سجن «العقرب» أفضل!
بقلم : محمود كامل
صحيح أن بعض القنوات التليفزيونية الخاصة قد خرجت بما تبث عن «المألوف الوطني» الطامح في إرسال عاقل يتحدث عن علاج لمشكلات تموج بها الحياة المصرية، أو يقدم «عقلانيات» تدفع الناس للتفكير قبل الصباح اللامعقول في المظاهرات غير المعقولة كذلك.
وإن بعض تلك القنوات قد وصلت إلى مرحلة «الفتونة التليفزيونية» بدعوة الناس إلى الثورة ضد كل شيء في الشوارع المصرية، بل على منهج الحياة المصرية ذاته الطامع في عودة الأمور إلى نصابها بعد شهور التسيب والانفلات الطويلة بما يعني أن تلك النوعية من «تلفزة التهييج» لم يعد يستطيع كبح جماحها المشبوه غير «القانون»، تلك اليد عندما تطبق. ولأننا نعرف شيئا عن اليد الممسكة بزمام القانون هذه الأيام، فإننا لا نثق كثيرا في عدل القانون على الخارجين عليه، بإيقاف إرسال قناة «الفراعين» التي خرجت عن المعقول ليتحول إرسالها إلى مجرد تحريض للناس علنا على الخروج بالثورة إلى الشوارع،
وذلك جلبا لمشاهدين أكثر، وهو ما يؤدي إلى إعلانات أكثر، تدخل مباشرة إلى جيوب أصحاب تلك القناة وأشباهها بصرف النظر عما تفعله مثل تلك القناة في زيادة قلق الناس – القلقين أصلا- بالخروج عن الطبيعة، ما ينتظر من أي إرسال تليفزيوني متحضر يثير في الناس بهجة تدفع إلى أمل الحياة التي تصنع إنتاجا أكثر خصوصا في زمان الأزمة؟
ولأننا – برضه – لا نثق في الأيدي الممسكة بالسلطة المصرية – غصب عن المحكومين- يبرز لدينا قلق شديد على حرية الإعلام التي بدأت السلطة تتلمظ لها، خاصة عندما تحولت قناة الفراعين من جنحة في أول الأمر إلى توصيف جديد حولها إلى جنايات بينها إهانة الرئيس، والتحريض على قتله، وهي اتهامات مطاطة صالحة دائما لإلصاقها بكل إعلامي لا يلتزم «بالتطبيل» في وقت قررت السلطة الحالية أن تستريح على كراسي العرش التي وصلت إليها – لأول مرة في تاريخها- حيث ترى أن «العيال قلالات الأدب» الذين يديرون القنوات المناهضة لهم ليس لهم علاج سوى السجون التي أصلحها لهم «سجن العقرب» حتى لا يختلط «الحابل بالنابل» في سجون طرة !