بقلم " محمود كامل
ويستمر الحديث عن الفقراء -الذين نحن منهم- بلذة المبتهج بما تموج به شوارع الدنيا من بدايات لعصر «ثورة الفقراء» ضد أولئك الكبار الذين نزحوا لسنين كل ما تملك الدول الصغيرة من ثروات إلى بلادهم، بداية بعصر «نقل العبيد السود» من بلادهم الإفريقية في رحلات ذهاب بلا عودة إلى القارة الأمريكية، والبيض بنظام «سُخرة» ظالم مات فيه مئات الألوف الذين دُفنوا في حفر بالأرض التي تولوا إصلاحها وزراعتها، ضمن «أبشع رقٍّ» شهدته البرية منذ بدء الخلق إلى أن رُفعت من كل الأماكن الأمريكية لافتة: ممنوع على الكلاب.. والسود!وتقاوَم «ثورة الفقراء» التي شارك فيها الفقراء من البيض والسود معاً.
والتي بدت بشائرها على الأرض الأمريكية منذ قريب، من أجهزة الأمن الأمريكية بأبشع الوسائل منذ تمت الاستجابة لنداء: احتلوا «وول استريت»، حيث حملت الـFBI كل المتمردين على بشاعة الرأسمالية الأمريكية إلى حيث لا يعلم أحد، تماماً مثل البروفة التي جرت بنفس المفهوم في العاصمة لندن منذ شهور، حيث اعتقلت الشرطة البريطانية -بكاميرات الشوارع- كل الذين شاركوا في العصيان، ومعهم لصوص كسروا معارض السلع وحملوا منها ما استطاعوا، وعندما سُئل رئيس الوزراء البريطاني عما فعلته شرطته مما ينافي حقوق الإنسان، قال قولته الشهيرة: هذا الحديث «بعدين».. أمامي الآن مسؤولية حماية أمن الدولة البريطانية.
وتلك أولوية مطلقة!يتبقى بعد ذلك أن أي قراءة لما يدور في العقول التي تقود «ثورة الفقراء» تلك تقول بأن هؤلاء الفقراء الصابرين قد توصلوا إلى «جوهر الثمن» الذي سوف يدفعونه مقابل «الثورة والعصيان»، وهو ما الذي لديهم ليخسروه في هذا المقابل أكثر مما خسره آباؤهم وأجدادهم مقابل عدم الثورة والصبر الطويل بزمان من «العبودية والعيش المهين»، كما أنهم تساءلوا: إلى أي عمق سوف نهبط إذا ما كنا قد وصلنا للحضيض؟ إن ما خسرناه لا يقل عن «كل شيء»، فإذا لم تحقق لنا الثورة شيئاً فلن نخسر أكثر مما خسرناه، وعلى الأقل نكون قد أجبرنا السادة على مراجعة قرون من الظلم والافتئات، وما لم تحققه الثورة الحالية تحققه ثورات الأبناء.. والأحفاد!