عند منابع النيل.. الخطر الحقيقي
بقلم : محمود كامل
منذ سنوات طويلة اكتشفت إسرائيل أن «الشغب» مع دولة بحجم مصر لن تكون له النتائج المرجوة من هذا الشغب الهادف دائماً إلى «تعجيز مصر» عن القيام بدورها في المنطقة العربية باعتبارها السد المنيع دون اعتراف بعض الدول العربية بالدولة اليهودية التي تعتبرها الإدارة الأمريكية جزءا من وجودها في المنطقة، ومن ثم فإن إسرائيل يمتلئ قلبها بالضغينة ضد الوجود المصري، إن اضطرت في أحيان كثيرة –على غير الهوى- إلى إبداء سعادتها الغامرة بثورة يناير رغم فجيعتها في سقوط صديقها الحميم «حسني مبارك» وبقية الحواريين من حوله الساعين للرضا الأمريكي بأي وسيلة ولو كان ذلك على حساب «القيمة والقامة» المصرية!!
وقد عثرت القيادة الإسرائيلية -على تغير حكامها- على ما يمكن أن تمسك به «خناق مصر» دون طلقة رصاص واحدة عن طريق «مياه النيل» ونشر نفوذ أجهزتها الأمنية ومنحها التنموية حيث منابع النيل، مع رشوة قيادات دول المنبع بالكثير من الأموال تحت بند الدعم -ماليا كان أو فنيا- في ثوب مصطنع الصداقة مع تلك القيادات الحريصة على مصالحها الشخصية!
وكان ذلك الأمر يقتضي نشر النفوذ الصهيوني هناك منذ سنوات لم يلتفت خلالها مبارك الفاسد إلى ما يفعله «الموساد» الإسرائيلي هناك، وهو الجهاز الذي أشرف -مع خبراء إسرائيل- على بناء العديد من السدود في تلك الدول تحت رداء توليد الكهرباء وتنظيم شؤون ري الأراضي التي تضاعف كثيرا من المحاصيل الزراعية لتلك الدول بما يكفي احتياجاتها ثم التصدير، بينما الهدف الحقيقي لكل تلك السدود هو تشديد القبضة الإسرائيلية على «الرقبة المائية» لمصر التي كانت تصلها مياه النيل بالقدر الذي تحتاج طبقاً لاتفاقيات دولية تنص على ذلك!
إن ما يجري ضدنا عند منابع النيل بالغ الخطورة وهو ما يحتاج منا إلى كل اليقظة بل والتحفز بعيداً عن فوضى الشوارع المصرية، التي تشغلنا بأمور مصرية تحتاج حلولها لاستقامة الأمور أولاً، ومن ثم فلابد أن تحتل قضية مياه النيل «أولوية أولى» في أجندة الإنقاذ