بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
أمام التطورات والصدمات التي شهدتها الايام الاخيرة والمتمثلة في تعطيل حكم المحكمة الدستورية العليا المتعلق بحل مجلس الشعب الاخواني بسبب العوار الدستوري. ليس أمامنا سوي ان ندعو الله العلي القدير ان يعدي هذه الأزمة علي خير. ليس من مخرج يطمئن الجميع سوي الجنوح للحكمة والعقلانية في معالجة التداعيات والآثار المترتبة والتي تهدد وجود ما بقي من كيان الدولة المصرية وهو ما يتمثل في القضاء والقانون.
من المؤكد ان ما حدث سوف تكون له آثار وذيول لاشك انها سوف تمس مظاهر ومتطلبات الاستقرار الداخلي وهو ما يجعل لها انعكاسات سلبية علي الاوضاع الاقتصادية ومنها بشكل اساسي صناعة السياحة. ان قرار رئيس الجمهورية وما احاط به من ضجة قانونية لا بد ان يثير الشكوك فيما يتعلق بشكل دولة مصر.. هل هي دولة دستور وقانون أم لا؟! هذا الشعور انعكس بشكل سريع علي اداء البورصة التي فقدت في اعقاب قرار عودة مجلس الشعب ٢١ مليار دولار في يوم واحد!!
هذه الاحداث المفاجئة تأتي في الوقت الذي كنا قد بدأنا فيه نقول »بسم الله« ايذانا بفتح ابواب مصر التي تم اغلاقها بفعل الفوضي وعدم الاستقرار طوال الـ ٨١ شهرا الماضية.
كان أمل الجميع استئناف المسيرة في ظل رئاسة تلتزم بالدستور والقانون بما يسمح باستئناف المسيرة نحو الحياة الطبيعية تمهيدا لعملية الانطلاق نحو الازدهار. ولا يمكن لاحد ان يدعي أو يزعم انه لن تكون هناك تأثيرات مترتبة علي ما حدث علي ضوء الحساسية المفرطة للوضع الاقتصادي. ان اهم عوامل جذب الاستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية والتي نحتاجها في مرحلة بناء الدولة المصرية.. هي الثقة التي لا يمكن توافرها بدون الاطمئنان الي الاستقرار القائم علي رسوخ دعائم دولة الدستور والقانون. ان قيام العلاقة بين الدولة والمستثمر لابد ان تكون علي اساس القوانين واستقرارها وشمولها بالاحترام الواجب من كل سلطات الدولة. ان أي اهتزاز في هذا الجانب يعني احساس المستثمر بأنه لا وجود للمقومات التي تضمن حقوق استثماراته علي اساس من العدل وليس وفقا لهيمنة ومزاج وتوجهات أي سلطة من سلطات الدولة. هذا الواقع يمتد ايضا الي ضرورة تصاعد وتيرة المدخرات الداخلية وهو امر لا يمكن التجاوب معه مع غياب مظاهر الاستقرار بفعل القرارات والاجراءات ذات طبيعة الصدمات والمناهضة للقانون.
وعلي اساس أن المرحلة التي تمر بها مصر هي مرحلة ترقب وشكوك ترتبط بعملية الاقدام علي الانغماس في التجربة الديمقراطية.. فان توافر الظروف لعبورها مرهون بتجنب الهزات التي تؤثر علي الاستقرار وعلي التوافق الوطني الذي مازال في حالة ريبة. هذا يتطلب تجنب كل ما يؤجج شعلة الصراعات والصدامات والخلافات خاصة ان الساحة مليئة بالتدخلات والالغام القابلة للانفجار حول الكثير من القضايا ومنها علي سبيل المثال ما يتعلق بعملية اعداد الدستور الدائم. ليس خافيا ان كل هذه العوامل تجعل الطريق نحو التقدم محفوف بالاشواك وتعطيل المسيرة.
لا جدال ان علينا وفي هذه المرحلة ان ندرك اننا يجب ان نكون في سباق مع الزمن من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه خاصة ان احتياجاتنا لمواصلة الحياة تتعاظم يوما بعد يوم بينما تتراجع مواردنا.
ان أخشي ما اخشاه ان يطول هذا المناخ المشوب بالارتباك.. عملية التقاط السياحة، صناعة الامل، لأنفاسها والتي جرت في الشهرين الاخيرين وتعكسه الارقام والبيانات المعلنة التي تشير الي استعادة بعض ما فقدته بنسبة ٠٣٪. ان حساسية هذه الانشطة تجعلها لا تنسجم ولا تتوافق مع اي قلق او اضطراب في الاوضاع الداخلية. ليس جديدا القول اننا في اشد الحاجة الي كل دولار من الدخل السياحي للمساهمة في ترميم اوضاعنا الاقتصادية وتوفير العملة اللازمة لدفع فاتورة استيراد احتياجاتنا المعيشية والانتاجية. ان الحفاظ علي قيمة عملتنا الوطنية والذي تعد سندا مهما هو ايضا من العناصر التي يجب مراعاتها. من ناحية اخري فان تنمية السياحة أمر ضروري باعتبارها مصدرا اساسيا لدعم احتياطنا من العملات الاجنبية والذي تراجع بمقدار الثلثين خلال شهور ما بعد الثورة وحتي الآن.
من الطبيعي وامام الازمة الجديدة التي تطل علينا نتيجة العدوان علي حكم المحكمة الدستورية العليا ان يضع العاملون في مجال السياحة ايديهم علي قلوبهم انتظارا لما يمكن ان تسفر عنه تداعيات هذه الخطوة.
في هذا المجال لابد أن تعمل جميع الاطراف خاصة التي اتاح لها الشعب ان تتولي أي مسئولية علي تحقيق الآمال والاماني. إن أي نجاح أو فشل في مهمة النهوض الاقتصادي سوف يصب في صالحهم سلبا أو ايجابا.