بدو «الضبعة» وشرف العقود!
بقلم : محمود كامل
بعض الذين يعيشون بيننا هذه الأيام يتصرفون وكأنهم يسكنون «وطناً مفروشاً» حيث لا تعني المواطنة لديهم أي شيء، وتتركز اهتماماتهم جميعها على أقصر الطرق لتحقيق المكاسب، ولو كان جزء من تلك الغنائم «بعضا من لحم الوطن» دون إدراك بأن «لحم الوطن» أكثر حرمة من المال الحرام، وأقصد بذلك وبكل وضوح أولئك البدو المجاورين -أو القادمين من بعيد- بهدف «لهف» موقع «الضبعة» الذي اختاره الخبراء -منذ سنين- لإقامة أول مفاعل نووي للطاقة في مصر، سدا للاحتياجات المتزايدة من الطاقة بسبب تزايد الاستهلاك المحلي عن الطاقة المتاحة حالياً.
وكان هؤلاء الجيران قد قرروا استغلال الفوضى الأمنية ضاربة الأطناب، لإعادة احتلال الموقع النووي الذي كانوا قد تقاضوا في أول الأمر كل التعويضات عن أراضيهم الداخلة في الموقع أيام اختياره، ليدّعوا الآن أن أثمان أراضيهم -السابق بيعها لصالح المشروع- قد زادت كثيراً هذه الأيام، ومن ثم أصبح من حقهم إعادة بيعها من جديد، في «استغفال» غير مسبوق لعقود بيع قد سبق أن وقعوها أيام ذلك الاختيار.
ولأن أحداً لم يعد يدافع عن حقوق الدولة، فإن قوات الأمن تركتهم -فور إعادة احتلالهم لموقع الضبعة- يدمرون في الموقع أجهزة الرصد البيئي، التي تكلفت عشرات الملايين من قوت الشعب الفقير، حيث تصور هؤلاء البدو أن الضبعة الواقعة في الساحل الشمالي هي بعيدة جدا عن «قاهرة «صنع القرار، ومن ثم فإنهم أخذوا الأمر بأيديهم في ظل سلطة مترهلة آثرت «نفاق الناس» على إجبار نفس الناس على احترام القوانين، والعقود التي وقعوها بالتنازل عن الأرض مقابل ثمن سدد إليهم كاملا في تلك الأيام!
إن فرق الانضباط فوق الأرض الأمريكية والفوضى عندنا هو أن القانون هناك قائم على رؤوس الجميع وأولهم الرئيس، أما هنا فالدولة الضعيفة قد تركت لكل مواطن أن يضع لنفسه من القواعد والقوانين ما يريد، بصرف النظر عما تضعه الدولة لضبط الإيقاع العام!