بقلم : محمود كامل
هل من المعقول أن كل من له مريض يعاني مغصا من إفطار ثقيل لم ينتبه فيه الصائم إلى أن حشو المعدة بالطعام بعد يوم صيام طويل له متاعبه، أن يقتحم هو وأهله أي مستشفى مطالبين بأولوية علاجه عن آخر مشغول بخطورة حالته الصحية طبيب الطوارئ ومن معه الذين قرروا بمعاينة المريض الجديد أن حالته هي مجرد «مغص» لا خطورة منه بينما المريض المشغولون به يعاني من أزمة قلبية أو جلطة بالمخ تحتاج لجراحة عاجلة.
أو إدخال فوري للإنعاش، ليفاجأ الطبيب ومن معه بأهالي المريض الجديد يوجهون أسفل الشتائم إلى الطبيب الذي يصر على أولوية العلاج «للحالة الأخطر» ليفاجأ الطبيب بثورة عارمة من «الصيع» و«البلطجية» من أهل المريض «المغصاوي» يتهجمون عليه بالمطاوي والرشاشات التي يثيرون بها ذعر المرضى الراقدين على أسرتهم وبينهم أصحاب جراحات خطرة، مع تحطيم ما تيسر من استقبال المستشفى وغرف العمليات، وإلقاء أدواتها المعقمة على قارعة الطريق ليفر من أمامهم من يستطيع الفرار وبينهم أطباء هربوا من الأبواب الخلفية تاركين للبلطجية «الجمل بما حمل» مالم يسقط من بينهم ضحايا يحتاجون لعلاج غير متاح!
علينا فقط أن نتصور هذا السيناريو الإجرامي «الوقح» في مستشفى أقيم لخدمة الناس ليتحول إلى حطام من أناس قرروا أن يكون لمريضهم أولوية العلاج وليس لخطورة المرض الذي يعانيه مريضهم الشؤم هذا، أليس عيباً أن يطلب كل مستشفى في مصر حراسة أمنية ليستطيع إداء مهمته الإنسانية في أمان والتصدي لتلك الغزوات الأهلية التي يفر فيها المتهمون بجرائمهم دون تقديمهم للمحاكمة بتهم كثيرة أقلها التعدي على مرفق حكومي عام؟!
إن ما يجري الآن في العديد من المستشفيات العامة، وأحدثها «القصر العيني» الشهير الذي تحطم فيه دوره السابع خلال أحدث الهجمات، لم يعد مقبولا لأنه إهدار لخدمة إنسانية خاصة بأفراد الشعب الفقراء الذين لا يملكون تكاليف العلاج في المستشفيات الخاصة، وإذا لم يكن المهاجمون عندهم «حمية أو دم» فالأمن ـ كما أعتقد – عنده الرصاص الذي يفهم لغة هؤلاء المهاجمين!