وتبادل الثقافات والمعرفة واكتشاف ما تزخر به الدنيا من كل جديد وجميل هو من الامور التي حللها الله مادام لا تحتوي ولا تتضمن ضررا ولا ضرار بحياة خلق الله.
…
ولقد شاءت الظروف التي نرجو الله ألا يديمها ان يأتي يوم هذا الاحتفال العالمي علي مصر ونحن مازلنا نعاني من تراجع وانحسار السياحة بسبب ما يفعله ويقوله بعض البشر مخالفين به ما حلله ودعا اليه المولي عز وجل.
ولا يستطيع أحد ان ينكر ان هذه النكسة التي تعاني منها السياحة المصرية.. صناعة الأمل انما تعود بشكل أساسي إلي غياب الامن والامان وما صدر من تصريحات غير مسئولة عن البعض ممن دخلوا علي حياتنا عبئا علي تاريخنا وتراثنا ووسطيتنا التي هي مزج بين الحضارات والثقافات لدولة يعلم العالم كله انها كانت الاولي في التاريخ الانساني التي دعت الي عبادة الله الواحد الاحد من ايام اخناتون. وان دولة كان هذا هو تاريخها وقدرها لا يمكن الا ان يكون شعبها متدينا بطبيعته لا يحتاج إلي هيمنة او تسلط او أن يدّعي احد الوصاية عليه دينيا.
ان التاريخ والتراث الإنساني علي مر الزمان يشهد بأن مصر هي ارض مباركة كانت دوما مقصدا لمعظم رسل الله عليهم الصلاة والسلام. انطلاقا من هذه الحقيقة جاء ذكرها في القرآن الكريم ودعا الناس إلي دخولها بإذنه تعالي آمنين.
…
ان ما يتمناه ابناء مصر المخلصون.. ان يقدر الله لها أن تعبر محنتها ليهل عليها من جديد ما كانت تجود به السياحة لصالح اقتصادها وشعبها . هذا الامل تمثل في التصريح الذي جاء علي لسان د. هشام قنديل رئيس الحكومة الإخوانية وتمني فيه ان تستعيد السياحة عافيتها مشيرا إلي التخطيط لزيادة العائد الذي يمكن ان يتحقق من وراء ازدهارها.
وعلي ضوء هذا التصريح المتفائل الذي يعني كثيرا للسياحة والعاملين فيها يهمني أن أذُكر رئيس الوزراء بأن هذه الأرقام التي ذكرها متواضعة خاصة اذا عرفنا وفقا للاحصائيات الموثقة وبيانات البنك المركزي والجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ان السياحة حققت عائداً للدخل القومي في عام ٠١٠٢ قبل قيام ثورة ٥٢ يناير ٥.٢١ مليار دولار انفقها ٤١ مليون سائح زاروا مصر.
بناء علي هذه الارقام فإن ما يدعو للآسي ان نضطر إلي مد أيدينا إلي صندوق النقد الدولي وإلي من يمنّون علينا.. لطلب قروض لا تتجاوز قيمتها نصف ما تحققه السياحة.
وبمناسبة يوم السياحة العالمي وسعيا لأن يكون له بصمة في تاريخ تطور الازدهار السياحي المصري الذي ساهم فيه طوال سنوات ما قبل ثورة ٥٢ يناير بالعمل مع العديد من الوزراء الاكفاء الذين افاض الله عليهم بنعمة النجاح في القيام بمسئولياتهم.. تحدث الوزير الجديد هشام زعزوع عن الوضع وتوقعاته لمستقبل السياحة في الفترة القادمة. لا يمكن التقدم علي هذا الطريق دون خطة احترافية تستند إلي الخبرة مدعومة بتعاون كل أجهزة الدولة ولقد أحسن وزير السياحة تحركا باعلانه عن قيامه باستقبال السياح الصينيين عند سفح الأهرام باعتبار أن الصين سوق سياحي واعد.
…
في هذا المجال لابد من التذكرة بأهمية تحرير التعاملات السياحية في تنظيم الحملات الدعائية بعيدا عن القيود البيروقراطية وفقا لما كان سائدا من قبل بما ادي الي الحد من المرونة والفاعلية التي تؤدي إلي اضعاف فرص المنافسة مع الدول الأخري. هذا الامر يتطلب معاملة خاصة في تطبيق القواعد التي لا تتعارض والضوابط اللازمة لشفافية وحسن الاداء.
من ناحية أخري لا يمكن ان يتحقق النجاح المأمول في خطة النهوض بصناعة الأمل دون تعاون وثيق يستند إلي الدعم واستثمار الخبرة سواء من جانب القطاع السياحي الحكومي او من جانب القطاع الخاص متمثلا في اتحاد الغرف وتوابعه. ان العمل لتحقيق هذا الهدف لابد ان يتم في اطار منظومة متكاملة تشارك فيها الدولة بكل انظمتها الرسمية والشعبية بما يضمن النجاح المأمول.