ما في «حدا» ؟
بقلم : محمود كامل
لا أنسى أبدا عبارة لبنانية استخدمتها فيروز في إحدى روائعها القديمة التي حمل اسمها نفس العبارة: ما في حدا، يعنى «مفيش حد» يعني لا حياة لمن تنادي، ذلك أن كل صرخاتها بالعشق لم تلق أي استجابة أكثر من صدى الصوت الذي ارتد إليها من «البرية» وليس أكثر.
ورغم كل «الدوشة» التي نعانيها في كل مكان، فإن مسؤولا واحدا لم يهتم بكل الصرخات التي تصل إلى «آذانهم الصماء» بطلب الأمن، ولقمة العيش، ووظائف للعاطلين -وهم بالملايين- وأشياء أخرى كثر عنها الحديث ولا داع لإثارتها من جديد، وهو ما حدا بكل المصريين إلى تذكير صيحة فيروز: ما في أحد، تعبيرا عما هم فيه، وردود الفعل التي يتلقونها من حكامهم على صرخات طلب النجدة» حيث لا مجيب! صحيح أن كل حكام «اليومين دول مشغولين»..
بس مشغولين في إيه؟ هذا السؤال المؤرق بسبب أن أحدا منهم ـ رغم قدوم أغلبهم من أفقر أحياء مصر قبل الوصول إلى «كرسي العرش»- لم يكلف خاطره بالرد علينا، رغم ادعائهم الدائم والذي فقد لدينا معناه بأن الشارع هو السيد.. وهو ولي الأمر، وهو ما ليس صحيحا بالمرة، ولا دليلا واحدا عليه!
وحتى عندما قرر أحدهم إخلاء سبيل بعض الموجودين بالسجون طبقا لأحكام سابقة -وقد يكون من بينهم مظاليم مبارك- فإن أول من نفذ بشأنهم قرار العفو والإفراج كانوا «مجموعات من المجاهدين» أصحاب الرايات السوداء الذين يمثلون قمة التطرف الديني والذين يتعاملون مع المجتمع المصري كله على أنه «مجتمع كفار» ليزداد بالإفراج عنهم «الطين بله» في مناخ يسمح بممارسة التطرف مع كل فيالق المجتمع مع غياب كامل لسيف القانون وعدل المحاكم بما يمثل إضافة بالغة الخطورة «للانفلات الأمني» في ظل «كمون شُرَطي» لا يعرف أحد سره، رغم أن الدولة تصرف شهرياً مرتبات الألوف من هؤلاء مقابل «لاعمل» وهي «الموضة» التي أصابت ملايين العمال بالامتناع عن الذهاب للعمل -وليس للتظاهر- فيما يمثل مصيبة إضافية لخزانة الدولة التي تعاني «الفراغ الشديد» وذلك ضمن «اللامنطق « الذي تمثله عبارة: «مفيش حد أحسن من حد..»!