Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

البسطات الشعبية بجدة استلهام للذكريات فى رمضان

البسطات الشعبية بجدة استلهام للذكريات فى رمضان

 

جدة "المسلة"… يلفت نظر زائر المنطقة التاريخية في محافظة جدة هذه الأيام البسطات الشعبية المنتشرة في أرجائها، فتبهرك بطابعها البسيط الذي تختزن في أركانها تاريخا قديما شيّده أهالي الحجاز، احتفالاً بقدوم شهر رمضان المبارك، فيما عدّ المعاصرون المنطقة مكاناً لاستلهام الذكريات، واستشعار قدسية هذا الشهر وروحانيته، وسط أصوات الباعة الذين تتصاعد من حولهم روائح المأكولات الحجازية التي تفوح من السمبوسة، واللقيمات، والمنتو، وشربة المقادم، والبليلة، والبطاطس المسلوقة.

وإلى جانب دور البسطات الشعبية هناك جملة من المهن الأخرى المرتبطة بمجالات الترفيه وتنظيم دورات الألعاب الرياضية طيلة شهر رمضان، وتعتمد غالباً على شخص يدير اللعبة ويحكّم بين اللاعبين بشخصية فذة وفريدة، في حين تبدأ هذه الألعاب عقب صلاة العشاء وتمتد حتى ساعات الصباح الأولى، مقابل أجر مادي بسيط.

وأوضح الدكتور بشير مصطفى أبو نجم مدير عام التراخيص والرقابة التجارية بأمانة محافظة جدة، أن لجنة مختصة تتابع نظامية البسطات التي تقدم مأكولات شعبية وحيازة العاملين بها الشهادات الصحية، مبيناً أن تقديم الطلب للحصول على بسطة رمضانية يقتصر بالنسبة للنساء على الأرامل والمطلقات فقط مع إحضار أوراق رسمية من الأحوال المدنية تفيد بأنها مطلقة أو أرملة.

وأضاف أنه من ضمن الشروط الواجب توافرها في هذه البسطات أيضاً أن تكون ثابتة وألا تتسبب في عرقلة السير وحركة المارة، وألا تؤدي إلى مضايقة المحال التجارية والمساكن المجاورة، مع توحيد تصميماتها ولونها وترقيمها وتحديد نوع النشاط في كل منها، مؤكداً أنه لا يسمح لغير السعوديين بمزاولة العمل في البسطات الرمضانية، ما عدا من هم على كفالة صاحب البسطة.

والتقت "وكالة الأنباء السعودية"، أحد منظمي البسطات الشعبية الرمضانية في المنطقة التاريخية بجدة ويدعى "محمد عامر"، فقال: "يتم تناول ما تعرضه في الهواء الطلق على إيقاع الأواني والأدوات التي تطهى بها مختلف المأكولات الشعبية بالتزامن مع الأهازيج الحجازية التي تذكر أبناء عروس البحر الأحمر بتاريخهم العريق وعبقها الأصيل، حيث ارتبطت البسطات وجدانياً بهذا الشهر الكريم وصارت ثقافة شعبية حيث يرتدي باعتها الملابس التقليدية القديمة التي تحاكي الباعة القدامى والعوائل التجارية التي اشتهرت المنطقة التاريخية بهم".

وقال محمد عبد الله أحد بائعي الكبدة: "إن البسطات ظاهرة شعبية تتميز بها جدة، حيث يعيش الجميع الأجواء الرمضانية التي تتميز بها أحياء جدة وحاراتها القديمة التي تواصل العمل حتى ساعات الصباح الأولى"، مشيرا إلى أن أبرز ما يقدم من خلال هذه البسطات البليلة والكبدة والتقاطيع والعطور والمكسرات والمشروبات الرمضانية والحلويات الشعبية والبطاطس، حيث تم ترقيم كل بسطة وتوحيد تصميمها ولونها وتزيينها بالمصابيح التي تصور الطراز الحجازي القديم.

وأفاد عبد الله بأنه ما إن يدخل شهر رمضان إلا ويبدأ بإعداد موقعه وتركيب بسطته المكونة من طاولة وصاج وأدوات طبخ وحافظات للكبدة حتى تبقى ساخنة ويجلب الكبدة الطازجة من المسالخ والمطابخ، ويقوم بإعدادها بمساعدة شخص آخر يقوم بالتقطيع والتتبيل بإشرافه، حيث اعتاد هذا العمل منذ ما يقارب 20 عامًا.

وذكر أنه يحرص على شراء كبدة الإبل والغنم من مسلخ الذبائح المركزي أو من مطاعم ومطابخ المندي، كما يحرص على جلب كبدة الذبائح البلدية فقط كونها طازجة وتلبي ذوق الزبائن، إلى جانب الحرص على نظافة المواد التي تتكون منها الوجبة، والحال ينطبق على أدوات الطهي وكأنني أطهوها لأهل بيتي، وهو ما يحصل بالفعل في كثير من أيام الشهر الفضيل، وهذا ما عزز من سمعتي بين زبائني.

كذلك قال بائع الكبدة أبو ديما، إن الزبائن في المنطقة التاريخية بجدة، يتزايدون يومًا بعد يوم على تناول الكبدة، خاصة مع حلول العشر الأواخر من رمضان، منوّهًا إلى أن أهالي جدة اعتادوا في ليالي رمضان تناول وجبات البليلة بين فترتي الإفطار والسحور، وهذه المظاهر متزامنة ومعايشة دائمة لهذا الشهر الفضيل، فلهذه الوجبة طابعها الخاص، ولها خلطة سرية يقوم بإعدادها بنفسه لجذب أكبر عدد من الزبائن من محبي وجبة البليلة الرمضانية وبالأخص على الطريقة الحجازية المزودة بالطرشي البلدي والخل والشطة والكمون في مشهد يعيد فيه الزمن ذكريات الآباء والأجداد، حيث يقف عبده بزيه الحجازي التقليدي المكون من عمة صفراء مذهبة وصدرية على ثياب بيضاء قطنية.

فيما أبرز بائع السوبيا شاكر مسعود ما يمثله هذا المشروب من متعة ونكهة تحلي شهر رمضان، خاصة لدى أهالي جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يفضلونها دائماً على مائدة الإفطار، مشيرا إلى أن لها أنواعا عدة منها البيضاء وهو لون الشعير، والحمراء التي تضاف لها نكهة الفراولة، والبني الذي يضاف لها التمر الهندي، ويضاف لها بعد تصفيتها مقادير من السكر والهيل والقرفة التي يتم خلطها بمقادير متناسبة، ويدخل في صناعتها الزبيب وفاكهة البنجر الحمراء، كما يضاف إليها أحيانا صبغة الكوجراتي ثم الثلج للتبريد.

فيما قال عبد الصمد محمود عمدة حارة اليمن والمظلوم بجدة إنه ما إن يعلن عن دخول شهر رمضان إلا وتشتد التنافس على تنظيم البسطات الرمضانية التي يتم نصبها في الأسواق الشعبية بالمنطقة التاريخية التي في العادة تزين وتنظم بالصورة التي تعبر عن الابتهاج بهذا الشهر الكريم، ومحمود عاصر العروس على مدى حقب زمنية مختلفة ويضيف هو يرتدي اللبس الحجازي، أن أهم ما يميز رمضان قديما الفانوس الذي يصنع من التنك، ويثقب من جوانبه ويوضع داخله شمعة مضيئة، مشيراً إلى أن الأطفال لا تكتمل فرحتهم ليلة دخول شهر رمضان إلا بحملهم الفوانيس وإنشاد الأغاني التي يستقبلون بها لياليه.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله